تنتشر العديد من المفاهيم الخاطئة والخرافات حول المثلية الجنسية والمثليين، والتي قد تُسهم في سوء الفهم والكراهية والعنف تجاه المثليين.
حاولنا إحصاء الخرافات المنتشرة عن المثلية والمثليين إلا إنها لا تُحصى ولكن من أجل تسهيل المهمة، اختصرنا الخرافات لأكثر 10 خرافات شيوعًا بين المغايرين وحتى المثليين أنفسهم.
- المثلية نتيجة اعتداء جنسي في الطفولة
من المفاهيم الخاطئة الشائعة التي لا تزال تُتداول بكثرة، رغم أن الأدلة العلمية تُثبت عكسها، فكرة أن المثلية الجنسية نتيجة اعتداء أو صدمة جنسية حدثت في مراحل الطفولة والنشأة والبلوغ وأن كل طفل مر بتجربة مؤسفة من اعتداء أو عنف جنسي أو اغتصاب سوف يكون مثليًا عندما يبلغ.
هذا الاعتقاد ليس مُضلّلًا ومغلوطًا فحسب، بل ضار ومؤذي للأطفال ضحايا العنف الجنسي وللمثليين وخاصةً المثليين الذين تعرضوا للعنف الجنسي.
معدلات الميول الجنسية المثلية بين الناجين من الاعتداء الجنسي والصدمات الجنسية تمثال معدلات الميول الجنسية الأخرى لدى عامة السكان.
مما يعني أن الصدمة لا تُؤدي إلى تغيير في التوجه الجنسي، لأنه لو كان الاعتداء الجنسي في مرحلة الطفولة عاملاً رئيسيًا في تحديد التوجه الجنسي، ستكون النتيجة ارتفاع معدل المثليين بين الناجين من الاعتداء من معدلاتها لدى عامة السكان، ولكن هذا ليس صحيحًا، حيث تعرض أشخاص مغايرين ومزدوجي التوجه الجنسي ولاجنسيين إلى اعتداءات وعنف جنسي في الطفولة.
- المثلية مرض نفسي ويمكن علاجها أو تغييرها
المثلية ليست مرض ولا يوجد علاج لها ومحاولة علاجها تضر الأشخاص ولن تفيدهم بأي شيء.
تجمع الأبحاث العلمية على أن الانجذابات والمشاعر والممارسات المثلية تُعدّ ضمن التنوعات الطبيعية والإيجابية في التوجه الجنسي عند البشر والكائنات الحية.
كما توجد مجموعة كبيرة من الأدلة العلمية التي تؤكد على أن الميول الجنسية المثلية تتوافق تمامًا مع الصحة النفسية العادية والقدرة على العيش بشكل طبيعي وعادي والتكيف مع المجتمع والأداء العام العادي.
محاولات علاج المثلية غير فعالة بل تؤذي الصحة النفسية لضحاياها وتصيبهم باكتئاب حاد وتشجعهم على الإنتحار وبعضهم للأسف ينتحرون بالفعل. كما أنها مضيعة للوقت واستنزاف للأموال والصحة.
وأدرك عدد كبير من المنظمات والمؤسسات الطبية والنفسية والعلمية حول العالم وخاصة الكبرى منذ زمن طويل أن تصنيف المثلية الجنسية كاضطراب نفسي كان خطأ كبيرًا جدًا.
وقالت تلك المنظمات أن محاولة تغيير الميول الجنسية المثلية مضرة وتؤثر على الصحة النفسية والجسدية للمثليين وأن من يدعي أنه يمكن علاج المثلية فهو كاذب ويروح لعلوم كاذبة.
- المثلية ستنتهي بالمنع والسجن والقتل
هذه الفكرة ليست خاطئة فحسب بل إنها خطيرة، لأن المنع من الظهور لن يُنهي المثليين كما أن سجنهم وقتلهم لن يُنهي وجودهم.
لن يُنهى الاضطهاد والتنكيل والعنف والسجن والقتل تطور الميول الجنسية المثلية داخل الأفراد كـ جزء من تطور هويتهم الذاتية المركبة.
بل سيتسبب الاضطهاد في زيادة الاكتئاب والقلق والانتحار والعنف الجسدي وانتشار الأذى والصدمات ليس بين المثليين وحدهم ولكن بين كافة المجتمع بما إن المثليين جزء من النسيج المجتمعي.
كما أن هذه الأفكار غير أخلاقية لأنها تجرد فئة كاملة من الناس من أبسط الحقوق -على أساس هويتها- وهي الحق في الحياة بجانب الحق في العيش الكريم والآمن والحر دون خوف أو قلق أو ملاحقة أو مداهمة.
بجانب أن تواجد هذه الأفكار والتسامح معها يفتح الباب مستقبلاً لأفكار مشابهة ضد فئات أخرى من المجتمع مثل الأقليات الدينية والعرقية والثقافية وغيرهم من المختلفين والأقليات.
- المثلية شذوذ ومخالفة للطبيعة
المثلية الجنسية ليست شذوذًا ولا تخالف الطبيعة. بل إن المثلية الجنسية جزء طبيعي وعادي من التنوع في التوجه الجنسي البشري وعند الكائنات الحية مثل الطيور والحشرات والحيوانات.
لُوحظت المثلية الجنسية لدى أكثر من 1500 نوع من الحيوانات، مما يشير إلى أن السلوك المثلي جزء من التنوع البيولوجي الطبيعي.
تُظهر العديد من الأنواع والفصائل الحية، من الثدييات والطيور والحشرات، سلوكيات جنسية مثلية مع نفس الجنس بأشكال مختلفة، سواءً للتزاوج أو الترابط الاجتماعي أو لأسباب أخرى.
كما تتنوع التوجهات الجنسية البشرية، ويُعتبر التوجه الجنسي، بما في ذلك المثلية الجنسية، جزءًا طبيعيًا وعاديًا من هذا التنوع.
- المثلية سببها خلل هرموني
الخلل أو الاضطراب الهرموني ليس سببًا في المثلية الجنسية وكون الرجل مثليًا والمرأة مثلية ولا تلعب مستويات أو معدل الهرمونات أو اختلالاتها لدى البالغين أي دور في تشكيل أو تحديد الميول الجنسية للفرد.
الفكرة المنتشرة عن أن الرجال المثليين أقل “ذكورة” وأكثر “أنوثة” هرمونيًا، أو أن النساء المثليات أقل “أنوثة” وأكثر “ذكورة” هرمونيًا، هي مجرد صورة نمطية وتصور ذهني خاطئ ولا يوجد له أساس علمي أو طبي موثوق.
أظهرت الدراسات مرارًا وتكرارًا أن عادةً ما يكون لدى الرجال المثليين مستويات طبيعية من هرمون الذكورة وهو التستوستيرون، تمامًا مثل الرجال المغايرين. وعادةً ما يكون لدى النساء المثليات مستويات طبيعية من هرمون الأنوثة وهو الإستروجين، تمامًا مثل النساء المغايرات.
أي أن مستويات الهرمونات لدى البالغين من المغايرين هي نفسها مستويات الهرمونات لدى البالغين من المثليين.
- المثلية سببها الأسرة وسوء التربية
لا يوجد دليل علمي على أن أساليب التربية، أو بنية الأسرة، أو سلوك الوالدين، أو تواجد أحد أفراد الأسرة وغياب الآخر، أو غياب الاثنين تُحدد ما إذا كان الطفل سيكون مثليًا أو مثلية أو مزدوج الميول الجنسية أو مغاير أو لاجنسي أو غيرها من الميول الجنسية وطيفها الواسع والمتنوع.
ينتمي المثليين إلى عائلات متنوعة شأنهم شأن أي إنسان في العالم بغض النظر عن ميوله الجنسية، حيث قد تكون عائلاتهم صارمة، أو متساهلة، أو داعمة، أو مُهملة، أو مكونة من أب واحد أو أم واحدة نظرًا للانفصال أو السفر أو الوفاة لأحدها، أو عائلة من أب وأم موجودين وحاضرين، أو عائلة متدينة، أو عائلة غير متدينة، أو حنونة، أو جامدة وكل ما بينهما أو غير ذلك.
لو كانت التربية هي السبب، كان سيوجد نمط ثابت لشكل العائلة التي يكون أحد الأبناء أو أكثر من ابن فيها مثليين أو مزدوجي التوجه الجنسي أو لاجنسيين أو غيرها ولكن لا يوجد نمط واحد ثابت ومحدد.
مما يعني أن طبيعة العائلة وشخصيات أفرادها وطريقة التربية لا تلعب أي دور في كون الشخص مثلي أو مغاير أو مزدوج الميول الجنسية أو لاجنسي أو غيرها.
- المثلية تسبب الأمراض الجنسية مثل الإيدز
الأمراض الجنسية مثلها مثل كافة الأمراض ولا تنتقل إلى الناس على أساس ميولهم الجنسية وأي شخص معرض للإصابة بالأمراض الجنسية بغض النظر عن ميوله الجنسية سواء كان مغاير أو مثلي أو مزدوج التوجه الجنسي أو لاجنسي.
لا يعني ارتفاع معدل الإصابة بين فئات معينة من السكان أن الأمراض تنجذب إلى هؤلاء الفئات أكثر من غيرهم أو أنهم المسؤولين عن انتشار الأمرض، وإنما يعني ذلك، أن الخدمات الصحية المقدمة والتوعية الطبية لا تراعي الفئات الأكثر هشاشة وأقل تمينكًا وأكثر عرضة للخطر في المجتمع.
لا يكمن الحل في نشر معلومات خاطئة والتحريض على الكراهية والعنف وإنما يكمن في توفير خدمات صحية أكثر وتوعية السكان بشكل عام مع التركيز على الفئات الأكثر عرضة للإصابة بسبب الهشاشة الصحية والمجتمعية والاقتصادية وغيرها.
تتسبب هذه الأفكار في نشر الوصم والكراهية ضد المصابين بالأمراض الجنسية والمتعايشين مع فيروس نقص المناعة المسبب لمرض الإيدز وتمنعهم من اللجوء إلى الفحص الطبي وتلقي العلاج اللازم خوفًا من الرفض والوصم والكراهية والعنف مما يؤثر على الصحة العامة للسكان بشكل سلبي.
- المثلية مستوردة من الغرب
لا، المثلية الجنسية ليست مستوردة من الغرب ولم تأتِ منه.
المثلية الجنسية جانب طبيعي من التنوع البشري، كونها توجه جنسي طبيعي وعادي، وليست ثقافة أو فكر أو عادة، كما أنها موجودة عبر التاريخ منذ وجد الإنسان وعبر الثقافات المختلفة، حتى كانت المثلية والمثليين موجودين قبل ظهور مفهوم “الغرب” الحديث بوقت طويل.
أقام الأشخاص من نفس الجنس علاقات عاطفية وجنسية في مجتمعات مختلفة حول العالم لآلاف السنين وحتى قبل ابتكار مصطلحات تعبر عن هذه العلاقات مثل مصطلح “المثلية الجنسية” أو غيرها من المصطلحات التي نستخدمها في يومنا هذا.
وثّقت العديد من الحضارات القديمة، بما في ذلك حضارات مصر واليونان وروما والصين والهند وأفريقيا وحضارة المايا وقبائل السكان الأصليين في أمريكا الشمالية والجنوبية، علاقات بين أشخاص من نفس الجنس.
إن فكرة أن المثلية الجنسية “جاءت من الغرب” تتجاهل التاريخ الغني والمتنوع للعلاقات المثلية عبر مختلف الثقافات والعصور والموجودة قبل الاستعمار والصعود الأوروبي والغربي.
كما تتجاهل الحقائق التاريخية بأن أوروبا والغرب لعبوا دورًا أساسيًا في تبني عشرات الدول حول العالم قوانين وآراء ثقافية مؤسسية تجرم المثليين مع الاستعمار الأوروبي وسيطرة التوجهات المسيحية والمجتمعية التقليدية على تلك الدول.
- المثلية تنتشر بسبب الترويج والتشجيع والتقليد
لا، لا يمكن “الترويج” أو “تشجيع” المثلية الجنسية بالطريقة التي قد يتصورها البعض.
التوجه الجنسي بما فيه المثلية الجنسية، جزءٌ متأصلٌ في هوية الشخص، ويتطور بشكل طبيعي، ولا يمكن تغييره أو التأثير عليه أو تعليمه من خلال الكلام أو وسائل الإعلام أو الأفلام والمسلسلات والأغاني أو عبر منشورات وسائل التواصل الاجتماعي أو العوامل الخارجية.
وإلا كان المجتمع كله قد أصبح مغاير جنسيًا بما أن وسائل الإعلام والتعليم والثقافة العامة تخدم وتبرز التوجهات الجنسية المغايرة على مر التاريخ دون غيرها من التوجهات الجنسية مثل المثلية الجنسية وازدواجية التوجه الجنسي واللاجنسية.
لا يهدف التمثيل الإعلامي للمثليين إلى تشجيع الناس على تغيير توجههم الجنسي؛ بل إلى ظهور التجارب المعيشية لأفراد مجتمع المثليين وإبرازها مع التحديات والمشاكل التي يواجهونها في قطاعات ومجالات الحياة المختلفة مثل القطاع القانوني والصحي والتعليمي والاقتصادي والثقافي وغيرها والتي تمنعهم من العيش الكريم مثل باقي البشر، مما يساعد على خلق مجتمع أكثر شمولاً وتعاطفًا وأكثر أمنًا وسلامًا.
- المثلية مكتسبة وليست طبيعية
لا، المثلية الجنسية ليست شيئًا يكتسبه الشخص مثل أن يكتسب عادة أو سلوك ما، بل إن المثلية الجنسية ميول جنسية طبيعية وجزء لا يتجزأ عن هوية الشخص ويولد بها.
كما أن المثلية الجنسية تنوع طبيعي في التوجه الجنسي البشري وعند الكائنات الحية، حيث توجد المثلية الجنسية عند كل الكائنات الحية الموجودة على الكوكب.
قد يستغرق بعض الأفراد وقتًا في اكتشاف ميولهم الجنسية المثلية وهذا لا يعني أنهم اكتسبوها، بل يعني أنهم نضجوا عاطفيًا بحيث أصبحوا أكثر قدرة على فهم ميولهم وهويتهم الجنسية.
حيث أن اكتشاف الهوية الجنسية يختلف من شخص لآخر وتلعب عوامل مختلفة وذاتية دورًا في رحلة اكتشاف الهوية الجنسية كجزء من اكتشاف الذات وفهمها والتواصل معها.
يُدرك معظم المثليين توجههم الجنسي خلال مرحلة الطفولة أو المراهقة، مع أن توقيت ووضوح هذا الوعي والاعتراف بالميول الجنسية المثلية وتجنب الإنكار قد يختلف من فرد لآخر. يعرف الكثير من المثليين ميولهم مبكرًا، لكنهم يجدون صعوبة في قبولها أو الاعتراف بها لأنفسهم بسبب الضغوط الدينية والمجتمعية والثقافية المحيطة أو الداخلية التي أثرت عليهم نتيجة التربية.
الخلاصة عن الخرافات المنتشرة عن المثلية والمثليين
تُرسّخ الخرافات المنتشرة والشائعة حول المثلية والمثليين من الصور النمطية الضارة وتُسهم في تشجيع الرفض والنفور ولكراهية والعنف تجاه المثليين.
من المهمّ مواجهة هذه المفاهيم الخاطئة والتعامل مع جميع الناس باحترام وتعاطف وتفهم، بغض النظر عن ميولهم الجنسية، والتخلص من الخرافات وتعلم المعلومات الدقيقة عن المثلية والمثليين.