رفضت المحكمة الاتحادية العليا في الإمارات طلب ثلاثة إماراتيين رجال ترانس، بتعديل وثائقهم الرسمية لتطابق هويتهم الجندرية، رغم خضوعهم لجراحة تصحيح الجنس منذ عدة سنوات.
الشبان الثلاثة، المعروفون بأسماء مستعارة “سالم”، و”علي” و”محمد”، أجروا عمليات تصحيح الجنس في الولايات المتحدة منذ نحو ثلاث سنوات، ويبدون من حيث المظهر الخارجي كرِجال. ومع ذلك، لا تزال وثائقهم الرسمية مثل جوازات السفر، وبطاقات الهوية، والتأمين الصحي تُصنّفهم كامرأة.
كانوا قد قدموا طلبًا لتعديل هذه الوثائق في عام 2016، لكن محكمة ابتدائية رفضته في مارس من العام الماضي، وجاء الرفض النهائي من المحكمة العليا بتاريخ 31 ديسمبر.
قال محمد (28 عامًا) في حديث لصحيفة ذا ناشيونال: “نشعر بصدمة. كنا واثقين أننا سنكسب القضية. قدّمنا تقارير طبية من أطباء في القطاعين الحكومي والخاص، بالإضافة إلى تقرير من لجنة طبية رسمية. اعتقدنا أن هذه التقارير كانت كافية لتعكس المعاناة التي عشناها طوال حياتنا.”
شملت الوثائق المقدمة تقارير من مستشفيات حكومية تؤكد أن الثلاثة يعانون من الانزعاج الجندري أو اضطراب الهوية الجندرية (Gender Dysphoria)، وهو حالة طبية يشعر فيها الشخص بعدم توافق بين جنسه البيولوجي وهويته الجندرية.
هذا الرفض يتركهم في حالة قانونية غامضة، إذ إن العيش في الإمارات بهوية قانونية أنثوية مع الظهور كمذكر يُعد مخالفًا للقانون. خلال النهار، يضطرون لارتداء العباءة والشيلة في أماكن العمل، وفي المساء يرتدون الكندورة أو الملابس الرجالية، ويحاولون إخفاء ملامحهم الذكورية قدر الإمكان.
قال سالم، في أوائل الثلاثينات من عمره: “نحن بحاجة إلى حل. لا يمكننا الاستمرار في العيش بهذه الطريقة.”
وأضافوا أن عدم قدرتهم على تعديل أوراقهم يعرضهم للتمييز باستمرار بسبب مظهرهم. وأوضح محمد: “تم استبعادي من عملي السابق، وقيل لي إنه لا يُسمح لي باستخدام أي من دورات المياه.”
كما تعرض محمد لموقف محرج عندما زار مربية أسرته المريضة في أحد المستشفيات الحكومية، حيث اتصل أحد الأشخاص بالشرطة معتقدًا أنه رجل متنكر بعباءة، وهي واقعة تزامنت مع حادثة أخرى لرجل ارتدى البرقع وارتكب جريمة في أبوظبي، ما زاد من توتر الوضع.
قال محمد: “ارتديت العباءة لأن عائلتي الممتدة كانت هناك، وفوجئت بخروج رجال الشرطة من المصعد محيطين بي وكأنني مجرم.”
من المتوقع أن يتم إعلامهم بأسباب رفض المحكمة لطلبهم خلال الأسبوع المقبل. وقال محمد: “لدي العديد من التخمينات. أعتقد أن السبب يعود لاعتقادهم بأن ما قمنا به يتعارض مع الدين والثقافة، وربما يخشون أن يتقدم آخرون بطلبات مماثلة.”
وأشاروا إلى أنهم تلقوا تعليقات عدائية على وسائل التواصل الاجتماعي. قال سالم: “وصفونا بالمسوخ. بعضهم قال إننا نستحق الجحيم، وآخرون طالبونا بمغادرة البلاد. أتمنى أن يدرك الناس أن ما نمر به ليس خيارًا، بل هو حالة طبية مثل أي حالة أخرى.”
الترانس والعبور الجنسي في القانون الإماراتي
يُذكر أن إجراءات تصحيح الجنس مسموح بها في الإمارات، لكن المسؤولين يشيرون إلى أن القانون يهدف إلى السماح بالعمليات التصحيحية في حالات العيوب الخَلقية، وليس لمن يختارون تغيير جنسهم استنادًا إلى هويتهم الجندرية.
وينص قانون المسؤولية الطبية لعام 2016 على أن “عمليات تصحيح الجنس يمكن إجراؤها في حال كان الجنس غير واضح، أو في حال وجود خصائص جسدية وجنسية لا تتوافق مع الصفات الفسيولوجية والبيولوجية والوراثية.”
ويؤكد الشبان الثلاثة أن القسم الثاني من القانون ينطبق عليهم، وأنهم اتخذوا قرارهم القانوني بناءً عليه.
وقال سالم في ختام حديثه: “سنواصل النضال، وندعي كي تفهم المحكمة والمجتمع يومًا ما كم نعاني بالفعل.”