أطياف
مجتمع الميم

السودان بعد الثورة: هل تشمل دعوات الحرية والعدالة أفراد مجتمع الميم؟

في الوقت الذي يحتفل فيه الشعب السوداني والعالم بذكرى مرور عام على اندلاع ثورة ديسمبر المجيدة، تعود إلى الواجهة قضايا الحقوق والحريات، وعلى رأسها حقوق الأفراد من مجتمع الميم/عين+، الذين لا تزال أوضاعهم محفوفة بالخطر في ظل قوانين تعود لعهد نظام الإنقاذ بقيادة الرئيس المعزول عمر البشير.

ورغم إسقاط رأس النظام، لا تزال آثار التشريعات القمعية التي أُقرّت خلال حكمه تُلقي بظلالها على حياة آلاف السودانيين المختلفين جنسيًا وجندريًا، ما يجعل من السودان واحدًا من أخطر الدول في العالم على المثليين/ات والعابرين/ات جندريًا.

قوانين تجرّم المثلية: إرث البشير الذي لم يسقط بعد

حتى وقت قريب، كانت المادة 148 من القانون الجنائي السوداني تنص على عقوبات قاسية تجاه المثلية الجنسية تشمل:

  • الإعدام كحد أقصى في حالة التكرار.
  • الجلد 100 جلدة والحبس مدة تصل إلى خمس سنوات.
  • الحبس المؤبد في بعض الحالات، بالإضافة إلى الغرامات المالية.

هذه المواد كانت تُستخدم لتجريم الأفراد بناءً على ميولهم الجنسية أو هويتهم الجندرية، في انتهاك صارخ للمعايير الدولية لحقوق الإنسان التي تحظر التعذيب والعقاب القاسي أو غير الإنساني.

وفي عام 2020، وبعد ضغوط دولية ومحلية من منظمات حقوق الإنسان، تم إلغاء عقوبة الإعدام والجلد كمُخرَج تشريعي مرحلي، إلا أن تجريم العلاقات المثلية لا يزال ساريًا، ما يبقي التهديد قائمًا.

مجتمع الميم في السودان: الخوف مستمر بعد الثورة

في ظل صمتٍ رسمي مطبق، ما يزال أفراد مجتمع الميم السوداني يتعرضون لانتهاكات يومية، منها:

  • الاعتقال التعسفي والإيقاع الإلكتروني.
  • الضرب والإذلال أثناء الاحتجاز.
  • الفصل من العمل أو الطرد من الأسرة.
  • حملات التشهير عبر الإعلام ومواقع التواصل.

وقد وثقت منظمات مثل “هيومن رايتس ووتش” و”سودانيون من أجل التغيير” هذه الممارسات، داعية السلطات الانتقالية لتبني إصلاحات شاملة تعزز من الحماية القانونية وتكفل المساواة أمام القانون لجميع المواطنين.

الثورة السودانية: هل يتحقق شعار “حرية، سلام، وعدالة” للجميع؟

رفع السودانيون خلال الثورة شعارًا واحدًا صدح في الشوارع والميادين:
“حرية، سلام، وعدالة.”
لكن هذا الشعار سيبقى منقوصًا إذا استُثنيت منه فئات بعينها، فقط لكونها تختلف عن الأغلبية في هويتها الجندرية أو ميولها الجنسية.

وقد علّق أحد النشطاء الكويريين في السودان، دون ذكر اسمه لدواعٍ أمنية، قائلاً:

“نحن جزء من هذا الوطن، وقفنا في الصفوف الأمامية في الاعتصام، تعرضنا للقمع مثل الجميع. والآن، حين تتحدث الحكومة عن الإصلاح، يتم تجاهلنا وكأننا غير موجودين.”

المطالب الحقوقية: خطوات نحو المستقبل

يدعو الناشطون والمنظمات الحقوقية في السودان إلى:

  • إلغاء كامل لجميع القوانين التي تجرّم العلاقات المثلية.
  • ضمان الحماية القانونية من العنف والتمييز.
  • نشر التوعية المجتمعية ضد الكراهية والتحريض.
  • إشراك ممثلي مجتمع الميم في الحوار السياسي والاجتماعي.

وبينما تتجه الدولة نحو صياغة دستور جديد، يعتبر كثيرون أن اللحظة مناسبة لـ وضع إطار تشريعي يضمن المساواة ويحمي حقوق الإنسان للجميع، دون استثناء.

لا حرية دون شمول

مع حلول الذكرى الأولى لثورة ديسمبر، يجب أن نتذكر أن التغيير لا يكتمل إلا عندما يشمل الجميع. فـالديمقراطية الحقيقية لا تُبنى على الإقصاء، والعدالة لا تتحقق إن تُرك البعض في الخلف.

لقد آن الأوان لأن تُترجم شعارات الثورة إلى إصلاحات قانونية وسياسية تضمن حياة كريمة وآمنة لكل مواطن سوداني، بصرف النظر عن ميوله الجنسية أو هويته الجندرية.

شروط الاستخدام

محتوى أطياف مرخص برخصة المشاع الإبداعي. يسمح بإعادة نشر المواد بشرط الإشارة إلى المصدر بواسطة رابط تشعبي، وعدم إجراء تغييرات على النص، وعدم استخدامه لأغراض تجارية.