أطياف
مصر

مصر: الحكم بسجن 4 مثليين عامًا مع الأشغال بتهمة “ممارسة الفجور” في رأس البر

في واقعة تعكس استمرار الممارسات الأمنية القمعية تجاه أفراد مجتمع الميم-عين في مصر، أصدرت إحدى المحاكم حكمًا بسجن أربعة رجال لمدة عام مع الشغل بتهمة “ممارسة الفجور”، وذلك عقب القبض عليهم من داخل منزل بمدينة رأس البر بمحافظة دمياط، في يوم عيد الحب الماضي.

الحادثة التي تداولتها وسائل إعلام محلية أثارت موجة غضب واسعة بين النشطاء الحقوقيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، الذين يرون أن هذه الممارسات تكرّس للتمييز القانوني والاجتماعي بحق الأقليات الجنسية في البلاد، وتنتهك خصوصية الأفراد وحقهم في الحياة الآمنة بعيدًا عن التجريم.


تفاصيل القضية: بلاغ من جار واعتقال في “عيد الحب”

وفقًا لما نقلته عدة مواقع إخبارية مصرية، تعود وقائع القضية إلى يوم 14 فبراير 2019، حين قام أحد جيران المتهمين بإبلاغ شرطة “الآداب” عن “سلوك غير أخلاقي” داخل إحدى الشقق السكنية بمدينة رأس البر.

وبناء على البلاغ، داهمت قوات الأمن الشقة المعنية وألقت القبض على أربعة رجال بالغين. وُجهت إليهم لاحقًا تهمة “ممارسة الفجور”، وهي تهمة فضفاضة تُستخدم غالبًا في مصر لتجريم العلاقات المثلية، استنادًا إلى المادة 9 من قانون مكافحة الدعارة رقم 10 لسنة 1961، رغم أن القانون المصري لا يُجرّم المثلية الجنسية بشكل صريح.


إطار قانوني فضفاض يفتح باب القمع

في ظل غياب نص قانوني صريح يجرّم المثلية، تستخدم السلطات المصرية قوانين الآداب العامة والدعارة كوسيلة لمعاقبة المثليين. حيث يتم اتهام الأفراد بناءً على:

  • بلاغات كيدية أو شخصية.
  • محتويات الهواتف الشخصية.
  • رسائل على تطبيقات المواعدة.
  • فحوص طبية قسرية.

وتُعد مثل هذه الممارسات، بحسب منظمات حقوق الإنسان، انتهاكًا صارخًا للخصوصية، وتفتح الباب أمام الاستخدام التعسفي للقانون لاستهداف الأفراد بناءً على ميولهم أو هويتهم الجندرية.


منظمات حقوق الإنسان: تجريم للحب وليس للجريمة

أثارت الواقعة موجة استنكار في أوساط النشطاء ومنظمات حقوق الإنسان، حيث أعادت التذكير بالحملة القمعية الواسعة التي شنتها السلطات المصرية في سبتمبر 2017، عقب رفع علم قوس قزح خلال حفل لفرقة “مشروع ليلى” في القاهرة، والتي أدت إلى اعتقال عشرات الأشخاص ومحاكمتهم بتهم مشابهة.

وكتب نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي تحت وسم #ضد_حبس_المثليين:
“أن يُحب أحدهم في الخفاء، ثم يُعاقب علنًا، هو قمة الظلم الاجتماعي والقانوني.”

كما دعت منظمات مثل هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية مرارًا إلى إلغاء القوانين التي تُستخدم لقمع المثليين في مصر، ومحاسبة من يمارسون الفحوص القسرية أو الاعتقالات التعسفية.


مجتمع الميم في مصر: قمع، وصمت، واستمرارية النضال

رغم كل هذه الضغوط والانتهاكات، لا تزال مجتمعات الميم-عين في مصر تبذل جهودًا للتنظيم والدفاع عن حقوقها، وإن كان ذلك في مساحات محدودة، سرية، أو رقمية. ويتخذ الكثير من الأفراد الحذر الشديد في التعبير عن أنفسهم، في ظل مخاوف دائمة من الرقابة والاعتقال.

وتشير تقارير حقوقية إلى أن:

  • المثلية لا تُعد جريمة في نص القانون المصري، لكن تُلاحق تحت غطاء “الآداب العامة”.
  • مئات من أفراد مجتمع الميم تم القبض عليهم خلال العقد الأخير.
  • الدولة لا توفّر أي حماية قانونية من العنف القائم على الهوية الجنسية أو الجندرية.

دعوة لإلغاء تجريم المثلية في مصر

إن استمرار هذه الحملات الأمنية ضد المثليين في مصر يُعد مؤشرًا خطيرًا على التراجع في ملف الحقوق والحريات. ويطالب النشطاء والمجتمع المدني بـ:

  • إلغاء تجريم العلاقات الرضائية بين البالغين.
  • وقف استخدام تهم “الفجور” كأداة قمع سياسي واجتماعي.
  • ضمان الحق في الخصوصية وعدم إخضاع الأفراد للفحوص القسرية.
  • رفع الوعي المجتمعي بأهمية احترام التعددية الجنسية والجندرية.

حتى لا يتحول الحب إلى جريمة

في الوقت الذي يتجه فيه العالم نحو الاعتراف القانوني بحقوق الأفراد في الاختلاف والتنوع، لا تزال ممارسات مثل حبس المثليين في مصر تفضح واقعًا قانونيًا ومجتمعيًا لا يرحم المختلفين، بل يعاقبهم ويُجرّم مشاعرهم.

إن الحادثة الأخيرة في رأس البر ليست الأولى، لكنها بالتأكيد لن تكون الأخيرة ما لم يتم تغيير هذا الإطار القانوني البالي، وتبني قوانين تضمن الكرامة والحرية لجميع المواطنين، بغض النظر عن ميولهم وهوياتهم.

شروط الاستخدام

محتوى أطياف مرخص برخصة المشاع الإبداعي. يسمح بإعادة نشر المواد بشرط الإشارة إلى المصدر بواسطة رابط تشعبي، وعدم إجراء تغييرات على النص، وعدم استخدامه لأغراض تجارية.