أطياف

المثليين وكأس العالم

أيام وسينطلق كأس العالم لكرة القدم بدولة قطر لعام 2022. وتعتبر قطر أول دولة في الشرق الأوسط والدول الناطقة بالعربية تستضيف نهائيات كأس العالم لكرة القدم. وهناك أقاويل أن هناك شبهة فساد حول شراء قطر الأصوات لترشيحها لاستضافة كأس العالم 2022. ويأتي كأس العالم هذا العام وسط مشادات واعتراضات حول أحقية قطر في تنظيم هذا الحدث العالمى. فمنذ اختيار قطر وهناك قلق دائم من جانب منظمات حقوق الإنسان وبعض الشخصيات الكروية وغيرهما حول الجمهور من مجتمعات الميم. حيث أن المثلية الجنسية مجرمة في الدولة القطرية وتصل العقوبة إلى الإعدام. فكيف ستتعامل قطر تجاه الجمهور من مجتمعات الميم الذين سيحضرون مع المنتخبات من كافة الدول التى لا تجرم المثلية الجنسية. وهل هناك تخوفات وعقبات ستتعرض لها مجتمعات الميم أثناء تواجدهم فى قطر؟

تخوفات ومطالب

 خلال الفترات السابقة تحدثت أصوات عن أهمية الدفاع عن حقوق مجتمعات الميم خلال مشاركة المنتخبات والجماهير فى كاس العالم. وخرج الاتحاد الأسترالى لكرة القدم ولاعبو المنتخب الأسترالى ببيان وفيديو مصور ينتقد سجل حقوق الانسان وتجريم العلاقات المثلية فى قطر. ليصبح أول فريق مشارك فى كأس العالم يتخذ هذة الخطوة. وانتقد البيان تصريحات وزير الخارجية البريطانية جيمس كليفرلى التى دعا فيها إلى ضرورة أن يتحلى المشجعون المثليون الذين سيحضرون البطولة بقدر من “المرونة والحلول الوسط”.

ومن جانبه وجه الاتحاد الدولى لكرة القدم (الفيفا) رسالة إلى جميع المنتخبات المشاركة فى نهائيات كأس العالم بقطر “بالتركيز على كرة القدم”. قامت العديد من الدول الأوروبية بالرد على رسالة الفيفا بقولها إن “حقوق الإنسان عالمية وتنطبق على كل مكان”. كما خطط اللاعبين لاحتجاجات سلمية. فى حين أن لاعب المنتخب الإنجليزي هارى كين وتسعة قادة منتخبات آخرين من المنتخبات الأوروبية سيرتدون شارات “حب واحد” لتعزيز التنوع والشمول.

ومن جانبها تتحدث قطر على أنها تتعرض “لحملة غير مسبوقة” من الانتقادات. وقال مدير المجلس التشريعى القطرى “تعاملنا مع الأمر فى البداية بحسن نية، بل اعتبرنا بعض الانتقادات إيجابية ومفيدة ولكن سرعان ما اتضح لنا أن الحملة مستمرة وتتوسع وتشمل التشهير والازدواجية فى المعايير”.

اتهامات ونفي

ومن بين الانتقادات التى وجهت إلى قطر، اتهام منظمة هيومن رايتس ووتش الشرطة القطرية بـ”القبض تعسفيًا” على عدد من المثليين و”إساءة معالمتهم”. ولكن بدورها نفت قطر القبض على أى شخص بسبب توجهه الجنسى. وقدمت الجهات المنظمة لكأس العالم فى قطر تأكيدات خلال الأسابيع الأخيرة على أن كل المشجعين “مرحب بهم”. وقال الاتحاد الدولى لكرة القدم أنه سوف يسمح باستخدام أعلام قوس قزح الخاصة بمجتمعات الميم فى الملاعب التى تقام فيها المباريات وحولها.

تخبط وتناقض

ولكن ظهر تصريح للاعب القطرى السابق خالد سلمان وهو أحد سفراء مونديال 2022 بأن المثلية الجنسية “اضطراب فى العقل” وعلى من سيحضر البطولة من مجتمعات الميم “قبول قواعدنا”. ليخرج رئيس الفيفا السابق بلاتر ويقول أن قرار منح قطر استضافة بطولة كأس العالم كان “خطًأ”.

حقوق الإنسان شرط أساسي

وسار هذا الجدل إلى تصريحات ومواجهات عدة وفي النهاية قام الاتحاد الدولى بإدخال تعديلات جديدة على شروط قبول الدول المستضيفة لكأس العالم والتى سيتم تطبيقها بدءًا من نسخة البطولة عام 2026. ومن ضمن هذة الشروط “يجب أن تكون الدولة التى ترغب فى التقدم لاستضافة البطولة مطبقة لمعايير حقوق الانسان التى نصت عليها الاتفاقات والمعاهدات الدولية والداخلية”.

فهل ستدفع هذه الشروط الجديدة الدول التى تنتهك حقوق الإنسان والتى تريد تنظيم مثل هذة البطولات العالمية إلى تغيير السياسات والقوانين الداخلية التى تنتهك حقوق الانسان إلى سياسات وقوانين ترسخ مفاهيم حقوق الإنسان الشاملة داخل هذه الدول والتأكيد على احترام جميع الاختلافات بين المواطنين وعدم التمييز بينهم؟

أم سيحمل المستقبل اعتراضات من بعض الدول على هذه الشروط والتحدث حول أن هذة الشروط منحازة لدول دون دول أخرى وأن مفهوم حقوق الإنسان يختلف بالفعل من مكان إلى آخر ومن ثقافة إلى أخرى كما تروج بعض الحكومات الديكتاتورية حول العالم؟ وهل ستتحويل لعبة كرة القدم إلى صراع بين الدول ونرى بطولة موازية لكأس العالم الحالي كما نرى تكتلات فى عالم الساسية والاقتصاد مختلفة ع بعضها؟ أم ستكون كرة القدم هى بالفعل التى تجمع كافة أطياف العالم بدون تمييز وتحيز وتفرفة؟

دعونا نشاهد هذه البطولة فى قطر ونرى ونقيم بعد انتهاءها. ربما تحدث أمور تجلعنا نعيد النظر مرة أخرى في كل ما يتعلق بكرة القدم.

كتابة: محمود رشاد

شروط الاستخدام

محتوى أطياف مرخص برخصة المشاع الإبداعي. يسمح بإعادة نشر المواد بشرط الإشارة إلى المصدر بواسطة رابط تشعبي، وعدم إجراء تغييرات على النص، وعدم استخدامه لأغراض تجارية.