في خطوة تاريخية وغير مسبوقة في السياسة الأمريكية، أدت كيرستن سينيما (Kyrsten Sinema) اليمين الدستورية كسيناتورة في مجلس الشيوخ الأمريكي، لتصبح أول عضوة في هذا المجلس تُجاهر بهويتها كمزدوجة الميول الجنسية (Bisexual). وقد أدت القسم أمام نائب الرئيس آنذاك مايك بنس (Mike Pence)، المعروف بمواقفه المناهضة لحقوق مجتمع الميم-عين، ما أضفى على اللحظة رمزية قوية وإشارة ضمنية للتقدم الاجتماعي والسياسي في الولايات المتحدة.
لحظة رمزية في التاريخ السياسي الأمريكي
في الثالث من يناير 2019، وقفت كيرستن سينيما، السيناتورة المنتخبة عن ولاية أريزونا، لتؤدي اليمين الدستورية في مجلس الشيوخ الأمريكي. ما لفت الأنظار ليس فقط خلفيتها السياسية المستقلة والمثيرة للجدل، بل أيضًا اختيارها أداء القسم على الدستور الأمريكي بدلاً من الكتاب المقدس، في تأكيد صريح على احترام التعددية وفصل الدين عن الدولة.
الحدث كان محمّلًا بالرسائل. فأن تؤدي امرأة مثلية القسم أمام شخصية سياسية لطالما عُرفت بمواقفها المناهضة لمجتمع الميم-عين، هو أمر له دلالات عميقة تتعلق بالصراع من أجل الاعتراف والتمثيل في مراكز صنع القرار.
من هي كيرستن سينيما؟
- من مواليد عام 1976 في ولاية أريزونا.
- بدأت حياتها السياسية كناشطة تقدمية، وانتُخبت لاحقًا لتمثيل ولايتها في مجلس النواب ثم مجلس الشيوخ.
- تُعد سينيما أول امرأة تمثل ولاية أريزونا في مجلس الشيوخ، وأول شخص يجاهر بهويته المزدوجة الميول الجنسية يُنتخب لهذا المنصب على مستوى وطني.
- تعرف بتوجهاتها المستقلة ومواقفها المتأرجحة بين الديمقراطيين والجمهوريين، مما جعلها من الشخصيات الأكثر إثارة للجدل في الحزب الديمقراطي.
مجتمع الميم والكويريين والتمثيل السياسي في الولايات المتحدة
تشير الإحصاءات إلى نمو ملحوظ في تمثيل أفراد مجتمع الميم-عين في المناصب السياسية خلال العقدين الماضيين. وبحسب تقرير لمؤسسة “Victory Fund”، وهي منظمة غير ربحية تدعم المرشحين المثليين والمثليات وثنائيي الميول والمتحولين جنسيًا، فإن أكثر من 700 شخص من مجتمع الميم-عين شغلوا مناصب سياسية على مستوى محلي ووطني بحلول عام 2018.
كيرستن سينيما لم تكن الوحيدة في هذا التقدم؛ فقد شهدت السنوات الأخيرة دخول عدد متزايد من السياسيين المثليين والمتحولين إلى المجالس التشريعية، من بينهم:
- تامّي بالدوين، أول عضوة مثلية علنًا في مجلس الشيوخ.
- دانيس بارك، أول عمدة متحول جنسيًا لمدينة كبيرة (بالمر، ولاية ماساتشوستس).
- شاريس ديفيدز، أول امرأة من السكان الأصليين وأول عضوة مثلية من ولاية كانساس في الكونغرس.
هذا التقدم يعكس تحوّلًا تدريجيًا في المشهد السياسي الأمريكي، حيث أصبح الناخبون أكثر انفتاحًا على اختيار ممثلين يجاهرون بهويتهم الجندرية والجنسية، ما يعزز قيم التمثيل والتنوع.
مايك بنس ومواقفه المثيرة للجدل تجاه مجتمع الميم-عين
مايك بنس، نائب الرئيس الأمريكي في إدارة دونالد ترامب، لطالما عُرف بمواقفه المحافظة المتشددة. وخلال مسيرته السياسية، دعم قوانين تحدّ من حقوق الأزواج المثليين، وسبق أن أيد تخصيص تمويل لبرامج علاج التحول الجنسي (Conversion Therapy)، وهي ممارسات مرفوضة دوليًا وتعتبر ضارة نفسيًا.
وقوف كيرستن سينيما أمامه، بأناقتها اللافتة واختيارها الدستور بدلًا من الكتاب المقدس، كان بمثابة موقف ناعم لكن قوي في وجه التيارات المحافظة التي تسعى لإقصاء أفراد مجتمع الميم-عين من الحياة العامة.
تمثيل متزايد ومستقبل واعد
على الرغم من التحديات السياسية والثقافية، فإن تمثيل أفراد مجتمع الميم-عين في المؤسسات الأمريكية يشهد تصاعدًا ملحوظًا، ما يفتح الباب أمام مزيد من التغيير في السياسات المتعلقة بالحقوق المدنية والمساواة.
كيرستن سينيما أصبحت رمزًا لهذا التحول، ليس فقط لكونها أول سيناتورة مزدوجة الميول الجنسية، بل أيضًا لتحديها الصور النمطية وتمسكها بهويتها علنًا، رغم الضغوط الإعلامية والسياسية.
