لطالما واجه أفراد مجتمعات الميم في اليابان تحديات كبيرة في الحصول على رعاية صحية تتسم بالاحترام والتفهم، حيث شكلت التعليقات غير الحساسة والتمييز في المرافق الطبية عائقًا نفسيًا دفع الكثيرين إلى تجنب زيارة الأطباء. مؤخرًا، بدأت بعض المستشفيات في اتخاذ خطوات جادة نحو توفير بيئة أكثر شمولًا، تضمن حصول جميع الأفراد على رعاية طبية عادلة وآمنة.
في طوكيو، يقود مستشفى سيبو Seibo Hospital ثورة في تقديم رعاية صحية شاملة لمجتمعات الميم، حيث تبنى دليلًا خاصًا بمبادئ SOGI (التوجه الجنسي والهوية الجندرية)، يهدف إلى ضمان معاملة جميع المرضى باحترام ودون تحيز. كما عدل بعض المصطلحات في السجلات الطبية، مثل استبدال عبارات الأب والأم بأخرى أكثر شمولًا، تماشيًا مع احتياجات الأسر الكويرية.
على الرغم من هذه الخطوات الإيجابية، لا يزال الخوف من التمييز يشكل عقبة كبيرة أمام أفراد مجتمعات الميم عند البحث عن الرعاية الصحية. وفقًا لدراسة أجراها البروفيسور ياسوهارو هيداكا في جامعة تاكارازوكا عام 2019، شملت 10,000 شخص من الأقليات الجنسية، أن 8.3% من المشاركين تجنبوا زيارة المرافق الطبية خوفًا من التمييز بسبب ميولهم الجنسية أو هويتهم الجندرية. وكانت هذه النسبة مرتفعة بشكل خاص بين الرجال والنساء الترانس، حيث بلغت 38.8% للرجال الترانس و51.2% للنساء الترانس.
ومن بين الأسباب التي ذكرها المشاركون لرفضهم تلقي العلاج الطبي:
- تعرضهم للرفض الصريح من قبل المستشفيات بسبب هويتهم الجندرية.
- استخدام الأطباء تعبيرات مهينة وتمييزية عند الحديث معهم.
أكد البروفيسور ياسوهارو أن العديد من أفراد مجتمعات الميم يعانون من مشكلات صحية نفسية بسبب الكراهية والعنف على أساس الهوية الجنسية، وأن وجود صلة إيجابية بين الأفراد والمنشآت الطبية أمر ضروري. وأضاف: “يجب على المستشفيات أن تتغير لإزالة الحواجز التي تمنع الناس من اللجوء للأطباء.”
وفي العام الماضي، أصدر البروفيسور ياسوهارو كتابًا عن مجتمعات الميم والرعاية الصحية، بهدف مساعدة المستشفيات على فهم التحديات التي يواجهها أفراد مجتمعات الميم والعمل على تحسين مستوى الرعاية المقدمة لهم.
إلى جانب مستشفى سيبو، بدأ مستشفى كلية كوتشي الطبية في محافظة كوتشي بتقديم برامج دعم متخصصة لمجتمعات الميم، ليصبح أول مستشفى جامعي عام في اليابان يكون فريقًا طبيًا مكرسًا لدعم الأقليات الجنسية.
يضم الفريق 10 أطباء وممرضين سبق لهم العمل مع مرضى فيروس نقص المناعة (HIV)، وهم الآن يقدمون دعمًا نفسيًا وطبيًا للأفراد المثليين والترانس ومزدوجي الميول الجنسية. وتشمل جهودهم:
- تنظيم ندوات توعوية حول قضايا مجتمعات الميم في المجال الصحي.
- توزيع شارات قوس قزح على العاملين في القطاع الطبي لتعزيز بيئة أكثر تقبلًا.
- التعاون مع مستشفيات أخرى لنشر الوعي وتحسين مستوى الرعاية المقدمة للأفراد الكوير.
لا يساهم توفير رعاية صحية تراعي التنوع الجندري والجنسي في تحسين صحة الأفراد فحسب، بل يساعد في خلق مجتمعات أكثر عدالة وإنصافًا، حيث يمكن للجميع – بغض النظر عن هويتهم – الحصول على العلاج والدعم اللازمين دون خوف أو قلق مما يعزز الصحة العامة لكافة أفراد المجتمع.