بمناسبة مرور عقد على ثورة 17 فبراير، والتي أطاحت بحكم العقيد معمر القذافي الذي استمر لأكثر من أربعة عقود، قالت منظمة العفو الدولية في تقرير لها، نشر يوم الأربعاء (17 فبراير) أن حكومة الوفاق الوطني الليبية قامت بدمج قادة مليشيات مسلحة ضمن وزارتي الداخلية والدفاع أو ككيانات منفصلة مسؤولة أمام الرئاسة وأدرجتهم في كشوف الرواتب الرسمية.
كما فعلت الحكومات المتعاقبة، بدلاً من محاسبتهم على الجرائم التي ارتكبوها بعد الإطاحة بالقذافي أو أثناء حكمه، وتضمنت جرائم المليشيات المعنية عمليات القتل غير المشروع والاختفاء القسري والتعذيب والتهجير القسري والاختطاف والاستهداف على أساس الهوية.
حيث دمجت حكومة الوفاق الوطني قوة «الردع الخاصة»، والتي تنشط بقوة في طرابلس العاصمة، بقيادة عبد الرؤوف كاره، في وزارة الداخلية عام 2018، ثم نقلتها حكومة الوفاق الوطني لتكون تابعة للمجلس الرئاسي في سبتمبر 2020.
وأضافت منظمة العفو الدولية أنها قامت وهيئات أخرى، بما في ذلك الأمم المتحدة، بتوثيق تورط قوات الردع في عمليات الاختطاف والاختفاء القسري والتعذيب والقتل غير المشروع والعمل القسري والاعتداء على الحق في حرية التعبير واستهداف النساء وأفراد مجتمع المثليين.
وكان الموقع الإعلامي اللبناني رصيف 22 قد نشر في وقت سابق شهادة أحد أفراد مجتمع المثليين قد تعرض للحبس والتعذيب على يد عناصر ميليشيا «الردع الخاصة» بسبب هويته الجنسية.
ومنذ عام 2014، وليبيا مجزأة بين كيانين متنافسين يتنافسان على الشرعية والحكم والسيطرة الإقليمية، وهما؛ حكومة الوفاق الوطني، المعترف بها دوليًا، والقوات المسلحة العربية الليبية، وهي جماعة مسلحة تسيطر على معظم شرق ووسط ليبيا.
وذكر تقرير منظمة العفو الدولية، أن القوات المسلحة العربية الليبية، قامت بضم قادة وأعضاء في ميليشيا ارتكب عمليات قتل جماعي وإلقاء الجثث في المقابر الجماعية وعمليات التعذيب والاختطاف إلى صفوفها.
وأدت المحادثات التي ترعاها الأمم المتحدة إلى الإعلان عن حكومة وحدة وطنية جديدة في 6 فبراير من الشهر الجاري، مكلفة بإجراء انتخابات وطنية في ليبيا في ديسمبر القادم. وتتسلم حكومة الوحدة الوطنية المنتخبة السلطة خلال الأسابيع المقبلة في حال مُنحت الثقة من مجلس النواب الليبي.
ويحظر قانون العقوبات الليبي جميع العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج، بما في ذلك العلاقات الجنسية المثلية الرضائية بين البالغين، ويعاقب المنخرطين فيها بالجلد والسجن لفترة تصل إلى خمس سنوات، حسبما ذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقريرها العالمي لعام 2020، حول حالة حقوق الإنسان في ليبيا، والذي صدر في شهر يناير الماضي.
كما تعتبر غالبية مراكز العلاج النفسي في ليبيا أن المثليين «مضطربين نفسيًا»، وأنه يجب «علاجهم» كي يكونوا مغايرين جنسيًا.
وتتبنى المؤسسات الدينية في ليبيا وجهات نظر إجرامية تجاه المثليين، حيث ترى دار الإفتاء الليبية أن المثليين يجب قتلهم رجمًا، بجانب مؤسسات دينية أخرى تدعم قتل المثليين.
وتستهدف الميليشيات المسلحة المختلفة أفراد مجتمع المثليين أو من يشتبهون في كونهم مثليين، على أساس هويتهم الجنسية. ويُعول على الحكومة الجديدة وجهود الحوار السياسي لوقف الحرب ونشر السلام ومعاقبة الميليشيات المتورطة في جرائم ضد الإنسانية.
وقالت ديانا الطحاوي، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: «على مدى عقد من الزمن، تم التضحية بالمساءلة وتحقيق العدالة في ليبيا باسم السلام والاستقرار. ولم يتحقق أي منهما. وبدلاً من ذلك، تمتع المسؤولون عن الانتهاكات بالإفلات من العقاب؛ بل وتم دمجهم في مؤسسات الدولة، ومعاملتهم باحترام. وما لم يتم تقديم المسؤولين عن الانتهاكات إلى العدالة، بدلاً من مكافأتهم بمناصب السلطة، فإن العنف والفوضى والانتهاكات الممنهجة لحقوق الإنسان، والمعاناة التي لا نهاية لها للمدنيين التي اتسمت بها ليبيا ما بعد القذافي ستستمر دون توقف. ندعو أطراف النزاع في ليبيا، وحكومة الوحدة القادمة، إلى ضمان عدم تعيين المشتبه في ارتكابهم جرائم بموجب القانون الدولي في مناصب يمكنهم فيها الاستمرار في ارتكاب الانتهاكات، وترسيخ الإفلات من العقاب. ويجب تعليق عمل الأفراد المتهمين بارتكاب جرائم حرب في مناصب السلطة في انتظار نتائج تحقيقات مستقلة وفعالة».