في قرار تاريخي يُعد انتصارًا بارزًا لحقوق مجتمع الميم في أمريكا اللاتينية، قضت المحكمة العليا في البرازيل بتجريم الكراهية ضد المثليين والعابرين والعابرات جنسيًا، واعتبارها جريمة مماثلة للعنصرية من حيث العقوبة. يأتي هذا الحكم في ظل تصاعد العنف والخطاب المعادي للمثليين منذ صعود الرئيس اليميني المتطرف جايير بولسونارو إلى السلطة.
حكم المحكمة العليا: الحماية القانونية للمثليين والمتحولين
في جلسة حاسمة عقدت في مايو 2019، صوّت قضاة المحكمة الاتحادية العليا في البرازيل لصالح مشروع قرار يقضي بتجريم الكراهية والتحريض والعنف ضد أفراد مجتمع الميم (LGBTQ+)، واعتبار هذه الجرائم من أشكال التمييز والعنصرية المعاقب عليها في القانون البرازيلي.
وقد جاء القرار بعد سنوات من الضغط الحقوقي، في ظل تقاعس السلطة التشريعية عن إقرار قوانين صريحة تضمن الحماية القانونية لأفراد هذا المجتمع من جرائم الكراهية.
بولسونارو وسياسات معادية للمثليين: خلفية سياسية مقلقة
يتزامن هذا الحكم مع تولي الرئيس جايير بولسونارو، المعروف بمواقفه العدائية تجاه الأقليات الجنسية، والذي لطالما صرّح علنًا بمواقف معادية للمثليين والعابرين جنسيًا. وقد وصف نفسه في إحدى تصريحاته بأنه “فخور بكونه رهابياً للمثلية”، وهو ما أثار موجة واسعة من الإدانة في الداخل والخارج.
منذ صعود بولسونارو للحكم في يناير 2019، سُجّلت في البرازيل واحدة من أعلى معدلات جرائم الكراهية ضد مجتمع الميم في العالم، وفقًا لتقارير “Grupo Gay da Bahia” التي ترصد حالات العنف ضد المثليين في البلاد.
أرقام صادمة: العنف ضد مجتمع الميم في البرازيل
تشير تقارير منظمات حقوق الإنسان إلى أن البرازيل سجلت في السنوات الأخيرة:
- أكثر من 400 حالة قتل سنويًا مرتبطة بالتمييز ضد المثليين والعابرين جنسيًا.
- تصاعد في وتيرة الاعتداءات الجسدية والتحرش والتحريض العلني.
- تغافل متعمد من جانب بعض أجهزة إنفاذ القانون.
في هذا السياق، يُعد قرار المحكمة العليا خطوة تصحيحية بالغة الأهمية، تضمن حماية قانونية لأفراد مجتمع الميم وتوفر آلية للمساءلة.
تداعيات الحكم: حماية من الكراهية… ولكن الطريق لا يزال طويلًا
رغم أن الحكم لا يُعد بمثابة تشريع برلماني دائم، إلا أن اعتباره مرجعية قضائية واجبة التطبيق يمنح القضاة سلطة معاقبة مرتكبي جرائم الكراهية ضد أفراد مجتمع الميم بالسجن، كما هو الحال في جرائم العنصرية.
ويشدد نشطاء حقوق الإنسان على أن الخطوة المقبلة يجب أن تكون إقرار قوانين فيدرالية شاملة تحمي هذه الفئات من التمييز في مجالات التعليم، والعمل، والرعاية الصحية، والسكن.
صوت من داخل المجتمع: الأمل في ظل الظلام
قال الناشط البرازيلي ترانكو لوبيز، في تصريح لشبكة “غلوبو”:
“هذا القرار لا ينهي الكراهية، لكنه ينهي الحصانة التي كان يتمتع بها الكارهون. نحن الآن نملك سلاحًا قانونيًا لحماية أنفسنا.”
وشددت منظمات مثل Amnesty International وHuman Rights Watch على ضرورة مرافقة هذا الحكم بإصلاحات تعليمية وثقافية تضمن احترام التنوع الجنسي والجندري.
نصر قانوني في معركة ممتدة
يمثل قرار المحكمة العليا في البرازيل نقطة تحول مهمة في نضال حقوق مجتمع الميم في واحدة من أكثر دول العالم عنفًا تجاههم، كما يبعث برسالة أمل إلى نشطاء الحقوق والحريات في أمريكا اللاتينية وخارجها.
في وجه الكراهية، يبقى القانون أحد أهم أدوات الحماية. ومع كل حكم كهذا، يقترب العالم أكثر من العدالة والمساواة.