حذرت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير جديد صدر في 3 يونيو 2025 من أن القوانين التي تحظر الرعاية الصحية المؤكدة للجندر والعبور الجنسي في الولايات المتحدة الأمريكية تُلحِق أضرارا جسيمة بالشباب الترانس، وتُعرّض حياتهم للخطر، إضافة إلى ما تسببه من تداعيات سلبية على العائلات والقطاع الصحي.
وأوضح التقرير أن 25 ولاية أمريكية فرضت، منذ عام 2021، حظرًا شاملاً على الرعاية الصحية الخاصة بتأكيد الجندر، والتي تُعَدّ جزءا من ممارسات طبية معتمدة ومبنية على الأدلة الطبية والعلمية وأيدتها كبرى المنظمات الطبية والصحية.
واعتبرت المنظمة أن هذه القوانين تفاقم معاناة الشباب من خلال زيادة القلق، والاكتئاب، وحتى حالات محاولة الانتحار، والانتحار الفعلي، فضلاً عن خلق مناخ سياسي ومجتمعي وعام عدائي يدفع الترانس الشباب إلى إخفاء الهوية الجندرية والانعزال المجتمعي.
وفي مقابلات أجرتها المنظمة مع 51 شخصًا في 19 ولاية، شملت شباب ترانس وأهاليهم ومقدمي رعاية صحية، أفادت العديد من العائلات بأن أبناءهم فقدوا إمكانية الوصول إلى الرعاية الصحية دون سابق إنذار، وأن بعضهم اضطر للسفر خارج ولايته للحصول على وصفات طبية أو استشارات متخصصة.
كما أكد التقرير أن الإدارة الفيدرالية برئاسة دونالد ترمب اتخذت خلال عام 2025 إجراءات زادت من القيود المفروضة على الشباب الترانس، مما تسبب في إغلاق بعض العيادات أو تقليص خدماتها حتى في ولايات لم تحظر الرعاية الصحية المؤكدة للجندر والعبور الجنسي للشباب رسميًا.
وقالت ياسمين سمالينز، من برنامج حقوق مجتمع الميم في هيومن رايتس ووتش: “حُرِم اليافعون الترانس من رعاية صحية أساسية تدعم حياتهم، وتم دفعهم إلى قلب حرب ثقافية شرسة، بينما تُترك العائلات في مواجهة عوائق قانونية وجغرافية ومالية ضخمة.”
وأشار التقرير إلى أن أكثر من 100 ألف يافع ترانس يعيشون اليوم في ولايات تمنع الرعاية الصحية المؤكدة للجندر والعبور الجنسي للشباب، وأن بعض الولايات تعتبر تقديمها “جناية” وجريمة، مما يضع مقدمي الخدمات الصحية الضرورية للحياة تحت طائلة المساءلة القانونية.
في ولاية تكساس، أشار التقرير إلى صدور توجيهات رسمية تعتبر بعض أشكال الرعاية الصحية للشباب الترانس ضمن أشكال “سوء معاملة الأطفال”، مما دفع بعض العائلات إلى الامتناع عن طلب أي خدمات طبية لذويهمن الترانس خوفًا من فتح تحقيقات قد تؤدي إلى فقدان حضانة أطفالهم.
وأكدت المنظمة أن معظم الجهات الطبية الأمريكية، ومنها الجمعية الطبية الأمريكية للأطباء النفسيين والأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال، تدعم الرعاية الصحية المؤكدة للجندر والعبور الجنسي باعتبارها ضرورية وآمنة، ويتم تقديمها فقط بعد تقييمات طويلة للأشخاص.
وختمت ياسمين سمالينز تصريحها بالتشديد على أن هذه القوانين “تُقلب حياة العائلات رأسًا على عقب، وتُجبر البعض على مغادرة ولاياتهم، وتؤدي إلى تفاقم العداء ضد الأشخاص الترانس”، داعيةً إلى إلغاء الحظر وضمان حق الشباب الترانس في الرعاية الصحية والحماية القانونية والمجتمعية.
ترمب يستهدف مجتمعات الترانس بشكل خاص
منذ عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير الماضي مع بداية 2025، شهدت الولايات المتحدة تصعيدًا غير مسبوق في الهجمات على حقوق مجتمعات الميم، خاصة الأفراد الترانس، في مجالات الصحة، والسجون، والحريات الشخصية. جاءت هذه السياسات ضمن قرارت رئاسية وحكومية أثارت موجة من الغضب بين النشطاء الحقوقيين والمنظمات الطبية والمجتمع الدولي.
وقع ترمب أمرًا تنفيذيًا يمنع تقديم الرعاية الصحية المؤكدة للهوية الجندرية للأشخاص تحت سن 19 عامًا، والذي بموجه، حظرت برامج Medicare وMedicaid دعم العلاجات الهرمونية أو العمليات الجراحية للأفراد الترانس،.
كما أنهى ترمب الاعتماد على إرشادات الجمعية العالمية للمهنيين لصحة الأفراد الترانس (WPATH)، والتي اتهمتها الإدارة الأمريكية سابقًا بـ”الترويج لعلوم زائفة”.
جاء هذا القرار مع تزايد عدد الشباب الترانس الذين يسعون للحصول على الرعاية الطبية، حيث أظهرت الإحصاءات أن حوالي 4230 قاصرًا تلقوا علاجًا هرمونيًا في الولايات المتحدة خلال العام الماضي، في حين تناول أقل من 1400 منهم علاجات حاصرات البلوغ.
نددت المنظمات الحقوقية، مثل GLAAD وحملة حقوق الإنسان (HRC)، بالقرار الرئاسي، مشيرة إلى أن كل الجمعيات الطبية الكبرى تدعم الرعاية المؤكدة للهوية الجندرية والعبور الجنسي باعتبارها علاجًا ضروريًا قائمًا على الأدلة ويساهم في إنقاذ الأشخاص.
في استطلاع أجرته مؤسسة جالوب العام الماضي، قال 61% من الأمريكيين إنهم يرفضون القوانين التي تحظر الدعم النفسي والعلاجات الهرمونية والجراحية للقاصرين الترانس، بينما أيدها 36% فقط، مما يعكس انقسامًا مجتمعيًا حول القضية.