في حادثة مروعة كشفت حجم العنف القائم على الهوية الجنسية الحقيقية أو المتصورة في شمال أفريقيا، عُثر على الطالب الجزائري أصيل بلالطة، البالغ من العمر 24 عامًا، مقتولًا داخل غرفته في السكن الجامعي بالعاصمة الجزائرية يوم الأحد 10 فبراير 2019.
الجريمة، التي وُصفت بأنها جريمة كراهية من الدرجة الأولى، أثارت موجة غضب واسعة على الصعيدين المحلي والدولي، بعد أن قام الجناة بكتابة عبارة تشير إلى مثليته الجنسية حسبما زعموا بدمه على جدران الغرفة، بحسب ما تداولته وسائل إعلام محلية ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي.
تفاصيل الجريمة: استهداف واضح بسبب الهوية الجنسية
عُرف أصيل بلالطة بين زملائه كطالب متفوق في كلية الطب وذو خلق هادئ. لكن حياته انتهت بطريقة وحشية في إحدى أكثر البيئات المفترض أن تكون آمنة له: غرفته الخاصة في السكن الجامعي.
بحسب شهود وتقارير إعلامية محلية، تم العثور على جثته وعلى الجدران آثار دماء كُتبت بها عبارة تهدف إلى إهانته بسبب ميوله الجنسية المتصورة.
هذه الحادثة، التي سرعان ما تحولت إلى قضية رأي عام، أعادت تسليط الضوء على تصاعد العنف ضد أفراد مجتمع الميم في الجزائر والمنطقة العربية عمومًا.
إدانات حقوقية واسعة: “جريمة كراهية من الدرجة الأولى”
أصدرت منظمات مجتمع الميم في المنطقة والعالم بيانات شجب قوية، أدانت فيها الجريمة بأشد العبارات، واعتبرتها نتاجًا مباشرًا لخطابات الكراهية والتحريض ضد الأقليات الجنسية في المنطقة. ومن بين الموقعين على البيان:
- Homorian LGBT community
- Muslim Queer Community – م مسلم
- LGBT بالعربي
- Rainbow Mix (أطياف)
وجاء في نص البيان المشترك:
“نُحمّل السلطات الجزائرية المسؤولية الكاملة تجاه أمن وسلامة المواطنين من الأقليات الجنسية (مجتمعات الميم)، ونطالب بسرعة إلقاء القبض على المتهمين وتقديمهم إلى العدالة.”
وأكد الموقعون أن الحادثة ليست فردية أو معزولة، بل تأتي ضمن سياق أوسع من التحريض الممنهج، الذي تغذّيه وسائل إعلام ومنصات تواصل اجتماعي، تنشر خطابًا يجرّم التعددية ويشجع على العنف ضد المختلفين.
دعوة إلى تشريعات تحمي مجتمع الميم من العنف والتمييز
في ظل غياب أي حماية قانونية واضحة للأفراد على أساس ميولهم الجنسية أو هويتهم الجندرية في معظم الدول العربية، طالبت الجهات الموقعة على البيان السلطات الجزائرية والمشرعين في المنطقة بـ:
- سن قوانين تُجرّم خطاب الكراهية ضد مجتمع الميم.
- حماية المواطنين من التمييز والعنف المبني على الهوية الجنسية.
- وقف التمييز المؤسسي من قبل أجهزة الدولة.
- دعوة الإعلام إلى التوقف عن بث رسائل التحريض والكراهية.
- تعزيز مفاهيم التعايش وقبول الآخر كمبدأ أساسي في بناء المجتمع.
واقع مؤلم لمجتمع الميم في الجزائر والمنطقة
تُجرّم الجزائر المثلية الجنسية بموجب المادة 338 من قانون العقوبات، والتي تنص على عقوبات بالسجن قد تصل إلى ثلاث سنوات. ووفق تقارير منظمات حقوقية، يتعرض الأفراد المثليون والمتحولون في الجزائر لانتهاكات عديدة، من بينها الاعتقالات التعسفية، والتهديدات، والعنف الأسري، والاجتماعي، وحتى القتل، كما حدث مع أصيل.
في المنطقة المغاربية والشرق أوسطية عمومًا، ما زال العنف ضد مجتمع الميم يُغذى من قبل خطاب ديني متشدد، ودعم رسمي ضمني في بعض الأحيان، يقابله غياب شبه تام للحماية القانونية، ما يفتح الباب أمام المزيد من الانتهاكات.
دم أصيل صرخة ضد الكراهية
جريمة مقتل أصيل بلالطة ليست مجرد مأساة إنسانية، بل مؤشر خطر على الوضع الحقوقي لمجتمع الميم في الجزائر والعالم العربي. دماؤه التي كُتبت بها كلمات إدانة لميوله، هي ذاتها اليوم تكتب صرخة تطالب بالعدالة، بالحماية، وبإنهاء الكراهية.
وإن لم تُترجم هذه الصرخة إلى إصلاحات قانونية ومجتمعية، فستبقى حياة أفراد مجتمع الميم معرضة لخطر مستمر.