في تصريح رسمي أعاد تسليط الضوء على الجدل المتواصل حول قضايا مجتمعات الميم داخل المؤسسات الدينية، أعلن المطران منير حنا، رئيس الطائفة الأسقفية في مصر وشمال أفريقيا والقرن الأفريقي، موقف الكنيسة الأسقفية الرافض لزواج المثليين، معتبرًا أنه “يتعارض مع تعاليم الكتاب المقدس والسيد المسيح”، على حد تعبيره.
وجاء هذا التصريح في سياق نقاش متنامٍ داخل العديد من الكنائس حول العالم بشأن الموقف من قضايا مجتمعات الميم (LGBTQ+)، وفي ظل انقسامات واضحة بين الكنائس في الشمال والجنوب العالمي حول مدى قبول المثلية الجنسية وزواج المثليين داخل الأطر الكنسية.
بيان رسمي سابق يرسّخ الموقف: “لا لزواج المثليين في الكنائس الأسقفية”
أشار المطران منير حنا إلى أن مجلس كنائس جنوب الكرة الأرضية، الذي يتولى رئاسته، كان قد أصدر بيانًا رسميًا في عام 2016 عبّر فيه عن رفض قاطع لزواج المثليين داخل الكنائس الأسقفية.
وأوضح حنا أن البيان نُشر في جميع الصحف حينها، وقد “حظي بترحيب واسع”، حسب تعبيره، مضيفًا أن مؤسسة الأزهر الشريف، كأعلى سلطة دينية إسلامية في البلاد، قد أبدت تأييدها لهذا الموقف.
السياق الإقليمي والدولي: كنائس منقسمة حول الموقف من المثلية
يشهد العالم المسيحي، لاسيما في الكنائس الأنجليكانية، انقسامات حادة بشأن القضايا المتعلقة بالمثلية الجنسية وحقوق المثليين، حيث تميل الكنائس في أوروبا وأمريكا الشمالية نحو تبني مواقف أكثر شمولًا وتقبلًا لأفراد مجتمعات الميم، بما يشمل رسامة قساوسة مثليين أو إجراء مراسم زواج للمثليين.
في المقابل، ترفض كنائس “الجنوب العالمي” – والتي تضم عددًا من الكنائس في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية – هذه المواقف، وتتمسك بتفسير تقليدي محافظ للكتاب المقدس.
ويعكس موقف الكنيسة الأسقفية في مصر هذا التيار المحافظ الذي يرى في زواج المثليين خرقًا للعقيدة وليس مجرد قضية اجتماعية قابلة للنقاش وتمثل أهمية حقوقية وإنسانية كبرى.
تأثير المواقف الكنسية على الخطاب العام في الشرق الأوسط
تعتمد شرائح من المجتمعات الناطقة بالعربية على الخطاب الديني لتبرير التمييز والرفض والكراهية والعنف القانوني والاجتماعي ضد الأفراد المثليين، ويُنظر إلى التصريحات الصادرة من شخصيات دينية بارزة – سواء مسيحية أو إسلامية – باعتبارها مؤثرة في صياغة المواقف الشعبية والسياسات الحكومية.
وتُعد مصر من الدول التي تجرّم المثلية الجنسية فعليًا، وإن لم تنص على ذلك بشكل مباشر في القانون، بل عبر تهم مثل “الفجور” و”التحريض على الفسق”، ويجري استهداف الأفراد بناءً على توجهاتهم الجنسية بشكل متكرر، وفقًا لتقارير حقوقية.
جدل مستمر حول حقوق المثليين ودور الدين
في ظل التطورات العالمية نحو الاعتراف القانوني بزواج المثليين، يزداد الضغط على المؤسسات الدينية التقليدية لإعادة النظر في مواقفها تجاه قضايا التعددية والعدالة بالنسبة لأفراد مجتمعات الميم.
لكن في المقابل، تتمسك بعض الكنائس بتفسيراتها الحرفية للنصوص الدينية، معتبرة أن التغيير في هذا المجال يُعد تنازلاً عن المبادئ.
ويرى مدافعون عن حقوق مجتمعات الميم أن هذه المواقف تعزز مناخ الإقصاء والعنف الرمزي، وتُرسخ صورة نمطية سلبية عن الأشخاص المثليين بوصفهم “خارجين عن الدين أو الأخلاق”، وهو ما يسهم في انتهاك كرامتهم وحقوقهم الإنسانية.
انقسام بين العقيدة وحقوق الإنسان
يبقى ملف زواج المثليين في الكنائس إحدى النقاط الساخنة التي تجمع بين الدين، والسياسة، وحقوق الإنسان، في مواجهة مفتوحة بين قوى التغيير الاجتماعي والسلطات الدينية التقليدية.
وفي حين يرى البعض أن الدين يجب أن يتطور مع الزمن ليحتضن كافة أبنائه، يتمسك آخرون بما يعتبرونه نصًا مقدسًا لا يقبل التأويل. وبين هذين الموقفين، تتشكل يومًا بعد يوم خريطة جديدة للعلاقة بين الدين وحقوق المثليين ومجتمعات الميم في مجتمعاتنا.