في خطوة تاريخية تعبّر عن التقدّم التدريجي لحقوق الإنسان والمساواة في أمريكا اللاتينية، انتُخبت كلوديا لوبيز كأول امرأة تشغل منصب عمدة العاصمة الكولومبية بوغوتا، كما أنها أول شخص من مجتمع الميم-عين (الكويريّين والكويريات) يتولى هذا المنصب الرفيع في البلاد.
يُعد فوز لوبيز بالانتخابات البلدية التي جرت في أكتوبر 2019 علامة فارقة في الحياة السياسية الكولومبية، وانتصارًا كبيرًا لحقوق مختلفي التوجهات الجنسية والهويات الجندرية في كولومبيا والقارة اللاتينية ككل.
من هي كلوديا لوبيز؟
تنتمي كلوديا لوبيز إلى التيار التقدمي، وتُعرف بدفاعها الصريح عن قضايا حقوق الإنسان، ومكافحة الفساد، وتمكين المرأة، وحقوق مجتمع الميم. وهي صحفية سابقة ونائبة سابقة في الكونغرس الكولومبي، وبرزت بفضل مواقفها السياسية الجريئة وقدرتها على كسر التقاليد المحافظة في المشهد السياسي المحلي.
تخرجت لوبيز من جامعة كولومبيا في نيويورك، وكانت قد كشفت عن ميولها الجنسية علنًا قبل سنوات، وتعيش في علاقة معلنة مع عضوة مجلس الشيوخ “أنجيليكا لوزانو”.
انتخاب تاريخي لعاصمة تحتضن التعدد
تُعد بوغوتا، المدينة التي يزيد عدد سكانها عن 7 ملايين نسمة، من أبرز العواصم اللاتينية المؤثرة سياسيًا وثقافيًا، ويُنظر إلى انتخاب لوبيز كرسالة واضحة على نضج الديمقراطية في البلاد، واستعداد المجتمع لتقبّل التعدد والاختلاف.
وقد حصلت لوبيز على أكثر من 1.2 مليون صوت في الانتخابات، متفوقة على أقرب منافسيها في مشهد انتخابي شهد مشاركة كبيرة من الناخبين، ودعمًا واسعًا من الشباب والنساء والمجتمع المدني.
أوضاع مجتمع الميم في أمريكا اللاتينية
رغم التحديات المستمرة، تُعد كولومبيا واحدة من الدول اللاتينية التي أحرزت تقدمًا ملحوظًا في حقوق مجتمع الميم خلال العقد الأخير. فقد شرّعت البلاد الزواج المتساوي منذ عام 2016، وسُمح للأزواج المثليين بتبنّي الأطفال، كما حظيت الحماية القانونية ضد التمييز على أساس التوجه الجنسي أو الهوية الجندرية بمكانة دستورية.
لكن بالرغم من هذا التقدم القانوني، لا تزال المجتمعات الكويرية تواجه تحديات ميدانية متعلقة بالعنف المجتمعي، والتمييز في سوق العمل، والصورة النمطية في الإعلام.
في هذا السياق، يُمثل صعود شخصية كـ لوبيز إلى السلطة التنفيذية في العاصمة خطوةً مهمة في مسار التمثيل السياسي وتمكين أفراد الميم في مناصب صنع القرار.
ردود الأفعال والدلالات
عبّر العديد من النشطاء الحقوقيين في كولومبيا وخارجها عن سعادتهم بهذا الحدث، معتبرين أنه “أكثر من مجرد فوز سياسي”، بل هو انتصار للتمثيل، والتعدد، والكرامة.
وغرّدت لوبيز بعد فوزها قائلة:
“هذا اليوم تاريخي لكل الفتيات الصغيرات، ولكل مجتمع الميم، ولكل من يحلم بالتغيير. لقد أثبتنا أن الحب ينتصر دائمًا.”
مستقبل أكثر شمولًا
يمثّل انتخاب كلوديا لوبيز محطة أمل، ليس فقط لأفراد مجتمع الميم في كولومبيا، بل لكل من يسعى لعالم أكثر عدلًا وشمولًا. إنّ وجود شخصيات سياسية تنتمي لمجتمعات مهمشة في مراكز القرار، هو بحد ذاته انتصار، ورسالة إلى الأجيال القادمة بأن التغيير ممكن، والاختلاف ليس عائقًا، بل مصدر قوة.