نشر جهاز دعم المديريات، وهو جهة أمنية في العاصمة الليبية طرابلس تتبع وزارة الداخلية، مقطع فيديو ظهر فيه تسعة رجال وسيدتان وطفل أثناء استجوابهم بمزاعم تتعلق بالمثلية الجنسية والإصابة بفيروس نقص المناعة (HIV) وتشكيل شبكة تتعمد نشر الفيروس بين الليبيين في مخالفة “للقانون والدين الإسلامي” كما زعم الجهاز.
أثار الفيديو ردود فعل غاضبة، كونه يكشف عن وجوه المتهمين ونشر تفاصيل التحقيقات دون أي احترام للخصوصية، مما يمثل انتهاكًا خطيرًا لحقوق الإنسان والقانون وتشهيرًا بالمواطنين الليبيين. اعتبر البعض أن هذا الإجراء بمثابة تشهير علني، قد يعرض الأفراد المذكورين لمخاطر جسيمة، بما في ذلك العنف المجتمعي والتمييز الجائر وصعوبة العيش في ليبيا.
يُلاحظ أن التهم المتعلقة بالمثلية الجنسية وفيروس نقص المناعة تُستخدم أحيانًا لتبرير الاعتقالات العشوائية واستهداف فئات محددة داخل المجتمع. وهذا يثير قلقًا متزايدًا حول مدى نزاهة التحقيقات ومدى التزام السلطات بمعايير حقوق الإنسان والقانون في التعامل مع هذه القضايا.
من الجدير بالذكر أن وصم الأشخاص المتعايشين وربطهم بسلوكيات جنائية أو مؤامرات، كما لمح الفيديو، يؤدي إلى نشر معلومات مغلوطة ويعزز من الوصم والتمييز ضد المتعايشين مع الفيروس، في وقت تدعو فيه المنظمات الصحية الدولية إلى التعامل مع الفيروس من منظور طبي خالص وتوفير الحماية القانونية والمجتمعية بعيدًا عن الوصمة الاجتماعية للحد من الفيروس وانتشاره ودعم المتعايشين معه.
يطالب العديد من الناشطين والمنظمات الحقوقية بفتح تحقيق حول الجهة المسؤولة عن نشر الفيديو، ومعاقبة المتورطين في التشهير بالأفراد المعنيين، بالإضافة إلى ضمان محاكمات عادلة بعيدًا عن التحريض الإعلامي وانتهاك الخصوصية.
وتعرضت صفحة الجهاز عبر فيسبوك للبلاغات بسبب التشهير مما علق الصحفة وحذف الفيديو وعلق الجهاز على ذلك بقوله “ماضون إلى الأمام ولن نلتفت لكل المثبطين والمتربصين.” بينما قالت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا في بيان لها أنها “تُطالب جميع الجهات الأمنية والعسكرية ووزارة الداخلية والأجهزة الامنية التابعة لها بالتوقف عن إظهار هوية الموقوفين ونشر اعترافاتهم في أثناء مرحلة الضبط والتحقيق، والإلتزام بما نص عليه قانون الإجراءات الجنائية الليبي في هذا الشأن.”
هذه الواقعة ليست الأولى من نوعها في ليبيا، حيث شهدت السنوات الأخيرة عدة حملات أمنية استهدفت الأفراد بناءً على توجهاتهم الجنسية المثلية المفترضة أو أنماط حياتهم غير التقليدية. ومع غياب الضمانات القانونية لحماية الحريات الفردية، يخشى الكثيرون من أن تصبح مثل هذه الانتهاكات أكثر انتشارًا في ليبيا.