24 عامًا على ذكرى كوين بوت: أكبر حوادث قمع المثليين في مصر والعالم

في 11 مايو 2001، شهدت مصر والعالم واحدة من أبرز حملات القمع ضد مجتمع المثليين ومجتمعات الميم، فيما عُرفت لاحقًا على مستوى العالم باسم حادثة “كوين بوت” أو “القاهرة 52”.

في تلك الليلة، داهمت الشرطة المصرية ناديًا ليليًا عائمًا اسمه “كوين بوت” على نهر النيل في القاهرة وتحديدًا بالزمالك، واعتقلت 36 رجلاً من المتواجدين في النادي تحت مزاعم ممارسة العلاقات الجنسية المثلية. تم ضم رجال آخرين إلى القضية كان قد قُبض عليهم من الشوارع، ليصل إجمالي المعتقلين إلى 52 رجلاً.

وجه إلى المعتقلين تهم بممارسة “الفجور” و”ازدراء الأديان” استنادًا إلى مواد في قانون مكافحة الدعارة والفجور لعام 1961 وقانون العقوبات المصري.

تفاصيل حادثة كوين بوت

تمت محاكمة الضحايا أمام محكمة أمن الدولة العليا، وهي محكمة استثنائية تختص بنظر الجرائم المتعلقة بالإرهاب وأمن الدولة ولا تتيح حق الاستئناف، وهو ما كان تصعيدًا غير مبررًا أو مفهومًا بالنسبة للقضية.

خلال المحاكمة، تعرض الضحايا لتشهير واسع في وسائل الإعلام، حيث نُشرت أسماؤهم وصورهم ومعلوماتهم الشخصية، مما عرضهم لمخاطر اجتماعية ونفسية جسيمة، كما شنت وسائل الإعلام المصرية والناطقة بالعربية حملة كراهية وتضليل ونشر معلومات خاطئة عن عمد بشكل واسع ومكثف يستهدف مجتمع المثليين.

على إثر حملة الكراهية الإعلامية الأكبر ضد المثليين التي شهدتها مصر والمنطقة، انطلقت بالتوازي حملات أمنية لسجن الرجال المشتبه في مثليتهم في مدن مركزية في محافظات مصرية مختلفة مثل الجيزة ودمنهور والمنصورة وغيرها.

تعرض المعتقلين لمعاملة قاسية، شملت الإهانات اللفظية والضرب والحبس في زنازين مكتظة لمدة تصل إلى 22 ساعة يوميًا، دون أسرة أو مرافق أساسية. كما خضعوا لفحوصات طبية قسرية شرجية تهدف إلى إثبات ميولهم الجنسية، وهي ممارسات اعتُبرت تعذيبًا وانتهاكًا صارخًا للكرامة الإنسانية، حسبما قالت هيومن رايتس ووتش.

عامين من محاكمات ضحايا كوين بوت

بدأت المحاكمة بعد ما يزيد عن شهر من الاعتقال في 18 يونيو أمام محكمة جنح أمن الدولة طوارئ، ليصدر الحكم يوم 14 نوفمبر، بعد خمسة أشهر من المحاكمات، وبرأت المحكمة 29 فردًا وأدانت 23 منهم، وحكم على المتهم الأول بخمس سنوات سجن، والمتهم الثاني بثلاث سنوات سجن، تحت تهم ازدراء الأديان بجانب ممارسة الفجور.

في مايو 2002، بعد عام من الحادثة، ألغى مكتب أمن الدولة -التابع لرئاسة الجمهورية- التصديق على الأحكام لـ50 حكمًا من 52 لعدم اختصاص محكمة أمن الدولة في نظر قضايا الفجور، وذلك بعد إدانات دولية وحقوقية واسعة للمحاكمة.

في يوليو 2002 قررت النيابة العامة إعادة محاكمة 21 رجلاً ممن أدينوا أمام محكمة جنح عادية، وفي 15 مايو 2003، بعد الحادثة بعامين، أيد القاضي الأحكام السابقة دون سماع المرافعات.

في 4 يونيو 2003 عقدت جلسة استئناف حضرها أربعة متهمين فقط، وأيد القاضي إدانتهم وخفف الحكم إلى سنة سجن كانوا قد قضوها بالفعل، ليغلق ملف الحادثة أمام المحاكم المصرية -فقط- بعد عامين.

ردود الفعل على حملة كوين بوت

أدانت عشرات منظمات حقوق الإنسان في العالم الحملة الأمنية والإعلامية الشرسة التي استهدفت المثليين، وعلى رأس تلك المنظمات هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية، ورفضت العديد من المنظمات الحقوقية المصرية الدفاع عن الـ52 رجلاً المسجونين، إما بسبب كرههم للمثليين وإما خوفًا من استهداف الإعلام والرأي العام لهم، ولكن ذلك لم يثني بعض المنظمات المصرية من قيادة الدفاع عن المسجونين.

خرجت عشرات التظاهرات في عواصم ومدن خارج مصر للتضامن مع المسجونين مطالبة السلطات المصرية بالإفراج عن المسجونين ووقف ملاحقة المثليين أو من يشتبه في كونهم مثليين، كما طالبوا حكومات بلادهم بالدفاع عن المسجونين، ومن أبرز الإدانات الرسمية، إدانة البرلمان الأوروبي وبعض المشرعين الأمريكيين.

أهمية استمرار الحديث عن كوين بوت والتعريف بها

تُعتبر حادثة كوين بوت نقطة تحول في تاريخ النضال الكويري في مصر والمنطقة والعالم.

مثلت الحادثة لأفراد ونشطاء ومجموعات مجتمعات الميم في العالم رمزية لأشكال القمع والاضطهاد الذي تمارسه السلطات الرسمية ضد المثليين ومجتمعات الميم في العالم مع بداية الألفية الجديدة وفي التاريخ الحديث.

حيث كشفت عن استمرار اضطهاد المثليين وأشكاله البشعة وأهمية العمل العالمي والمشترك لوقفه وحماية المهمشين والأقليات من القمع الرسمي والتحريض على الكراهية والعنف والتشهير ونشر المعلومات الكاذبة من وسائل الإعلام.

كما أن الضحايا الـ52 يستحقون أن نستمر في تذكرهم وتذكر التنكيل والقمع الذي تعرضوا له لمجرد الشك في كونهم مثليين والجهل بهم والتشهير والتضليل الإعلامي الذي جردهم من إنسانيتهم وعاملهم كأعداء للبلد والمجتمع وهدد أمنهم وسلامتهم هم وعائلاتهم، مما تسبب في مغادرة العديد منهم لبلدهم مضطرين لتجنب العنف المجتمعي والعيش في سلام بعد تجربة تسببت في صدمة نفسية كبيرة.

وحتى نتجنب تكرار حادثة كوين بوت أو ما يشبهها في كل مكان.

شروط الاستخدام

محتوى أطياف مرخص برخصة المشاع الإبداعي. يسمح بإعادة نشر المواد بشرط الإشارة إلى المصدر بواسطة رابط تشعبي، وعدم إجراء تغييرات على النص، وعدم استخدامه لأغراض تجارية.