يُعرّف ملايين الأشخاص حول العالم أنفسهم بأنهم مثليين ومن مجتمعات الميم، ومع ذلك، لا يزال تجريم المثلية الجنسية أو إقامة علاقات جنسية بالتراضي بين أشخاص من نفس الجنس أمرًا غير قانوني في 65 دولة حول العالم.
يُعد تجريم المثلية الجنسية والمثليين قضية حقوق إنسان خطيرة تُكرّس الرفض والكراهية والتمييز والعنف والإقصاء المجتمعي.
يُعد إلغاء تجريم المثلية الجنسية أمرًا أساسيًا ليس فقط لكرامة وحرية وحقوق المثليين، بل أيضًا لبناء مجتمعات أكثر عدلًا وإنصافًا ورفاهيةً.
حقوق الإنسان للجميع ومنهم المثليين
يقع مبدأ حقوق الإنسان في صميم نقاش إلغاء تجريم المثلية الجنسية والمثليين، وهو الاعتقاد بأن لجميع الناس الحق في العيش بكرامة وحرية وأمن وسلام ومساواة.
ينتهك تجريم المثلية الجنسية هذه الحقوق الأساسية من خلال اعتبار العلاقات بالتراضي بين البالغين أفعالًا إجرامية. وهذا يُقوّض الحريات الشخصية والخصوصية والمساواة أمام القانون.
ما تفعله قوانين مثل مادة الفعل الفاضح، أو التحريض على الفجور، أو حتى إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، هو أنها تجرّم الوجود الكويري في حد ذاته، وتفتح الباب لانتهاك الخصوصية والكرامة.
دعت هيئات حقوق الإنسان الدولية، بما فيها الأمم المتحدة، الدول مرارًا وتكرارًا إلى إلغاء القوانين التي تُجرّم المثلية الجنسية.
حيث تتعارض هذه القوانين مع المعايير العالمية لحقوق الإنسان والحق في عدم التمييز على أساس الهوية بجانب الحقوق المختلفة في العيش بحرية وسلام وأمان وعدم التعرض للعنف والتعذيب والتنكيل، والمنصوص عليهم في العديد من المعاهدات الدولية.
الحق في الخصوصية والأمان للجميع
ما يحدث بين بالغين برضاهم في مساحات خاصة، لا يجب أن يكون شأنًا قانونيًا. الحفاظ على الآداب لا يعني التدخل في حياة الناس ومراقبتهم. الكرامة والخصوصية ليستا امتيازات، بل حقوق إنسانية أساسية، يجب أن تُحترم بغض النظر عن ميول أو هويات الأفراد.
تجريم المثلية والمثليين لا فائدة ولا قيمة ومعنى له
لم يُنهي الاضطهاد والتنكيل والعنف والسجن والقتل ضد المثلية والمثليين طوال سنوات وعقود تطور الميول الجنسية المثلية داخل الأفراد كـ جزء من تطور هويتهم الذاتية المركبة. كما لم يُنهي الاضطهاد وجود المثلية الجنسية والمثليين لأن المثلية ميول جنسية طبيعية وليست عادة أو ممارسة يمكن تغييرها والتخلص منها.
بل يتسبب الاضطهاد في زيادة الاكتئاب والقلق والانتحار والعنف الجسدي وانتشار الأذى والصدمات ليس بين المثليين وحدهم ولكن بين كافة المجتمع بما إن المثليين جزء من النسيج المجتمعي.
كما سجن المثليين والتنكيل بهم وقتلهم أفعال غير أخلاقية لأنها تجرد فئة كاملة من الناس من أبسط الحقوق -على أساس هويتها- وهي الحق في الحياة بجانب الحق في العيش الكريم والآمن والحر دون خوف أو قلق أو ملاحقة أو مداهمة.
بجانب أن تواجد هذه الممارسات والأفكار التي تسجن وتنكل وتقتل المثليين والتسامح معها يفتح الباب مستقبلاً لأفكار مشابهة ضد فئات أخرى من المجتمع مثل الأقليات الدينية والعرقية والثقافية وغيرهم من المختلفين والأقليات.
إنهاء الوصمة والتمييز والكراهية والعنف
يغذي تجريم المثلية الجنسية الوصمة والرفض الاجتماعي والكراهية والعنف وغالبًا ما يواجه المثليين وأفراد مجتمعات الميم المضايقات والتمييز والكراهية والعنف سواء من أفراد المجتمع وعلى يد جهات إنفاذ القانون.
وجود القوانين المجرمة يُشرّع الكراهية ويعزز ثقافةً تزدهر فيها الإساءة والتحيز والاعتداءات دون رادع.
يساعد إلغاء تجريم المثلية الجنسية على كسر هذه الحلقة المفرغة من خلال إزالة الأساس القانوني للاضطهاد. فهو يبعث برسالة قوية مفادها أن المثليين وأفراد مجتمعات الميم يستحقون الاحترام والحماية نفسها التي يتمتع بها أي شخص آخر، ويوفر الحماية لكل المواطنين بغض النظر عن ميولهم الجنسية وهويتهم الجندرية، مما يُخفف من الوصمة المجتمعية والكراهية والعنف والتمييز ويُشجع على القبول والعيش الكريم والتعايش السلمي.
ردع الجرائم الحقيقية مثل السرقة والابتزاز والقتل
يتعرض المثليين وأفراد مجتمعات الميم مثلهم مثل باقي السكان والمواطنين إلى انتهاكات واعتداءات وجرائم السرقة والابتزاز والتشهير والقتل، ولكن على عكس باقي السكان، يتجنب المثليين وأفراد مجتمعات الميم اللجوء إلى الشرطة وجهات إنفاذ القانون خوفًا من الملاحقة الأمنية بسبب هويتهم الجنسية التي يجرمها القانون، مما يوفر حماية للصوص والمبتزين والقاتلين والمجرمين الحقيقيين الذين يستهدفون أفراد المجتمع ويوفر لهم الحماية لاستهداف آخرين.
كما أن بعض المجرمين والعصابات تستهدف المثليين وأفراد مجتمعات الميم على وجه الخصوص لأنها تعي أنهم لم يبلغوا أو يلجأوا للشرطة وجهات إنفاذ القانون.
ضمان الوصول إلى الرعاية الصحية والخدمات المختلفة
عندما تُعتبر المثلية الجنسية والمثليين غير قانونيين، غالبًا ما يتجنب المثليين وأفراد مجتمعات الميم طلب الرعاية الصحية، أو الوصول إلى الخدمات الاجتماعية خوفًا من التمييز أو العواقب القانونية.
وهذا يزيد من تعرضهم للمخاطر الصحية، بما في ذلك فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز، ويترك ذوي الاحتياجات للخدمات المختلفة التي توفرها الجهات الحكومية مثل الدعم المعيشي والتوظيف والتعليم.
يشجع إلغاء التجريم على الوصول إلى الخدمات الأساسية وحماية الحقوق، مما يساعد المثليين وأفراد مجتمعات الميم على عيش حياة أكثر صحة وأمانًا.
العدالة مش انتقائية
إلغاء القوانين التي تجرّم المثلية لا يعني تغيير قناعات الناس، بل هي خطوة نحو الحد الأدنى من العدالة. إقرار بأن السجن والتشهير والانتهاك لا يمكن أن يكونوا أدوات لضبط الاختلاف. في النهاية، لا يمكن بناء مجتمعات عادلة إذا ظل جزء من أفرادها يعيشون في خوف من أن يكونوا على حقيقتهم.
تعزيز الصحة النفسية والرفاهية
تجريم المثلية الجنسية والمثليين له عواقب وخيمة على الصحة النفسية للمثليين وأفراد مجتمعات الميم. فالخوف من الاعتقال والإقصاء الاجتماعي والشعور الداخلي بالعار ورفض الذات يُسهم في ارتفاع معدلات الاكتئاب والقلق والانتحار في العديد من مجتمعات المثليين ومجتمعات الميم حول العالم.
من خلال إلغاء تجريم المثلية الجنسية، يمكن للمجتمعات تهيئة بيئات أكثر أمانًا، حيث يتمتع الأفراد بحرية التعبير عن هويتهم والعيش بكل حرية دون خوف. وهذا يعزز الصحة النفسية ويسمح للناس ببناء علاقات صحية وداعمة، وهي عناصر أساسية لحياة كريمة وصحية.
إلغاء تجريم المثليين يبني مجتمعات شاملة
يُعد إلغاء تجريم المثلية الجنسية خطوة حيوية نحو بناء مجتمعات شاملة تحترم التنوع والكرامة الإنسانية. فهو يدعم التماسك الاجتماعي ويسمح للجميع بالمشاركة الكاملة في الحياة المجتمعية.
غالبًا ما تشهد الدول التي ألغت تجريم المثلية الجنسية تقدمًا أوسع في حقوق مجتمعات الميم، بما في ذلك قوانين مكافحة التمييز، والمساواة في الزواج، وحقوق التبني. هذا يُهيئ بيئةً تُمكّن جميع الأفراد من الازدهار مما يحافظ على العقول والأيدي الماهرة من المثليين وأفراد مجتمعات الميم من الهجرة خارج البلاد ويمكنهم من العيش بحرية وكرامة وأمن وسلامة مثلهم مثل كافة أفراد وفئات المجتمع.
الخلاصة حول أهمية إلغاء تجريم المثليين
إن تجريم المثلية الجنسية ممارسةٌ ظالمةٌ وضارةٌ، تنتهك حقوق الإنسان وتُكرّس التمييز والرفض والكراهية والعنف والمعاناة.
يُعدّ إلغاء تجريم المثلية الجنسية أمرًا أساسيًا لصون كرامة جميع الناس وحريتهم ومساواتهم، بغض النظر عن ميولهم الجنسية.
كما إنها خطوةٌ حاسمةٌ نحو بناء مجتمعاتٍ أكثر عدلًا وصحةً وشمولًا، أماكنَ يمكن للجميع العيش فيها بحريةٍ ودون خوف.