أطياف
بروناي

بروناي تتراجع عن تنفيذ عقوبة رجم المثليين بعد ضغوط دولية

أعلن سلطان بروناي، حسن البلقية، في خطاب رسمي ألقاه بمناسبة حلول شهر رمضان، تراجع بلاده عن تطبيق عقوبة الرجم حتى الموت بحق المثليين، والتي أُقرت رسميًا ضمن تعديلات على قوانين الشريعة الإسلامية في أبريل الماضي. وجاء هذا الإعلان بعد موجة انتقادات واسعة ومقاطعة دولية طالبت بوقف هذه الإجراءات التي وصفت بأنها انتهاك صارخ لحقوق الإنسان.


ردة فعل دولية أجبرت بروناي على التراجع

في أبريل 2019، أعلنت سلطنة بروناي، الدولة الصغيرة الواقعة في جنوب شرق آسيا، عن بدء تنفيذ قوانين مستحدثة مستندة إلى “الشريعة الإسلامية”، تضمنت موادًا تقضي بـ رجم المثليين حتى الموت، وقطع الأطراف في حالات السرقة، وتغليظ العقوبات على العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج.

وقد أثار هذا القرار موجة غضب عالمية، دفعت العديد من الشخصيات العامة والمنظمات الدولية إلى التحرك السريع لمواجهته. من أبرز ردود الفعل:

  • دعوات للمقاطعة شملت سلسلة الفنادق الفاخرة المملوكة لعائلة السلطان، مثل فندق بيفرلي هيلز في لوس أنجلوس ودورتشستر في لندن.
  • انتقادات شديدة من قبل الأمم المتحدة، التي اعتبرت القانون “قاسيًا وغير إنساني”.
  • حملات رقمية قادها نشطاء ومشاهير عالميون مثل جورج كلوني، إلين ديجينيرس، وإلتون جون، طالبوا فيها المجتمع الدولي بفرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية على بروناي.

خطاب السلطان: تراجع جزئي مع استمرار التجريم

في خطابه الذي ألقاه بتاريخ 5 مايو 2019، قال السلطان حسن البلقية إن العقوبات “لن تُنفذ”، مشيرًا إلى أن ذلك يأتي احترامًا لـ “القيم الإنسانية الدولية” و”التفاهم المتبادل”. لكنه في الوقت نفسه لم يُلغِ القوانين المثيرة للجدل، بل أبقى على تجريم العلاقات الجنسية بين الأشخاص من نفس الجنس، ما يعني أن المثليين في بروناي لا يزالون عرضة للملاحقة القانونية.

هذا التراجع الجزئي فُسّر من قبل حقوقيين على أنه محاولة للتهدئة دون تقديم ضمانات حقيقية لحماية الحريات الفردية، وهو ما أكده فيل روبرتسون، نائب مدير قسم آسيا في منظمة هيومن رايتس ووتش، حين قال:

“السلطان لم يُلغِ القوانين، بل جمّد تنفيذها، وهذا لا يكفي. على بروناي أن تلغي العقوبات اللاإنسانية بالكامل، بما في ذلك تجريم المثلية”.


قوانين الشريعة في بروناي: سياق عام ومخاوف حقوقية

بدأت بروناي في تطبيق قوانين الشريعة الإسلامية عام 2014، وأُقرّت على مراحل شملت:

  • فرض عقوبات جسدية مثل الجلد والبتر.
  • تطبيق عقوبات جنائية على أساس الهوية الجنسية.
  • تقييد حرية المعتقد والتعبير.

رغم أن بروناي تُعد من أغنى دول آسيا بسبب احتياطيات النفط، إلا أنها واجهت انتقادات متكررة بشأن تدهور وضع الحريات المدنية وحقوق الإنسان فيها.

ويؤكد مراقبون أن هذه القوانين لا تمثل فقط انتهاكًا للمعاهدات الدولية التي تُعنى بالحقوق الأساسية، بل تتعارض أيضًا مع التزامات بروناي كعضو في رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) التي تنص مواثيقها على احترام سيادة القانون وحقوق الإنسان.


خطوة إلى الوراء تحت الضغط الدولي

بينما اعتُبر التراجع عن تنفيذ عقوبة الرجم خطوة إيجابية من حيث الحد الأدنى، إلا أن بقاء تجريم المثلية في القانون يشكّل تهديدًا مستمرًا على حياة وكرامة المثليين والمثليات في بروناي. ويُعد هذا التراجع الجزئي نتيجة واضحة لضغط عالمي منظّم أظهر أن المجتمع الدولي قادر على دفع الحكومات إلى مراجعة سياساتها القمعية.

ويبقى التحدي الأكبر اليوم هو الضغط المستمر لإلغاء هذه القوانين نهائيًا، وضمان بيئة قانونية تحمي حقوق جميع المواطنين دون تمييز على أساس التوجه الجنسي أو الهوية الجندرية.

شروط الاستخدام

محتوى أطياف مرخص برخصة المشاع الإبداعي. يسمح بإعادة نشر المواد بشرط الإشارة إلى المصدر بواسطة رابط تشعبي، وعدم إجراء تغييرات على النص، وعدم استخدامه لأغراض تجارية.