في خطوة تاريخية وغير مسبوقة على مستوى جنوب شرق آسيا، وافق مجلس وزراء تايلاند على مشروع قانون يشرّع الشراكة المدنية للأزواج من نفس الجنس، ليصبح قاب قوسين أو أدنى من أن يتحول إلى قانون نافذ بانتظار مصادقة البرلمان التايلاندي.
يمنح القانون الجديد الأزواج المثليين حقوقًا مالية واجتماعية وقانونية واسعة النطاق، بما في ذلك الحق في تبني الأطفال، وهو ما يجعله من أكثر القوانين تقدمًا في المنطقة في مجال حقوق مجتمع الميم/عين.
الشراكة المدنية في تايلاند: تحول تشريعي بارز
ينص مشروع القانون على السماح للأزواج من نفس الجنس بتسجيل علاقاتهم كشراكة مدنية معترف بها رسميًا، تمنحهم العديد من الحقوق الأساسية التي يحصل عليها الأزواج من الجنس المختلف. وتشمل هذه الحقوق:
- الحق في تقاسم الملكية والممتلكات المشتركة
- حقوق الميراث
- الحق في اتخاذ قرارات طبية نيابة عن الشريك
- الحق في تبني الأطفال
كما يُعد هذا المشروع تتويجًا لنقاشات استمرت لسنوات بين منظمات المجتمع المدني والجهات الحكومية، وسط دعوات واسعة إلى وضع حد للتمييز القانوني ضد المثليين والمثليات والعابرين والعابرات جندريًا في البلاد.
تايلاند بعد تايوان: الريادة الآسيوية في حقوق المثليين
في حال تم إقرار القانون من قبل البرلمان، ستصبح تايلاند ثاني دولة في آسيا بعد تايوان تعترف رسميًا بالعلاقات بين الأزواج من نفس الجنس. يُذكر أن تايوان كانت قد شرّعت زواج المثليين بالكامل في مايو 2019، لتصبح بذلك نموذجًا تحتذي به العديد من الدول في القارة.
ورغم أن تايلاند لم تعتمد بعد الزواج الكامل للأزواج المثليين، إلا أن تمرير قانون الشراكة المدنية يمثل خطوة كبيرة نحو المساواة الكاملة ويفتح المجال لتطوير التشريعات مستقبلاً.
دعم شعبي متزايد وبيئة قانونية مهيأة
لطالما اعتُبرت تايلاند واحدة من أكثر الدول الآسيوية تسامحًا تجاه التنوع الجنسي والجندري. وعلى الرغم من غياب الاعتراف القانوني سابقًا بالعلاقات المثلية، إلا أن المجتمع التايلاندي أظهر قبولًا متزايدًا لهذه القضايا، خاصة بين جيل الشباب.
وبحسب استطلاع أجرته مؤسسة “Pew Research Center” عام 2019، فإن أكثر من 60٪ من التايلانديين يؤيدون الاعتراف القانوني بالعلاقات المثلية، وهي نسبة مرتفعة مقارنة بدول الجوار.
وفي هذا السياق، علّق وزير العدل التايلاندي على مشروع القانون قائلاً:
“نحن لا نمنح امتيازات لفئة معينة، بل نعيد تصحيح مسار العدالة للجميع. هذه الخطوة تُظهر التزامنا بمبادئ المساواة والكرامة الإنسانية”.
التحديات القادمة: مصادقة البرلمان والتطبيق الفعلي
رغم هذه الخطوة الإيجابية، لا تزال مصادقة البرلمان التايلاندي على المشروع هي المرحلة الحاسمة القادمة. ويتوقع مراقبون أن يتم التصويت على مشروع القانون خلال الأشهر القادمة، وسط دعم قوي من الحكومة والمجتمع المدني، ومعارضة محدودة من بعض التيارات المحافظة.
ويأمل نشطاء حقوق الإنسان أن تكون هذه الخطوة بوابة نحو تشريع زواج المثليين بالكامل في المستقبل القريب، وتعزيز الحماية القانونية لأفراد مجتمع الميم/عين في مجالات التعليم والعمل والرعاية الصحية.
نحو مستقبل أكثر عدالة وشمولاً
مع موافقة مجلس الوزراء على مشروع قانون الشراكة المدنية، تقترب تايلاند من أن تصبح نموذجًا لحقوق المثليين في آسيا. هذه الخطوة تمثل رسالة قوية مفادها أن المساواة والكرامة ليست حكرًا على أحد، بل حق لكل فرد، بغض النظر عن ميوله أو هويته الجندرية.