تمثيل التنوع في السينما: أداء هامر يعكس عمق العلاقات الإنسانية وتطور صورة المثلية في الفن السابع
في خطوة جديدة نحو تمثيل أوسع وأكثر صدقاً للتجارب الإنسانية المتنوعة، يشارك الممثل الأمريكي الشهير آرمي هامر في فيلم Final Portrait وذلك بعد فيلم Call Me by Your Name مجسداً شخصية رجل مثلي الجنس للمرة الثانية خلال عام واحد.
يأتي هذا الدور في سياق يتزايد فيه الحضور السينمائي لشخصيات من مجتمع الميم (LGBTQ+)، في محاولة لتعزيز الشمول والتنوع داخل الإنتاجات السينمائية العالمية.
خلفية الفيلم وأحداثه: رحلة فنية وصداقة عميقة في باريس الستينيات
تدور أحداث الفيلم في عام 1964، عندما يسافر الكاتب وعاشق الفن جيمس لورد، الذي يؤدي دوره آرمي هامر، إلى العاصمة الفرنسية باريس في زيارة قصيرة. هناك، يطلب منه الفنان الشهير ألبرتو جياكوميتي (ويجسده الممثل الأسترالي المخضرم جيفري راش) أن يجلس له كي يرسم له لوحة شخصية.
وبينما كانت اللوحة مقررة أن تُنجز خلال أيام معدودة، تتحول هذه الجلسات إلى عملية طويلة ومعقدة، تعكس عبقرية جياكوميتي وتردده الدائم، وتكشف في الوقت ذاته عن تعقيدات العلاقة الإنسانية التي تربطه بجيمس.
تمثيل العلاقات المثلية في السياق الفني
ما يميز فيلم Final Portrait ليس فقط أنه عمل فني عن فنان، بل أنه يقدم في خلفيته علاقة مثلية يُلمح إليها ضمنيًا، مما يضيف بعدًا إنسانيًا ورومانسيًا نادرًا في هذا النوع من الأفلام.
ورغم أن الفيلم لا يدور حول قصة حب مثلية صريحة، إلا أن آرمي هامر يقدم أداءً يجسد عمق التعاطف والانجذاب العاطفي بين شخصين من نفس الجنس، بعيدًا عن الصور النمطية أو الإثارة الزائفة.
ويُعد هذا الدور استمرارًا لاختيارات هامر في تقديم شخصيات من مجتمع الميم بواقعية واحترام، بعد أدائه لدور أوليفر في فيلم Call Me by Your Name الذي أثار ضجة واسعة عام 2017.
النقد الفني وردود الفعل على أداء هامر
نال الفيلم، الذي أخرجه الممثل والمخرج البريطاني ستانلي توتشي، استحسانًا من قبل النقاد، لا سيما في الطريقة التي تم بها تصوير عالم الفنانين في باريس الستينيات، والخطوط العاطفية التي تشكلت بين الشخصيتين الرئيسيتين.
أشاد النقاد بأداء آرمي هامر، معتبرين أنه يجيد تقديم شخصيات داخلية التركيب، ويملك قدرة نادرة على التعبير عن التعقيد العاطفي بدون الحاجة إلى حوار كثير. كما أن الكيمياء بينه وبين جيفري راش كانت أحد أبرز عناصر نجاح الفيلم.
أهمية التمثيل السينمائي لمجتمع الميم
مع تزايد الدعوات لتوسيع التمثيل السينمائي للأقليات، يشكل فيلم مثل Final Portrait نموذجًا للأعمال التي تقدم شخصيات من مجتمع الميم بطريقة حساسة وإنسانية. ويشير الباحث في دراسات السينما، الدكتور أليكس مانينغ، إلى أن “رؤية شخصيات مثلية في سياقات تاريخية وفنية يفتح المجال لفهم أعمق لتنوع التجربة الإنسانية، ويكسر النمطيات السائدة في تصوير المثلييين على الشاشة”.
خطوة أخرى نحو تمثيل سينمائي أكثر تنوعًا
بينما لا يزال أمام صناعة السينما طريق طويل لتقديم تمثيل متكافئ لكافة أشكال الهوية الجنسية، فإن أعمالًا مثل Final Portrait، ودور آرمي هامر فيه، تمثل تقدمًا ملحوظًا في هذا الاتجاه. إن اختيار ممثل بحجم هامر لأداء مثل هذه الأدوار يعزز من قبول المجتمع السينمائي والجمهور لفكرة أن تمثيل المثليين ليس موضوعًا محظورًا، بل جزء من سرد الحياة الإنسانية بكل أبعادها.