في خطوة تاريخية طال انتظارها، أعلنت إيرلندا الشمالية رسميًا عن تشريع زواج المثليين، لتلحق بركب المملكة المتحدة التي سبقتها في إقرار هذا الحق في إنجلترا، اسكتلندا، وويلز. ويأتي هذا القرار بعد سنوات من النضال الحقوقي المتواصل، والمطالبات المستمرة من منظمات المجتمع المدني ومجتمع الميم-عين في إيرلندا الشمالية.
يُعد هذا الإعلان انتصارًا كبيرًا لمبدأ المساواة، وانعكاسًا واضحًا للتقدم في حقوق الإنسان في المنطقة، خصوصًا أن إيرلندا الشمالية كانت المنطقة الأخيرة ضمن المملكة المتحدة التي لا تزال تحظر زواج المثليين.
خلفية: عقود من النضال من أجل المساواة في الزواج
لسنوات طويلة، واجه أفراد مجتمع الميم في إيرلندا الشمالية عراقيل قانونية وسياسية في سبيل الحصول على حقوقهم الأساسية، وعلى رأسها الحق في الزواج المدني. ورغم أن باقي مناطق المملكة المتحدة شرّعت زواج المثليين منذ عام 2014، بقيت إيرلندا الشمالية خارج هذا التوجه بسبب تحفظات سياسية ودينية في برلمانها المحلي.
لكن الضغط الشعبي والإعلامي والحقوقي لم يتوقف، واستمر النشطاء والمواطنون في المطالبة بالتغيير.
التدخل البريطاني ومصادقة البرلمان
نظرًا لجمود برلمان إيرلندا الشمالية وتعطيله لأكثر من عامين، استغل البرلمان البريطاني في وستمنستر هذا الفراغ التشريعي ليقر قانونًا ينص على:
- تشريع زواج المثليين في إيرلندا الشمالية
- توسيع خدمات الإجهاض القانونية للنساء
ودخل القانون حيز التنفيذ تلقائيًا بعد حلول منتصف ليل 22 أكتوبر 2019، إذا لم يُستأنف البرلمان المحلي أعماله ويعترض على التشريع — وهو ما لم يحدث.
ردود الفعل: فرح، دموع، وأمل جديد
شهدت شوارع بلفاست ومدن أخرى احتفالات كبيرة عقب الإعلان. وتجمع العشرات من نشطاء حقوق الإنسان ومجتمع الميم-عين في ميادين عامة، وهم يرفعون أعلام قوس قزح ويرقصون فرحًا بالإنجاز الذي طال انتظاره.
قالت رُوبي بتس, إحدى الناشطات في حملة المساواة في الزواج:
“اليوم أصبح بإمكاني أن أحب من أشاء، وأتزوج من أحب، دون أن أكون مواطنة من درجة ثانية.”
دلالات أوسع على مستوى المملكة المتحدة وأوروبا
بهذا القرار، تنضم إيرلندا الشمالية إلى قائمة متزايدة من الدول والمناطق الأوروبية التي تعترف قانونيًا بزواج المثليين. ويُعد ذلك مؤشرًا على تغيّر الوعي المجتمعي وتزايد الدعم الشعبي لحقوق الأقليات الجنسية والجندرية في القارة الأوروبية.
كما أن هذا الإنجاز يعزز صورة المملكة المتحدة كدولة تضمن المساواة لجميع مواطنيها، بصرف النظر عن ميولهم الجنسية أو هوياتهم الجندرية.
خطوة للأمام، ونضال مستمر
تشريع زواج المثليين في إيرلندا الشمالية هو ثمرة سنوات من العمل الجاد، والتضحية، والمثابرة. لكنه أيضًا تذكير بأن الحقوق لا تُمنح بسهولة، بل تُنتزع بنضال جماعي، وإيمان عميق بالعدالة والكرامة.
وإن كانت هذه الخطوة تمثل انتصارًا قانونيًا، فإن الطريق لا يزال طويلًا نحو تحقيق العدالة الاجتماعية الكاملة، ومواجهة التمييز، وتوفير بيئة آمنة وشاملة لجميع أفراد مجتمع الميم.