في لحظة تاريخية في تلفزيون الأطفال، بثّت قناة ديزني مشهدًا تظهر فيه لأول مرة شخصية مثلية رئيسية تعلن صراحة: “أنا مثلي”.
جاء ذلك في مسلسل آندي ماك (Andi Mack)، حيث يفصح “سايرس غودمان”، الذي يجسده الممثل جوشوا راش، عن ميوله الجنسية لصديقه “جونا” في حلقة مؤثرة اعتُبرت خطوة مفصلية في مسار التمثيل الكويري على الشاشة الصغيرة.
وأصبح مسلسل الكوميديا والتشويق الجديد آندي ماك هو أول مسلسل في تاريخ شركة الإنتاج ديزني به شخصية رئيسية مثلية الجنس في بداية 2018.
وتدور قصة المسلسل حول فتاة تحاول تحديد المكان الذي يلائمها ويلائم شخصيتها، وتحاول إيجاد الكثير من الطرق المذهلة لتعيش حياتها بطريقتها الخاصة، لكن عند عودة شقيقتها الكبرى تأتي بثقافة وتحول كبير في حياتها مما يرسلها إلى مسار مجهول لاكتشاف ذاتها.

ووفقًا لما نقله برنامج صباح الخير أمريكا (GMA)، فإن هذه هي المرة الأولى التي تنطق فيها شخصية على قناة ديزني بعبارة “أنا مثلي”. ورغم أن سايرس كان قد كشف عن ميوله سابقًا لصديقتيه آندي وبافي في حلقات سابقة، إلا أن هذه الحلقة كانت الأولى التي ينطق فيها بهذه الكلمات بشكل مباشر وصريح.
قال الممثل جوشوا راش لـ صباح الخير أمريكا: “تجسيد شخصية سايرس كان من أكثر التجارب متعةً في حياتي. كونه يهوديًا، ومراهقًا يبلغ من العمر 14 عامًا، ويذهب إلى المدرسة الإعدادية، ولديه مجموعة صغيرة ومترابطة من الأصدقاء، ومثليًا، كلها أجزاء من شخصيته”.
يأتي المشهد خلال طقوس الشيفا اليهودية، وهي فترة حداد تُقام بعد وفاة الجدة، ويجد سايرس نفسه مستعدًا لقول الحقيقة لصديقه جونا، الذي يجسده الممثل آشر أنجل.
وقد نالت هذه الحلقة، التي حملت عنوان واحد من المينيان (One in a Minyan)، إشادة واسعة بفضل حساسيتها العاطفية واحتفائها بالهوية الدينية والثقافية.
وأضاف الممثل جوشوا راش أن ردود فعل الجمهور كانت “إيجابية بشكل كبير”، موضحًا: “خلال الأيام الماضية، رأيت بوضوح كيف أثّر هذا المشهد على المعجبين، سواء من حيث مشهد إعلان الميول الجنسية المثلية، أو تمثيل العائلة اليهودية”.
أما كاتب الحلقة، جوناثان هورويتز، فقد استلهم تفاصيلها من تجربته الشخصية، كما كشف في مقال نشره على موقع GLAAD، حيث قال: “بوصفي يهوديًا، وأعاني من القلق طويل الأمد، وقد أعلنت ميول الجنسية المثلية لأصدقائي وعائلتي، أردت أن أُقدّم هذا
المشهد بالطريقة الصحيحة”.
شارك هورويتز قصة إعلانه ميوله المثلية الأولى لأحد أصدقائه في الجامعة عام 2010، والتي ألهمت الطابع البسيط والهادئ للمشهد في المسلسل: “طلب مني صديقي أن أناوله الكاتشاب، فناولته الزجاجة وتمتمت: ‘أنا مثلي’. نظر إلي وقال ‘جميل’ وأكمل تناول البرجر.
حينها شعرت بالصدمة: هل هذا كل شيء؟ لكنني أدركت لاحقًا أن أصدقائي وعائلتي أحبوني كما أنا، حتى قبل أن أتعلم أن أحب نفسي”.
وأضاف هورويتز أن رحلة سايرس تعكس هذه التجربة، قائلًا: “رغم توتر سايرس أثناء حديثه مع بافي وآندي، ثم جونا، إلا أنه يستخف بمدى تقبّل الآخرين له. فبغض النظر عن شعوره بالغرابة أو الاختلاف، فإن أصدقاءه يقفون إلى جانبه ويدعمونه دومًا”.
الممثل جوشوا راش، الذي لطالما عبّر عن دعمه للشباب من مجتمع الميم وشارك في حملات ضد التنمر، تحدّث أيضًا عن الصدى الشخصي للدور: “كنت أتعرض للتنمر كثيرًا عندما كنت في عمر سايرس. من الملهم أن أرى كيف أن سايرس لا يدّعي أنه يعرف كل شيء عن نفسه، لكنه لا يخشى طرح الأسئلة الصعبة حول هويته ومعناها”.
وفي تغريدة، وصف جوشوا راش الحلقة بأنها “محطة بارزة” في مشواره، مضيفًا: “كل يوم في هذا العمل هو نعمة”.
يمثل هذا التطور أهمية كبرى، خاصةً وأن تمثيل شخصيات من مجتمع الميم في التلفزيون قد يكون مصدر دعم معنوي كبير لكثير من الشباب.
وعلّق بروك دامفيل، مدير خدمات الأزمات في منظمة “مشروع تريفور” التي تنشط في الدفاع عن حقوق مجتمع الميم وخاصةً الصحة النفسية، قائلًا: “أفضل طريقة لدعم صديقك هي الاحتفاء به لأنه يتخذ قرارات يشعر أنها صحية له، حتى وإن كانت هذه القرارات تعني عدم مشاركة حقيقة ميوله الجنسية مع أحد في الوقت الراهن”.