أعلن سلطان بروناي، حسن البلقية، بدء تنفيذ مجموعة جديدة من العقوبات بموجب قوانين “الشريعة الإسلامية” اعتبارًا من أبريل 2019، تشمل عقوبة الجلد والرجم حتى الموت بحق المثليين والمثليات. القرار أثار موجة غضب عالمية وانتقادات حادة من منظمات حقوق الإنسان، التي اعتبرته انتهاكًا جسيمًا لكرامة الإنسان وحقوق الأقليات الجنسية.
قوانين عقابية تُهدد حياة مجتمع الميم في بروناي
في إطار تطبيق تدريجي لقانون جنائي مستند إلى الشريعة، كانت سلطات بروناي قد بدأت منذ عام 2014 في سنّ تشريعات تجرّم العلاقات الجنسية خارج الزواج والعلاقات المثلية. ومع التحديث الأخير، أصبحت المثلية الجنسية تُعاقب رسميًا بالرجم حتى الموت، وهي من أكثر العقوبات تطرفًا في العالم بحق أفراد مجتمع الميم-عين.
كما تشمل القوانين المعدّلة:
- الجلد لمن يمارس الجنس مع شخص من نفس الجنس دون الوصول إلى “حد الزنا”.
- البتر لمرتكبي بعض السرقات.
- السجن والغرامات لمن يُتهم بالإجهاض أو التجديف أو ارتداء “ملابس غير لائقة” بحسب التفسير الديني.
ردود فعل حقوقية ودولية: دعوات لوقف العقوبات الوحشية
منظمة العفو الدولية دانت الخطوة بشدة، ووصفتها بأنها “قوانين تمييزية تشرّع العنف وتقنّن التعذيب”. كما دعت الأمم المتحدة إلى التحرك العاجل لمنع تنفيذ هذه القوانين، واعتبر المفوض السامي لحقوق الإنسان أن العقوبات “ترقى إلى مستوى التعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية”.
وقالت راشيل شوارتز، من منظمة هيومن رايتس ووتش:
“هذه العقوبات ليست فقط رجعية، بل تنتمي إلى العصور المظلمة، وتُرسل رسالة قاتلة لكل من هو مختلف في ميوله أو هويته.”
وشهدت العديد من العواصم العالمية وقفات احتجاجية أمام سفارات بروناي، فيما أطلقت حملات على الإنترنت تدعو إلى مقاطعة الفنادق الفاخرة التي يمتلكها السلطان، مثل سلسلة “دورشيستر كوليكشن”.
بروناي: بلد صغير بعقوبات كبيرة على الحريات
تقع بروناي، الدولة الصغيرة في جنوب شرق آسيا، على جزيرة بورنيو وتُعد من أغنى دول العالم من حيث دخل الفرد بفضل صادرات النفط والغاز. ومع ذلك، تشتهر البلاد أيضًا بسيطرة السلطان المطلقة، وعدم وجود حياة سياسية ديمقراطية أو حرية تعبير حقيقية.
ورغم أن عدد سكان بروناي لا يتجاوز الـ450 ألف نسمة، إلا أن القرار الجديد سلّط الضوء العالمي على تدهور حقوق الإنسان فيها، خاصة مع فرض العقوبات ذات الطابع الديني على مواطنيها والمقيمين فيها من مختلف الديانات.
الانعكاسات على مجتمع الميم في بروناي
يعيش أفراد مجتمع الميم في بروناي في ظل قوانين خانقة وسرية قسرية، ومع بدء تنفيذ هذه العقوبات، يخشى العديد منهم من الإبلاغ، الابتزاز، وحتى الاعتقال لمجرد الشكوك. ووفق شهادات سرية حصلت عليها منظمات دولية، يعيش العديد من المثليين والمثليات حالة من الذعر والعزلة التامة، وسط مجتمع محافظ لا يرحم الاختلاف.
ويُذكر أن المثلية الجنسية كانت مجرّمة بالفعل في بروناي قبل هذا التعديل، لكن لم تكن العقوبات تصل إلى حد الإعدام. ويُعتبر الرجم حتى الموت تطورًا مرعبًا في سياق التضييق المتزايد على الحقوق الأساسية للأفراد.
اختبار حاسم للمجتمع الدولي
يضع القرار الجديد بروناي في مواجهة مفتوحة مع القانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان العالمية، في وقت تتصاعد فيه الأصوات المطالبة بإلغاء العقوبات الوحشية والمجحفة.
ويُعتبر هذا الحدث دعوة عاجلة لتحرك عالمي منسّق، ليس فقط من الحكومات والمؤسسات الدولية، بل من المجتمعات المدنية والمنصات الإعلامية، من أجل حماية حياة الأفراد وحقهم في الوجود الآمن دون تهديد أو اضطهاد على أساس الهوية الجنسية.