أطياف
بطريق

بطريقان مثليان يحتفلان بالأبوة في حديقة حيوانات بريطانية

في سابقة جديدة تعكس روعة التنوع الطبيعي في المملكة الحيوانية، احتفل زوج بطريق مثلي من نوع هومبولت، يُدعى سكامبي وفلوندر، بفقس فرخ جديد في حديقة حيوانات تشيستر بالمملكة المتحدة. هذا الحدث أثار اهتمامًا عالميًا واحتفاءً خاصًا من محبي الحيوانات والمهتمين بحقوق المثليين ومجتمع الميم حول العالم.

حدث استثنائي في موسم تكاثر ناجح

ولد الفرخ في أبريل 2025 كواحد من عشرة فراخ جديدة في مستعمرة طيور البطريق المؤلفة من 63 فردًا في حديقة تشيستر، خلال موسم تكاثر وصفه القائمون على الحديقة بأنه “عام مزدهر” للبطاريق.

الزوج المثلي سكامبي وفلوندر، اللذان وُصفا بـ”الزوج المخلص”، قاما بتبني أحد البيضتين اللتين وضعتهما البطريقتان ووتسيت وبيتش، ونجحا في رعاية البيضة حتى الفقس.

وفقًا لزوي سويتمن، مديرة فريق البطاريق في الحديقة، فإن هذا الإنجاز “يمثل خبرًا رائعًا للأنواع المهددة بالانقراض”، في إشارة إلى أن بطاريق الهومبولت مصنفة كأنواع مهددة من قبل الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN) بسبب تغير المناخ والصيد الجائر وارتفاع حرارة المحيطات.

الرعاية المشتركة… وسلوك الأبوة لدى البطاريق

قامت الحديقة بتوزيع البيض بعناية بين الأعشاش المختلفة لضمان فرص أفضل للبقاء لجميع الفراخ. وأوضحت سويتمن أن الفريق قدم للبطاريق البالغة كميات إضافية من الأسماك لتوفير الغذاء المناسب للفراخ، حيث يبتلعها الأهل ثم يعيدون تقيؤها كـ”حساء غني بالبروتين” لإطعام صغارهم.

وأكدت أن الفراخ “زادت في الحجم أربعة أضعاف تقريبًا منذ خروجها من البيضة”، كما أن معظمها على وشك خوض تجربة السباحة الأولى، وهي لحظة وصفتها بـ”المدهشة والمثيرة دائمًا”.

بطاريق بأسماء كونية واحتفاء جماهيري

هذا العام، قررت الحديقة اختيار أسماء مستوحاة من الفضاء والنجوم للفراخ الجديدة، تضمنت أسماء مثل أورسا، كاسيوبيا، أورايون، كويزار، ألكيوني، ألتاير، زينا، ودورادو. أما الفرخان المتبقيان فسيتم تسميتهما من قبل الجمهور عبر وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بالحديقة.

سكامبي وفلوندر ليسا أول زوج مثلي بطريق يلفت الأنظار

عبر السنوات الماضية، لفتت أزواج من البطاريق المثلية الأنظار حول العالم، مثل الزوج الشهير سفين وماجيك في أستراليا، اللذان تبنيا بيضة فقست عن فرخ سُمي لارا عام 2018. وعندما توفي سفين في عام 2024، وصف موظفو حديقة SEA LIFE الحزن الذي أبداه ماجيك بأنه “لحظة مؤثرة للغاية” حيث بدأ بالغناء أمام جثمان شريكه، وانضمت باقي المستعمرة إليه في نغمة جماعية حزينة.

سفين وماجيك ولارا

في نيويورك، اشتهر الزوج روي وسايلو في حديقة سنترال بارك بتبنيهما بيضة فقست عن فرخ سُمي تانغو، وألهمت قصتهما كتاب الأطفال الشهير “And Tango Makes Three”. وفي لندن، نجد الزوج المثلي الشهير روني وريجي في حديقة ZSL London Zoo، إضافة إلى أزواج أخرى في برلين، فالنسيا، هولندا وسيدني.

روي وسايلو

سلوك جنسي مثلي شائع وطبيعي في عالم البطاريق

توثق الدراسات العلمية أن السلوك المثلي لدى البطاريق ليس نادرًا ولا “شاذًا”، بل هو جزء من التنوع الطبيعي في سلوك هذه الكائنات. وفقًا لمجلة Ethology، فإن 28.3% من أزواج التزاوج بين بطاريق الملك على جزيرة كيرغيلن كانت من نفس الجنس.

ويشمل هذا السلوك التودد، وبناء الأعشاش، وحتى تبني البيوض، وقد تم رصده لدى أنواع مختلفة مثل البطاريق الملكية، وجنتو، وتشينستراب. وتشير تفسيرات علمية إلى أن هذا السلوك قد يتأثر بنسبة الذكور إلى الإناث، أو بالتوازن الهرموني، أو بأنه ناتج عن تفاعل اجتماعي معقد يتجاوز التكاثر.

في حديثها مع Penguins International، أوضحت خبيرة الطيور زوي سويتمن أن “كل بطريق يحمل صفاته الخاصة، وسلوكياته المميزة”، ما يفتح الباب لتقدير هذا التنوع بعيدًا عن القوالب النمطية.

الطبيعة لا تعرف التحيز… دروس من البطاريق

في وقت لا تزال فيه مجتمعات الميم تواجه التمييز والعنف والرفض، تقدم لنا الطبيعة، عبر حيوانات مثل البطاريق، مثالًا بسيطًا وعميقًا على تنوع العلاقات في عالم الأحياء.

فبينما لا تزال بعض المجتمعات تصف المثلية بأنها “ضد الطبيعة”، تؤكد العلوم والسلوكيات الحيوانية العكس تمامًا. فالحيوانات لا تتبنى أيديولوجيات أو قواعد أخلاقية بشرية، بل تعيش وتتصرف وفقًا لحاجاتها وسلوكها الغريزي والاجتماعي.

الأبوة، الحب، والبقاء

قصة سكامبي وفلوندر لا تتعلق فقط بالمثلية أو التنوع الجنسي، بل هي قصة عن الأبوة، والرعاية، والتعاون، والبقاء في وجه الانقراض. وهي أيضًا دعوة لفتح أعيننا على كمّ الجمال الذي يتجلى حين نترك الأحكام المسبقة جانبًا، ونتأمل كيف تعيش الكائنات الأخرى بانسجام أكبر مما نفعله نحن.

مصادر ومراجع:

  • Chester Zoo Official Website
  • Penguins International
  • The Guardian
  • CBC News
  • ZSL London Zoo
  • Ethology Journal
  • Washington Post
  • كتاب “And Tango Makes Three”
  • Museum Studies Blog – Tufts University

في موسم يحتفي فيه العالم بشهر الفخر، تذكرنا البطاريق أن الحب لا يُقاس بنوع الشريك بل بنوعية العلاقة، وأن الأبوة ليست حكرًا على الجنس، بل على الرعاية.

شروط الاستخدام

محتوى أطياف مرخص برخصة المشاع الإبداعي. يسمح بإعادة نشر المواد بشرط الإشارة إلى المصدر بواسطة رابط تشعبي، وعدم إجراء تغييرات على النص، وعدم استخدامه لأغراض تجارية.