شنت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية FDA حملة صارمة ضد بوبرز Poppers، وهو مخدر ترفيهي شائع بين أفراد مجتمعات الميم وخاصة الرجال المثليين.
هذه الخطوة أثارت جدلًا واسعًا، خاصة أن البوبرز ظل لسنوات في منطقة قانونية رمادية، حيث سُوق له تحت مسميات مثل مزيل طلاء الأظافر ومذيبات التنظيف ويباع في قوارير سعتها من عشرة إلى ثلاثين ملليتر دون تعريف بمخاطره وأثاره الجانبية على الصحة.
أعلنت شركة دابل سكوربيو Double Scorpio، المنتجة لمخدر البوبرز ومقرها تكساس، عن إيقاف نشاطها التجاري بعد عملية تفتيش ومصادرة نفذتها إدارة الغذاء والدواء.
كما أزالت الشركة جميع المعلومات من موقعها الإلكتروني، مكتفية ببيان مقتضب شكر عملاءها على دعمهم خلال السنوات الماضية.
كما اختفت علامات تجارية أخرى مثل Rush وPWD وNitro-Solv من المشهد، حيث أوقفت الشركات خطوط الإنتاج وأزالت وجودها الرقمي.
ويبدو أن هذه الخطوة تمثل نهاية غير رسمية لصناعة البوبرز التي استمرت لعقود رغم القيود القانونية السابقة.
ما هو البوبرز؟ ولماذا يحظى بشعبية في مجتمعات الميم؟
بوبرز هو اسم شائع لـ مركبات نتريت الألكيل، التي تُباع في زجاجات صغيرة في محلات البقالة والمتاجر الجنسية ومحطات الوقود وعبر الإنترنت أو في السوق السوداء.
يمنح البوبرز عند استنشاقه شعورًا سريعًا بالنشوة والاسترخاء العضلي، مما جعله شائعًا كمخدر جنسي في أوساط الرجال المثليين.
في الأصل، استخدم مخدر بوبرز طبيًا لعلاج آلام الصدر، لكن صُنف كدواء يحتاج إلى وصفة طبية في الستينيات. لاحقًا، لجأ المصنعون إلى استخدام مركبات بديلة مثل نتريت البنتيل، ولكن حُظرت عام 1988، ثم نترات الأيزوبروبيل في عام 1990. ومع ذلك، استمر إنتاجه بفضل استثناء قانوني سمح باستخدامه لأغراض تجارية.
الجدل العلمي: هل مخدر البوبرز يسبب الإيدز؟
على مر السنين، ارتبط مخدر البوبرز خطأً بفيروس نقص المناعة (HIV) والإيدز، وهي نظرية دُحضت علميًا. رغم ذلك، لا يزال روبرت ف. كينيدي جونيور، وزير الصحة والخدمات الإنسانية الجديد، يروج لهذه الادعاءات، مما أثار انتقادات من الأوساط الطبية والحقوقية.
مخاطر صحية حقيقية رغم الجدل
في حين أن المزاعم حول علاقة مخدر البوبرز بفيروس نقص المناعة (HIV) غير مدعومة علميًا، فإن الدراسات تؤكد وجود مخاطر صحية أخرى مرتبطة بإساءة استخدام المخدر، مثل:
- تسارع نبضات القلب
- إحمرار الوجه والرقبة
- الصداع والغثيان والقيء
- مشاكل في الرؤية
كما أن تناول البوبرز عن طريق الفم قد يكون قاتلًا، إذ يمكن أن يسبب تسممًا خطيرًا قد يؤدي إلى فقدان الوعي أو حتى الوفاة.
وأظهرت دراسة حديثة نشرت هذا الشهر في مجلة Clinical Toxicology المتخصصة بتتبع السمية في الأدوية والمستحضرات أن هناك ارتفاعًا في حالات التسمم نتيجة استخدام مخدر البوبرز في نيويورك.
حيث أبلغت مراكز مكافحة السموم عن زيادة ملحوظة في الحالات. وعند استجواب 86 متجرًا تبيع البوبرز، قال 50% من العاملين إن المنتج مخصص للاستنشاق، بينما لم يكن 44% على دراية بطريقة الاستخدام، وأوصى 8% المستخدمين بشربه، وهو أمر بالغ الخطورة.
وهو ما قالته المراكز الفرنسية لمكافحة التسمّم منذ عقود، حيث وثقت تسمم 800 فرد ووفاة خمسة أفراد بين 1999 و2009.
رغم أن إدارة الغذاء والدواء أغلقت بعض الشركات الكبرى، إلا أن صناعة البوبرز عُرفت دائمًا بقدرتها على الالتفاف حول القوانين، مما يثير تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الحملة ستقضي عليه تمامًا أم لا.