أطياف
المثليين في تركيا

المثليين في تركيا: مسيرة الفخر تتحدى الحظر في وجه القمع المتصاعد

رغم استمرار الحظر الحكومي المفروض منذ ثلاث سنوات متتالية، شهدت مدينة إسطنبول التركية في الأول من يوليو 2018 محاولة جديدة لتنظيم مسيرة فخر من مجتمع الميم والترانس والمثليين في تركيا، في تحدٍ مباشر للسلطات التي تعتبر هذا النوع من التظاهرات تهديدًا “للسلم العام”.

وعلى الرغم من الإجراءات الأمنية المشددة، خرج العشرات من النشطاء ومناصري مجتمع الميم (LGBTQ+) للتعبير عن وجودهم ومطالبهم، مؤكدين على حقهم في التظاهر والاحتفاء بهويتهم.

خلفية الحظر: من مسيرات الفخر إلى سياسات القمع

تعد تركيا من الدول القليلة في المنطقة التي لا تجرم المثلية الجنسية قانونيًا، إلا أن الوضع الفعلي يروي قصة مختلفة. منذ عام 2015، بدأت السلطات التركية بحظر مسيرات الفخر في إسطنبول، بعد أن كانت تُنظم سنويًا دون عوائق منذ عام 2003، وتشهد حضورًا بالآلاف.

وقد بررت الحكومة التركية هذه الخطوة بذريعة “الحفاظ على الأمن العام”، وسط تصاعد الخطاب المحافظ في البلاد، وتزايد التدخلات الأمنية في الحياة المدنية، خاصة بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو 2016، التي أعقبها تشديد واسع على الحريات.

مسيرة 2018: كرامة تحت الخطر

في يوم الأحد، 1 يوليو 2018، تجمّع عدد من النشطاء قرب ميدان تقسيم في وسط إسطنبول رغم الحظر الصريح، حاملين أعلام قوس قزح ولافتات تطالب بالحق في التعبير والتنظيم.

لكن القوات الأمنية سارعت إلى تطويق المنطقة، وأطلقت الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي لتفريق المشاركين. كما استخدمت الكلاب البوليسية ومدافع المياه في عمليات القمع، مما أدى إلى إصابة واعتقال عدد من الأفراد.

وبحسب تقارير إعلامية محلية ودولية، فقد تم اعتقال 11 شخصًا على الأقل، من بينهم نشطاء معروفون في الدفاع عن حقوق الأقليات الجنسية.

ردود الفعل: منظمات دولية تدين

أعربت منظمات حقوقية، أبرزها منظمة العفو الدولية، عن قلقها الشديد حيال هذا الانتهاك للحق في التجمع السلمي وحرية التعبير، وطالبت الحكومة التركية بالإفراج الفوري عن المعتقلين. وفي بيان نشرته على موقعها الرسمي، أكدت المنظمة أن “التضييق المستمر على مسيرات الفخر يبعث برسائل مقلقة حول نية السلطات في تهميش مجتمع الميم”.

في المقابل، لم تصدر السلطات التركية تعليقًا رسميًا على استخدام القوة، واكتفت بتكرار المبررات المعتادة المرتبطة بـ”الاستفزاز” و”تهديد السلم العام”.

الهوية الكويرية تحت الضغط

رغم أن الدستور التركي لا يجرّم المثلية، إلا أن أفراد مجتمع الميم في تركيا يواجهون تحديات يومية تتعلق بالتمييز، والوصم الاجتماعي، والحرمان من الحقوق الأساسية، لا سيما في مجالات العمل، والصحة، والتعليم.

وفي تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش صدر عام 2017، وُثقت حالات عديدة من التضييق على الفعاليات الكويرية، من بينها حظر عروض الأفلام، والندوات الأكاديمية، والأنشطة الثقافية المرتبطة بالهوية الجندرية.

“نحن هنا، وسنظل هنا”

رغم القمع والتجاهل، جاء رد النشطاء المحليين قويًا وواضحًا. وفي بيان مشترك للمنظمات التركية المعنية بحقوق مجتمع الميم، جاء ما يلي:

“نحن موجودون وسنظل موجودين. اعتادوا علينا.”

هذه الجملة المختصرة باتت شعارًا لحراك كويري يزداد وعيًا وتنظيمًا، رغم الظروف الصعبة، ويثبت عامًا بعد عام أن صوته لن يُسكت بسهولة.

شروط الاستخدام

محتوى أطياف مرخص برخصة المشاع الإبداعي. يسمح بإعادة نشر المواد بشرط الإشارة إلى المصدر بواسطة رابط تشعبي، وعدم إجراء تغييرات على النص، وعدم استخدامه لأغراض تجارية.