أطياف
بوتان

برلمان بوتان يلغي تجريم المثلية: خطوة جديدة نحو المساواة في آسيا

ي انتصار تاريخي جديد لحقوق الإنسان في القارة الآسيوية، صوّت برلمان مملكة بوتان، في 13 يونيو 2019، لصالح إلغاء القانون الذي يجرّم العلاقات الجنسية المثلية بين البالغين بالتراضي، والذي يعود إلى عام 2004. القرار يُعد بمثابة لحظة مفصلية في تاريخ البلد البوذي الصغير الواقع بين الصين والهند، ويعكس التحول المتسارع الذي تشهده المنطقة تجاه قضايا التنوع والعدالة والكرامة.


إلغاء تجريم المثلية في بوتان: من القانون إلى الإصلاح

حتى تاريخ القرار، كان يُنظر إلى المادة 213 من قانون العقوبات البوتاني لعام 2004، والتي تُجرّم “السلوك الجنسي غير الطبيعي”، على أنها غامضة لكنها قابلة للتأويل بشكل يتيح تجريم المثليين. ومع ذلك، لم تُسجّل أية حالات محاكمة مباشرة استنادًا إلى هذا النص.

لكن هذا لم يمنع مجتمع الميم في بوتان من المطالبة بإلغائه، لما يحمله من أثر نفسي واجتماعي سلبي، ولما يمثله من وصمة قانونية، ولو غير مفعّلة.

وقد صوت أعضاء البرلمان بالأغلبية على إسقاط المادتين 213 و214، ليُسجل بذلك انتصارًا هامًا لمجتمع الميم في بوتان ويجعل من المملكة واحدة من الدول القليلة في آسيا التي تتخذ خطوات ملموسة نحو احترام الحقوق الجنسية.


التحولات الإقليمية: آسيا في طريقها نحو الاعتراف بالتنوع

يأتي هذا القرار في ظل سلسلة من التغيرات الإيجابية في المنطقة الآسيوية فيما يخص قضايا المثلية الجنسية:

  • تايوان أصبحت أول دولة في آسيا تشرّع زواج المثليين في مايو 2019، بعد نضال طويل ومراجعة دستورية.
  • الهند ألغت في عام 2018 المادة 377 من قانون العقوبات، التي كانت تجرّم العلاقات الجنسية بين البالغين من نفس الجنس، بعد عقود من النضال القضائي والاجتماعي.
  • نيبال أقرت اعترافًا قانونيًا بهويات جندرية غير ثنائية، وسمحت للأفراد باختيار جنسهم في الوثائق الرسمية.

رغم ذلك، لا تزال قوانين تجريم المثلية سارية في عدد من الدول الآسيوية، مثل ماليزيا، باكستان، وسنغافورة، وتتعرض مجتمعات الميم في تلك البلدان لأشكال متعددة من التمييز القانوني والاجتماعي، مما يجعل التقدم في بوتان مشجعًا على الصعيد الحقوقي الإقليمي.


تعليقات النشطاء ومنظمات حقوق الإنسان

رحبت منظمات حقوقية دولية مثل هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية بالقرار، واعتبرته “خطوة إيجابية تمهد الطريق أمام إصلاحات قانونية أوسع تشمل مكافحة التمييز، وضمان العدالة الاجتماعية لمجتمعات الميم”.

وقالت الناشطة البوتانية تينزين لاخيي في تصريح لوسائل الإعلام المحلية:

“نحن اليوم أقرب إلى الاعتراف بإنسانيتنا. تجريم الحب لم يكن يومًا عدلًا، والآن يمكننا أن نعيش بكرامة أكبر”.


ماذا بعد؟ التحديات مستمرة

رغم هذا الإنجاز، لا تزال هناك تحديات عديدة تواجه مجتمعات الميم في بوتان والمنطقة، أبرزها:

  • غياب قوانين تحظر التمييز القائم على التوجه الجنسي أو الهوية الجندرية.
  • محدودية التمثيل الإعلامي والمجتمعي الإيجابي للأشخاص من مجتمع الميم.
  • التقاليد الاجتماعية والدينية المحافظة التي تعيق تقبّل التنوع الجنسي والجندري.

انتصار للحب والكرامة

إلغاء تجريم المثلية الجنسية في بوتان لا يمثل فقط تعديلًا قانونيًا، بل هو رسالة واضحة بأن المساواة والكرامة لا يجب أن تُمنحا بشروط. وبهذا القرار، تنضم بوتان إلى قائمة الدول التي تدرك أن العدل يبدأ بالاعتراف الكامل بإنسانية كل فرد، بغض النظر عن ميوله الجنسية أو هويته الجندرية.

شروط الاستخدام

محتوى أطياف مرخص برخصة المشاع الإبداعي. يسمح بإعادة نشر المواد بشرط الإشارة إلى المصدر بواسطة رابط تشعبي، وعدم إجراء تغييرات على النص، وعدم استخدامه لأغراض تجارية.