شهدت عاصمة بوتسوانا، غابورون، أول مسيرة فخر للمثليين والمثليات والعابرين/ات جندريًا والمزدوجين/ات الميول الجنسية، في مشهد تاريخي غير مسبوق يعكس التحول الكبير في أوضاع الحقوق والحريات داخل هذا البلد الأفريقي.
جاءت المسيرة بعد إسقاط المحكمة العليا في بوتسوانا في يونيو 2019 للقانون الاستعماري الذي كان يُجرّم العلاقات الجنسية المثلية، لتصبح بوتسوانا من أحدث الدول في القارة التي تعترف قانونيًا بحقوق أفراد مجتمع الميم/عين.

نصر قانوني تاريخي: إلغاء تجريم المثلية الجنسية
في 11 يونيو 2019، أصدرت المحكمة العليا في بوتسوانا حكمًا تاريخيًا يقضي بعدم دستورية المادتين 164 و165 من قانون العقوبات، واللتين كانتا تُستخدمان لتجريم العلاقات الجنسية بين البالغين المتوافقين على أساس الميول الجنسية المثلية.
وجاء في حيثيات الحكم أن هذه المواد:
- تنتهك الحق في الخصوصية.
- تتنافى مع مبدأ الكرامة الإنسانية.
- تخالف الحق في الحماية من التمييز.
واعتبر القضاة أن الحفاظ على هذه القوانين “ليس له مكان في مجتمع ديمقراطي”، مؤكدين أن الهوية الجنسية ليست خيارًا، بل جزء لا يتجزأ من كيان الفرد.

غابورون تحتضن أول مسيرة فخر: ألوان قوس قزح تزيّن العاصمة
في 20 ديسمبر 2019، خرج المئات من أفراد ونشطاء المجتمع الكويري في شوارع غابورون، حاملين أعلام قوس قزح ولافتات تطالب بالمساواة ورفض الكراهية، احتفالًا بالانتصار القضائي التاريخي.

جاءت المسيرة بتنظيم من منظمات حقوق الإنسان مثل:
- LEGABIBO (رابطة حقوق المثليات والمثليين ومزدوجي الميول والعابرين جنسيًا في بوتسوانا)
- بدعم من هيومن رايتس ووتش وأمنيستي الدولية، ومشاركة عدد من الدبلوماسيين الغربيين.
وأكد منظمو الفعالية أن مسيرة الفخر تمثّل خطوة رمزية نحو الاعتراف الاجتماعي الكامل، وأن المعركة لم تنتهِ بعد في ظل استمرار بعض مظاهر الوصم المجتمعي والعنف ضد أفراد المجتمع.

بوتسوانا وأفريقيا: خريطة متغيرة لحقوق مجتمع الميم
بحلول نهاية عام 2019، أصبحت بوتسوانا واحدة من أقل من 10 دول أفريقية لا تجرّم العلاقات المثلية، لتنضم إلى دول مثل:
- أنجولا (ألغت التجريم في 2019)
- جنوب أفريقيا (أول دولة أفريقية تُشرّع زواج المثليين)
- موزمبيق
- سيشل
في المقابل، لا تزال أكثر من 30 دولة أفريقية تحتفظ بتشريعات تجرّم المثلية، بعضها يعاقب بالإعدام أو السجن لسنوات طويلة، مثل نيجيريا، أوغندا، والسودان (قبل تعديلات جزئية لاحقًا).
حقوق مجتمع الميم: إلى أين تمضي القارة؟
يُعدّ ما تحقق في بوتسوانا مثالًا ملهمًا على قدرة النضال المحلي والتقاضي الاستراتيجي في الدفع بالتغيير، حتى في بيئات اجتماعية محافظة.
وقد علّق أحد نشطاء LEGABIBO على المسيرة قائلًا:
“لسنا دعاة فضائح، نحن دعاة كرامة. نريد فقط أن نعيش في سلام كمواطنين كاملي الحقوق، وأن نُعامل بعدل كغيرنا.”
وهو ما يعكس الطموح نحو قارة أفريقية أكثر شمولًا وتسامحًا، تتبنى حقوق الإنسان للجميع دون استثناء أو تمييز على أساس التوجه الجنسي أو الهوية الجندرية.
مسيرة نحو الأمل
مثّلت مسيرة الفخر الأولى في غابورون خطوة مفصلية في مسار حقوق مجتمع الميم في إفريقيا، واحتفالًا نابعًا من قلوب مَن انتصروا لأنفسهم بعد عقود من القمع والصمت.
لقد بعثت المسيرة رسالة واضحة:
“الحب ليس جريمة، والكرامة حق للجميع.”