أطياف
المثليين في العالم العربي

“لست وحدك”: حملة عربية للدفاع عن حقوق مجتمع الميم والترانس والمثليين في العالم العربي

في خطوة جريئة وغير مسبوقة، أطلقت منظمة هيومن رايتس ووتش (Human Rights Watch) بالشراكة مع المؤسسة العربية للحريات والمساواة (AFE) حملة توعوية بعنوان “لست وحدك”، تهدف إلى دعم المثليين والمثليات والترانس ومزدوجي الميول الجنسية في الدول العربية، وتسليط الضوء على معاناتهم اليومية، والعزلة المفروضة عليهم، والقوانين القمعية التي تهدد حياتهم وحقوقهم الأساسية.


“لست وحدك”: حملة للدعم والتضامن الكويري في المنطقة العربية

تهدف حملة “لست وحدك” إلى كسر حاجز الصمت المفروض على مجتمع الميم-عين في العالم العربي، حيث يواجه أفراده تهديدات قانونية، وتهميشًا اجتماعيًا، وإقصاءً ثقافيًا في معظم الدول.

وقد تم إطلاق المبادرة في ربيع عام 2018، لتتوج في مطلع 2019 بسلسلة من الفيديوهات المؤثرة التي تُظهر شهادات 34 ناشطًا من المثليين ومزدوجي الميول الجنسية والترانس، يمثلون 16 بلدًا عربيًا.

هذه التسجيلات المصورة نُشرت عبر الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي، وحملت قصصًا شخصية، بعضها صادم، لكنها جميعًا تحمل رسائل أمل وتضامن وقوة.


شهادات صريحة: من الخوف إلى التمكين

من بين المشاركين في الحملة شخصيات معروفة مثل:

  • عبد الله الطايع، الكاتب المغربي الذي جاهر بمثليته منذ سنوات، وقال: “لم أكن أظن أني سأتحلى بالقدرة والقوة لأن أواجه المجتمع وأجاهر بأني مثلي. أحببتم ذلك أم كرهتموه.”
  • حامد سنو، المغني الرئيسي في فرقة “مشروع ليلى” اللبنانية، الذي قال في شهادته: “كنت أشعر كأني مسخ… يسخرون مني ويضربونني. كنت أشعر بأنني وحيد. هذا الأمر صعب، خاصة عندما نكون صغاراً، لكنه يصبح أسهل مع الزمن.”

تُظهر هذه القصص حجم الألم، ولكن أيضًا عمق الشجاعة والقدرة على التحدي، في وجه واقع لا يزال يُجرّم الاختلاف الجنسي في معظم الدول العربية.


التضامن الإقليمي: مبادرات من الجزائر إلى عمان

لا تقتصر الحملة على التوثيق، بل تُبرز جهودًا مجتمعية ناشئة في عدة بلدان:

  • في الجزائر، قال الناشط زهير: “لا نريد أن نبقى أسرى صورة الضحية. نريد أن ننقل الحقيقة، نتحدث عن العنف، ولكن أيضًا عن ما هو إيجابي.”
  • في ليبيا، أكد أحمد: “أنا إنسان لا أختلف عن الآخرين. لدي حقوق وسأدافع عنها.”
  • في عمان، بدأ بعض النشطاء بتنظيم لقاءات اجتماعية خاصة لمساعدة بعضهم البعض وتشكيل شبكات دعم آمنة.
  • في الكويت، قام ناشط متحول بتدريب أفراد مجتمع الميم على مهارات الأمن الرقمي.
  • في الأردن، لجأ فنانون وناشطون إلى المسرح والفنون التعبيرية لرفع الوعي حول قضايا الهوية الجندرية والتوجه الجنسي.
  • أما في لبنان، فقالت ريما، وهي امرأة ثنائية التوجه الجنسي: “رجال الدين والحكومة والأهل يتدخلون في حياتك الجنسية. أقول لك: هذا لا يعنيهم. جسدك ورغباتك ملكك وحدك.”

القوانين التمييزية: تجريم المثليّة في العالم الناطقة بالعربية

رغم بعض المبادرات الإيجابية، تظل معظم الدول العربية تجرّم المثلية الجنسية:

  • في السعودية والإمارات، تصل العقوبة إلى الإعدام.
  • في مصر، شنت الشرطة حملات ضد المثليين، كان أبرزها في سبتمبر 2017 بعد رفع علم قوس قزح خلال حفل لفرقة “مشروع ليلى”.
  • في الأردن، رغم إلغاء تجريم العلاقات المثلية بين البالغين منذ عام 1951، ما زالت قوانين “الأخلاق” تُستخدم كأداة للقمع.
  • في لبنان، ورغم وجود مساحة أكبر نسبيًا من الحرية، تتعرض الحانات والملاهي التي يرتادها المثليون للمداهمات الأمنية.

تغيير تدريجي… وبوادر أمل

بحسب تقرير هيومن رايتس ووتش، لم تكن هناك أي منظمة تدافع عن حقوق المثليين في الدول العربية عام 2001، لكن بحلول عام 2017، ظهرت عشرات المنظمات التي تنشط في عدة دول، رغم التضييق الأمني والقانوني.

وفي بعض البلدان، ساهمت جهود المجتمع المدني في تحقيق مكاسب ملموسة:

  • في تونس ولبنان، ساعدت الحملات الحقوقية في تقليص استخدام الفحوص الشرجية القسرية.
  • في المغرب، بدأت بعض المحاكم بإدانة العنف ضد المثليين، وهي سابقة قانونية مهمة.

“لست وحدك”: رسالة أمل لا تنتهي

أكدت نيلا غوشال، كبيرة الباحثين في برنامج حقوق الأقليات الجنسية في هيومن رايتس ووتش، في تصريحها لصحيفة “لوموند” الفرنسية:
“نحن عادة نوثق الانتهاكات، لكن هذه المرة أردنا تسليط الضوء على النجاحات، لنظهر أن هذه المنطقة ليست هوّة سوداء، بل فيها ضوء ونضال وأمل.”


التغيير يبدأ بالصوت

تشكل حملة “لست وحدك” محطة تاريخية في نضال مجتمع الميم-عين العربي، لأنها تمكّنهم من امتلاك السردية، وتمنحهم مساحة للتعبير عن تجاربهم وآمالهم وتطلعاتهم. ورغم صعوبة الواقع، إلا أن الرسالة الأساسية تبقى واضحة: “أنتم لستم وحدكم.”

شروط الاستخدام

محتوى أطياف مرخص برخصة المشاع الإبداعي. يسمح بإعادة نشر المواد بشرط الإشارة إلى المصدر بواسطة رابط تشعبي، وعدم إجراء تغييرات على النص، وعدم استخدامه لأغراض تجارية.