أطياف
الإكوادور

المحكمة العليا في الإكوادور تشرّع زواج المثليين: خطوة تاريخية نحو المساواة في أمريكا الجنوبية

أعلنت المحكمة الدستورية العليا في الإكوادور في 12 يونيو 2019 حكمًا تاريخيًا يقضي بالسماح بزواج المثليين، لتصبح بذلك الدولة الخامسة في أمريكا الجنوبية التي تُشرّع زواج الأزواج من نفس الجنس. القرار يمثل انتصارًا هامًا لحقوق مجتمع الميم في البلاد ويأتي تتويجًا لسنوات من النضال الحقوقي والاجتماعي من أجل المساواة.


قرار تاريخي من المحكمة الدستورية

في جلسة حاسمة، صوتت المحكمة العليا في العاصمة كيتو بـ 5 أصوات مقابل 4 لصالح الاعتراف بحق الأزواج المثليين في الزواج المدني. استند القضاة في قرارهم إلى مبادئ المساواة والكرامة الإنسانية المنصوص عليها في الدستور الإكوادوري، إضافة إلى التزامات البلاد بموجب الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان.

وجاء القرار بعد دعوى رفعها زوجان مثليان تم رفض طلبهما بالتسجيل كمتزوجين من قبل دائرة الأحوال المدنية، وهو ما اعتبرته المحكمة تمييزًا غير دستوري.

قال القاضي راميرو أفيلا في حيثيات الحكم:

“لا يمكن للدولة أن تستمر في إنكار حقوق أساسية لأفراد مجتمع الميم لمجرد اختلاف ميولهم الجنسية. إن الحق في تكوين أسرة يجب أن يُتاح للجميع دون تمييز”.


الإكوادور تنضم إلى صفوف الدول التقدمية

بهذا القرار، انضمت الإكوادور إلى قائمة الدول اللاتينية التي أقرت زواج المثليين، مثل الأرجنتين (2010)، أوروغواي (2013)، كولومبيا (2016)، والبرازيل.

ورغم أن الإكوادور قد ألغت تجريم العلاقات المثلية منذ عام 1997 وأدخلت تعديلات على قوانين مناهضة التمييز، فإن الاعتراف بالزواج المدني ظل مطلبًا حقوقيًا طال انتظاره.

قرار المحكمة الدستورية يُعد خطوة متقدمة في منطقة تشهد تحولات متباينة بشأن حقوق الأقليات الجنسية، حيث ما تزال بعض الدول في أمريكا اللاتينية، خصوصًا في أمريكا الوسطى، تحظر أو تقيد هذه الحقوق.


ردود الفعل: فرحة واحتفال في الشارع

فور إعلان القرار، شهدت العاصمة كيتو ومدن أخرى تجمعات واحتفالات لمجتمع الميم ونشطاء حقوق الإنسان، الذين رفعوا أعلام قوس قزح ورددوا هتافات تطالب بالمزيد من الإصلاحات.

قالت ديانا ماركو، إحدى المحاميات المشاركات في الدعوى:

“هذا ليس فقط انتصارًا قانونيًا، بل هو رسالة واضحة بأننا متساوون أمام القانون، وبأن الحب ليس جريمة”.

من جانبها، أعربت منظمة هيومن رايتس ووتش عن ترحيبها بالحكم، داعية الدول المجاورة إلى اتخاذ خطوات مماثلة لضمان حقوق الإنسان دون تمييز.


تحديات لا تزال قائمة

ورغم الانتصار القانوني، لا تزال التحديات المجتمعية والثقافية تشكل عائقًا أمام التطبيق الكامل للقرار. فالإكوادور، كغيرها من دول المنطقة، تشهد تأثيرًا كبيرًا للمؤسسات الدينية المحافظة، التي طالما عارضت تشريع زواج المثليين.

كما أن هناك حاجة إلى حملات توعية مجتمعية وتشريعات داعمة لحماية الأزواج المثليين من التمييز في الخدمات والتعليم والعمل.


انتصار للعدالة والمساواة

شرعنة زواج المثليين في الإكوادور ليست فقط انتصارًا قانونيًا، بل خطوة رمزية ومؤثرة تعزز مكانة البلاد كدولة ديمقراطية تحترم الحقوق الأساسية لمواطنيها. وهو أيضًا إنجاز يُضاف إلى سلسلة من النجاحات التي تحققها مجتمعات الميم حول العالم، رغم التحديات.

يبقى الأمل أن تُلهم هذه الخطوة دولًا أخرى في أمريكا اللاتينية والعالم العربي للعمل من أجل مستقبل أكثر عدالة وكرامة للجميع.

شروط الاستخدام

محتوى أطياف مرخص برخصة المشاع الإبداعي. يسمح بإعادة نشر المواد بشرط الإشارة إلى المصدر بواسطة رابط تشعبي، وعدم إجراء تغييرات على النص، وعدم استخدامه لأغراض تجارية.