تشير إحدى الخرافات الشائعة والتي نشرها الإعلام بكثرة في السنوات الأخيرة ولعب بعض الأطباء النفسيين والأطباء المختصين دورًا في نشر هذه الخرافة حتى أصبح العديد يصدقوها ومنهم مثليين وأفراد من مجتمعات الميم وهي أن كون الرجل مثليًا أو المرأة مثلية ناتج عن “خلل هرموني” – أي أن الرجال المثليين يفتقرون إلى هرمونات الذكورة مثل التستوستيرون وتزيد عندهم هرمونات الأنوثة مثل الأستروجين، بينما النساء المثليات يفتقرن إلى هرمونات الأنوثة مثل الإستروجين وتزيد عندهن نسبة هرمونات الذكورة مثل التستوستيرون.
لكن هذه الخرافة غير صحيحة تمامًا ولا أساس علمي لها وغالبًا ما يتعمد بعض الأطباء نشرها في وسائل الإعلام وعبر وسائل التواصل الاجتماعي إما لأغراض شخصية مثل التربح من خرافة علاج المثلية أو نظرًا لأنهم يرفضون ويكرهون لمجتمع المثليين.
نوضح أصول هذه الخرافة المنتشرة:
الخلل الهرموني ليس سبب المثلية والتوجه الجنسي عامةً
أولًا وقبل كل شيء، أن تكون رجلاً مثليًا أو امرأة مثلية أو شخص مزدوج التوجه الجنسي (بايسكشوال، أي ينجذب للرجال والنساء معًا، أو مغاير جنسيًا (أي رجل ينجذب للنساء فقط وامرأة تنجذب للرجال فقط) ليس اضطرابًا أو خللاً هرمونيًا أو جسديًا أو نفسيًأ.
تُقرّ المنظمات الطبية والنفسية الكبرى والرئيسية حول العالم – بما في ذلك الجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين، ومنظمة الصحة العالمية، والجمعية الطبية الأمريكية – بأن التوجه الجنسي جزء طبيعي وعادي من التنوع البشري.
ما هو التوجه الجنسي؟
التوجه الجنسي هو نمط انجذاب الشخص العاطفي والرومانسي والنفسي و/أو الجنسي للآخرين. يكون التوجه الجنسي مستقرًا مع مرور الوقت، ولا يمكن تغييره بالعلاج أو الأدوية أو مستويات الهرمونات.
لا “يصبح” الأشخاص مثليين أو مثليات بسبب اختلالات هرمونية في مرحلة الطفولة والنشأة والبلوغ أو بعدها عكس ما هو شائع عند البعض.
بل إن الخلل الهرموني في هرمونات الذكورة والأنوثة يكون لها تأثيرات مختلفة على الجسد ولا تلعب أي دور في الميول والتوجه الجنسي للشخص.
ما نتيجة تحليلات الهرمونات لدى البالغين المثليين والمغايرين؟
أظهرت الدراسات مرارًا وتكرارًا أن:
- عادةً ما يكون لدى الرجال المثليين مستويات طبيعية من هرمون الذكورة وهو التستوستيرون، تمامًا مثل الرجال المغايرين.
- عادةً ما يكون لدى النساء المثليات مستويات طبيعية من هرمون الأنوثة وهو الإستروجين، تمامًا مثل النساء المغايرات.
لا يوجد فرق ثابت أو موثوق في مستويات الهرمونات لدى البالغين بين المغايرين والمثليين.
الفكرة المنتشرة عن أن الرجال المثليين أقل “ذكورة” وأكثر “أنوثة” هرمونيًا، أو أن النساء المثليات أقل “أنوثة” وأكثر “ذكورة” هرمونيًا، هي مجرد صورة نمطية وتصور ذهني خاطئ ولا يوجد له أساس علمي أو طبي موثوق.
الرجولة والأنوثة لا علاقة لها بالميول الجنسية للفرد
يخلط بعض الناس بين التعبير الجندري (أن يكون الشخص أكثر ذكورة أو أنوثة في السلوك أو المظهر والحديث) والميول الجنسية.
بعض الرجال المثليين رجوليين للغاية، والبعض الآخر أنثوي أو بنوتي والعكس صحيح بالنسبة للمثليات كما أن بعض الرجال والنساء المغايرين رجوليين للغاية وبعض النساء والرجال المغايرين أنثويين أو بنوتيين وبعضهم تعبيراته الجندرية وسط بين الأنوثة والرجولة، تمامًا مثلهم مثل الرجال والنساء مزدوجي التوجه الجنسي (بايسكشوال).
لا توجد علاقة بين التعبير الجندري أو رجولية الشخص أو أنوثته وبين ميوله أو توجهاته الجنسية، لأن الأمرين مختلفين ومنفصلين تمامًا.
الخلاصة:
الخلل أو الاضطراب الهرموني ليس سببًا في المثلية الجنسية وكون الرجل مثليًا والمرأة مثلية.
الميول الجنسية جزء طبيعي وعادي من التنوع البشري في الهوية الجنسية، وتتشكل الميول الجنسية من خلال مجموعة من العوامل المعقدة الوراثية وغير المعروفة علميًا بالتفصيل في الوقت الحالي وهذا يشمل كل الميول الجنسية وليس المثلية الجنسية وحدها، ولا تلعب مستويات أو معدل الهرمونات أو اختلالاتها لدى البالغين أي دور في تشكيل أو تحديد الميول الجنسية للفرد.
مثال، الرجل البنوتي لا يعاني من خلل في الهرمونات بل أن تعبيراته الجندرية تنبع من تفضيلاته الشخصية في التعبير عن ذاته سواء بالتصرف والكلام أو اللبس.
كذلك الأمر بالنسبة للرجل الرجولي أو المحايد في التعبيرات عن نفسه بكونه لا يتبنى تعبيرات جندرية رجولية أو تعبيرات جندرية أنثوية.
تتسبب المعلومات المغلوطة حول اضطرابات أو خلل الهرمونات والميول الجنسية في نشر الجهل والرفض والكراهية والعنف تجاه المثليين وحتى بين المثليين أنفسهم. يساعد فهم العلم والحقائق المثبتة والتخلص من المعلومات المغلوطة والصور الذهنية الخاطئة على نشر المعلومات الحقيقية والتعاطف والاحترام والتثقيف الدقيق حول التنوع البشري بين كل الناس.