أطياف
الحراك الكويري

الحراك الكويري في لبنان يحجز مكانه في الاحتجاجات الشعبية: “كلنا يعني كلنا” بألوان قوس قزح

مع تصاعد زخم الاحتجاجات الشعبية في لبنان في أكتوبر 2019، التي خرج فيها مئات الآلاف إلى الشوارع للمطالبة بالتغيير السياسي والاجتماعي، برزت لافتات وأصوات تمثل جميع فئات المجتمع، وكان لافتًا الحضور اللافت والفاعل لمجتمعات الميم-عين (LGBTQ+) تحت شعار واضح: “الحقوق لا تتجزأ”.


الحراك الشعبي في لبنان: لحظة توحيد تاريخية

منذ اندلاع المظاهرات في 17 أكتوبر، شهدت شوارع بيروت ومدن أخرى موجة احتجاجات غير مسبوقة، تُطالب بإسقاط النظام الطائفي، محاسبة الفساد، وإصلاح اقتصادي شامل. ولأول مرة منذ سنوات طويلة، اجتمعت أطياف المجتمع اللبناني كافةً، من مختلف الطوائف والانتماءات، في مشهد وطني جامع يرفع شعار: “كلن يعني كلن”.


مشاركة مجتمعات الميم: الحضور الكويري في الساحات اللبنانية

في هذه اللحظة التاريخية، اختار النشطاء/ات من مجتمع الميم-عين أن لا يغيبوا عن المشهد، بل حضروا بقوة، رافعين شعاراتهم ومطالبهم في قلب الساحات.

  • رفرفت أعلام قوس قزح في وسط بيروت.
  • كُتبت شعارات المساواة وحق التعبير الجندري على جدران العاصمة.
  • نصبت جمعية “حلم” (Helem)، وهي أقدم جمعية لبنانية تُعنى بحقوق المثليين والعابرين/ات جندريًا، خيمة ضمن الحراك في وسط بيروت، بشعار أعيد تصميمه: “كلنا يعني كلنا” بألوان علم الفخر.

قال أحد الناشطين في الجمعية في حديث لإحدى المنصات المحلية:

“وجودنا اليوم في الساحات هو إعلان بأننا جزء من هذا الشعب. لا يمكن الحديث عن تغيير حقيقي دون شمول حقوق كل فئات المجتمع، بما في ذلك المثليين والعابرين والعابرات جندريًا.”


أهمية هذا الظهور العلني

يشكل هذا الحضور تحولًا نوعيًا في الخطاب العام اللبناني، الذي لطالما همّش أو تجاهل قضايا الهوية الجندرية والتوجه الجنسي. فلطالما كان مجتمع الميم في لبنان عرضة:

  • للملاحقة القانونية بموجب المادة 534 من قانون العقوبات، التي تُستخدم لتجريم “ممارسة الجنس المخالف للطبيعة”.
  • للتمييز المجتمعي والتهميش في سوق العمل، الصحة، والتعليم.
  • للعنف من قبل الأجهزة الأمنية وأطراف مجتمعية مختلفة.

لكن مشاركة هذا المجتمع في الحراك الشعبي، بهذا الشكل العلني، تعزز من مشروعية مطالبه وتؤكد أن النضال من أجل الحريات لا يستثني أحدًا.


ردود الفعل: دعم واسع وتحديات قائمة

على الرغم من أن الحضور الكويري لاقى دعمًا من شرائح واسعة من المتظاهرين، خصوصًا بين الشباب والمستقلين، إلا أن بعض الأصوات المتحفظة حاولت مهاجمة هذا الوجود ووصْمه بـ”الانحراف عن الأهداف العامة”.

لكن رد الناشطين جاء واضحًا: “لا حرية بدون حرية الجميع”.


ثورة لا تُقصي أحدًا

إن مشاركة الحراك الكويري في الاحتجاجات اللبنانية تمثل نقطة تحول مفصلية في تاريخ النضال من أجل الحريات الفردية والجماعية في البلاد. إنها لحظة تؤكد أن العدالة الاجتماعية لا تُبنى على الإقصاء، وأن الحقوق لا تتجزأ، وأن لبنان الجديد الذي يطالب به المتظاهرون يجب أن يكون لكل أبنائه وبناته، بكل هوياتهم وانتماءاتهم.

شروط الاستخدام

محتوى أطياف مرخص برخصة المشاع الإبداعي. يسمح بإعادة نشر المواد بشرط الإشارة إلى المصدر بواسطة رابط تشعبي، وعدم إجراء تغييرات على النص، وعدم استخدامه لأغراض تجارية.