جرايندر

جرايندر تحظر عبارات مناهضة للصهونية وتتراجع بعد موجة انتقادات واسعة

في خطوة أثارت جدلًا واسعًا في أوساط المستخدمين والمراقبين، حظرت منصة المواعدة الشهيرة “جرايندر” (Grindr) مؤخرًا عبارة “لا للصهاينة” من السير الذاتية للمستخدمين، بينما استمرت في السماح بعبارات تمييزية أخرى على أساس العرق، والدين، والهوية. القرار سُجّل أولًا في تقارير منصة “404 ميديا” (404 Media) في يوليو 2025، قبل أن يتم التراجع عنه لاحقًا بعد موجة من الانتقادات.

حظر مثير للجدل ثم تراجع مفاجئ

عند محاولة بعض المستخدمين إدخال عبارة “no Zionists (لا للصهاينة)” أو “no Zionist” في ملفاتهم الشخصية، ظهرت لهم رسالة خطأ تنص على أن هذه الكلمات “غير مسموح بها”.

في المقابل، تمكّن المستخدمون من إدخال عبارات مثل “لا للمسلمين”، “لا للعرب”، “لا للسود”، “لا لليهود”، “لا للترانس” وغيرها، دون أن يتم حظرها من المنصة.

لاحقًا، وفي بيان رسمي لمنصة جرايندر صدر في 29 يوليو، قالت الشركة “تم تطبيق السياسة كردّ فعل على شكاوى المستخدمين بشأن الطابع الاستفزازي المحتمل لهذه العبارة.”، مضيفةً أنها “تُجري مراجعات دورية لسياساتها وقد قررت التراجع عن هذه السياسة بعد إعادة النظر”.

ازدواجية في سياسات الإشراف على المحتوى

القرار أثار تساؤلات عديدة حول ازدواجية المعايير في سياسات المحتوى على المنصة، خاصة في ظل تاريخها الطويل من السماح بلغة عنصرية إقصائية تُقدَّم غالبًا على أنها “تفضيلات شخصية”. رغم الشكاوى وعشرات المقالات والحملات، إلا أن الشركة لم تستجب.

المستخدم جابرييل قال في تصريح لمنصة Mashable: “إنه لأمر غريب… استطعت أن أكتب ‘لا للبنوتي (فيمز)، لا للبدناء، لا للآسيويين’ دون مشكلة، لكن “لا للصهاينة” تم حظرها مباشرة.”

وأشار تقرير “404 ميديا” إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي تواجه فيها جرايندر انتقادات تتعلق بالتمييز. ففي عام 2020، تعهدت الشركة بإزالة فلتر البحث بناءً على العرق بعد احتجاجات “حياة السود مهمة” في الولايات المتحدة، لكنها تأخرت في تنفيذ القرار.

الصهيونية كمصطلح مثير للجدل

مصطلح “الصهيونية” يُشير إلى الحركة التي تدعو لقيام وطن قومي لليهود في فلسطين المحتلة، وقد أصبح محطّ خلاف عالمي واسع، خصوصًا في ظل تصاعد حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية منذ عام 2023، والتي أدّت إلى زيادة الدعم العالمي للقضية الفلسطينية ومعارضة متنامية للصهيونية كمشروع سياسي.

وفي ظل ذلك، يرى كثيرون أن حظر عبارة “لا للصهاينة” بينما يُسمح بعبارات عنصرية أو تمييزية أخرى، هو تفضيل أيديولوجي واضح من القائمين على جرايندر للصهيونية.

مستخدم يُدعى جرين قال لـ”404 ميديا”: “يبدو الأمر وكأن المنصة تدافع عن أيديولوجية استعمارية وتمنحها الحماية، بينما تفشل في حماية الفئات المضطهدة الأخرى.”

علاقة مؤسس جرايندر بالسياق السياسي

تجدر الإشارة إلى أن مؤسس جرايندر، جويل سيمخاي، هو إسرائيلي الأصل، وقد غادر الشركة في عام 2018 بعد بيعها لشركة ألعاب صينية.

وفي سبتمبر 2024، نشرت صحيفة The Forward اليهودية الأمريكية تقريرًا يشير إلى أن “يهودًا مؤيدين لإسرائيل” اشتكوا من تعرضهم للهجوم على تطبيقات المواعدة بسبب استخدام رموز العلم الإسرائيلي أو تعريف أنفسهم على أنهم صهاينة.

في مارس 2025، نشرت صحيفة “جيروزاليم بوست” تقريرًا عن حوادث اعتداء جسدي ضد مثليين في شمال إسرائيل، حيث استخدم الجناة تطبيق جرايندر للإيقاع بالضحايا من خلال ملفات تعريف مزيفة.

ردود أفعال متباينة

بينما امتدحت رابطة مكافحة التشهير (Anti-Defamation League) التي تنشط في مكافحة معاداة السامية والداعمة لإسرائيل والمتهمة بدعمها للصهيونية منصة جرايندر لحظرها عبارة “لا للصهاينة”، داعيةً إلى حماية جميع الهويات، انتقد مستخدمون ومراقبون القرار معتبرين أنه يُظهِر تواطؤ المنصة مع قوى سياسية معينة وخاصةً مع مشاهد التجويع في غزة التي يراها العالم، نتيجة الحصار الذي تفرضه إسرائيل على القطاع.

وفي تغريدة على منصة X، قال أحد النشطاء: “جرايندر تُعيد تعريف التمييز: الدفاع عن أيديولوجية عنصرية مرفوض، لكن مهاجمة أصحاب البشرة السمراء أو العرب أو الترانس يمرّ بلا رقابة.”

هل يتغير شيء؟

رغم تراجع جرايندر عن الحظر، إلا أن الأزمة كشفت من جديد هشاشة سياسات الحماية على تطبيقات المواعدة، وازدواجية معاييرها في التعامل مع الخطاب العنصري والكراهية.

وفي حين أن منصات مثل جرايندر تدّعي الوقوف إلى جانب مجتمع الميم ومكافحة التمييز والكراهية والعنف، فإن سلوكها الأخير يعكس حاجة ماسة لإعادة النظر في آليات الإشراف والتوازن بين حماية حرية التعبير ومنع خطاب الكراهية وعدم الوقوف في صف إيديولوجيات وآراء سياسية تدعم الإبادة العرقية والحصار والتجويع للأفراد على أساس قوميتهم كما يحدث للفلسطينيين في غزة والضفة الغربية من أكتوبر 2023 وحتى اليوم، أي ما يقارب العامين.

تكشف قضية حظر “لا للصهاينة” عن جدل أعمق يتعلق بتقاطعات السياسات، والهوية، والحريات الرقمية. ومع تصاعد الوعي السياسي داخل المجتمعات الكويرية حول العالم، فإن هذه النقاشات مرشحة للاستمرار، خاصة في ظل استمرار حرب الإبادة على غزة والضفة، وتزايد المطالبات بأن تكون تطبيقات المواعدة أكثر عدلًا، وشفافية، واتساقًا في سياساتها.