أطياف
علاج المثلية

ألمانيا تتخذ خطوة تاريخية لتجريم “علاج المثلية”: حماية القاصرين من ممارسات كاذبة وخطيرة

في خطوة طال انتظارها على صعيد حقوق الإنسان وحماية الأقليات الجنسية، وافق مجلس وزراء ألمانيا على مشروع قانون يجرّم ممارسات ما يُعرف بـ”علاج المثلية”، أو المحاولات الكاذبة لتغيير التوجه الجنسي المثلي إلى مغاير، وقرر تمرير المشروع إلى البرلمان الألماني لمناقشته والتصديق عليه.

ويستهدف القانون بشكل أساسي المراهقين والقاصرين، حيث يعرّف هذه الممارسات كنوع من العنف الإجرامي، نظرًا لما تسببه من أذى نفسي وجسدي دائم.

“علاج المثلية”: خرافة خطرة تفتقد لأي أساس علمي

ما يسمى بـ”علاج المثلية” أو العلاج التحويلي (Conversion Therapy) هو ممارسة زائفة ومرفوضة طبيًا، يدّعي مروجوها أنهم قادرون على تغيير التوجه الجنسي المثلي إلى مغاير من خلال وسائل نفسية أو روحية أو حتى جسدية.

لكن منظمة الصحة العالمية، إلى جانب الجمعية الأمريكية لعلم النفس والجمعية الطبية الألمانية وغيرها من الهيئات العلمية، تنفي بشكل قاطع أي فعالية لهذه الأساليب، وتؤكد أن:

  • الميول الجنسية ليست اضطرابًا أو مرضًا.
  • لا يمكن تغيير الهوية الجنسية أو التوجه الجنسي بالإكراه.
  • الخضوع لهذه “العلاجات” يؤدي إلى أعراض نفسية خطيرة، مثل:
    • الاكتئاب الحاد
    • القلق
    • اضطرابات الهوية
    • السلوك الانتحاري

نصوص مشروع القانون: تركيز على حماية القاصرين

مشروع القانون الذي وافق عليه مجلس الوزراء الألماني يتضمن:

  • تجريم تقديم أو الترويج أو فرض هذه الممارسات على أي شخص دون سن 18 عامًا.
  • فرض عقوبات بالسجن أو الغرامة على الأفراد أو المراكز التي تمارس “علاج التحويل”.
  • السماح للقاصرين باللجوء إلى القضاء في حال تعرضهم لهذه الممارسات دون موافقتهم أو تحت الضغط الأسري.

وأكدت الحكومة أن هذه الخطوة تُعزز مبدأ الحماية القانونية للأطفال والمراهقين، وتحميهم من ممارسات ضارة تنتهك كرامتهم وحقوقهم الأساسية.

تصريحات داعمة من الحكومة والمجتمع المدني

قال ينس شبان، وزير الصحة الألماني، وهو أول وزير مثلي علنًا في تاريخ البلاد:

“المثلية ليست مرضًا، وبالتالي لا تحتاج إلى علاج. الممارسات التي تهدف إلى تغيير التوجه الجنسي ليست فقط غير فعالة، بل خطيرة للغاية، خصوصًا على الأطفال والشباب.”

من جهتها، رحّبت منظمات حقوق الإنسان بهذا القرار، واعتبرته خطوة في الاتجاه الصحيح نحو الحد من الممارسات التمييزية، ودعت إلى التوسع في الحظر ليشمل جميع الأعمار، وليس فقط القاصرين، كما هو الحال في بعض الدول الأوروبية الأخرى.

السياق الأوروبي والعالمي: مكافحة شاملة لعلاج المثلية

تأتي خطوة ألمانيا في سياق أوروبي متزايد لتجريم هذه الممارسات، حيث سبق أن حظرتها:

  • مالطا (أول دولة أوروبية تجرمها في 2016)
  • إسبانيا (بعض المناطق)
  • سويسرا
  • البرتغال

أما على الصعيد العالمي، فقد حظرت دول مثل كندا والبرازيل والإكوادور هذه الممارسات بشكل قانوني، في حين لا تزال منتشرة في دول عديدة، خاصةً تحت غطاء ديني أو علاجي في مناطق من آسيا وأفريقيا.

نحو حماية شاملة واعتراف إنساني

مع تجريم “علاج المثلية“، تؤكد ألمانيا التزامها بمبادئ حقوق الإنسان، وترسيخ ثقافة تحترم التنوع الجنسي والجندري، وتضع حدًا لممارسات ضارة لم تجر خلفها سوى الألم والوصم والانتحار.

وتبقى الدعوة مفتوحة أمام باقي الحكومات والمؤسسات حول العالم لاتباع النهج الألماني، ووضع سلامة أفراد مجتمع الميم/عين – خصوصًا الشباب والقاصرين – فوق كل اعتبار.

شروط الاستخدام

محتوى أطياف مرخص برخصة المشاع الإبداعي. يسمح بإعادة نشر المواد بشرط الإشارة إلى المصدر بواسطة رابط تشعبي، وعدم إجراء تغييرات على النص، وعدم استخدامه لأغراض تجارية.