طالبت المفوضية المصرية للحقوق والحريات بنقل الناشطة المصرية العابرة جندريًا ملك الكاشف إلى سجن مخصص للنساء، ووقف الانتهاكات الممنهجة التي تتعرض لها منذ اعتقالها، بما يشمل حرمانها من الأدوية والعلاج الضروري، واحتجازها في سجن للرجال بشكل يتعارض مع هويتها الجندرية وتقاريرها الطبية الرسمية.
وأعربت المفوضية في بيانها الصادر بتاريخ 22 مارس 2019 عن قلقها البالغ على سلامة الكاشف الجسدية والنفسية، محمّلة السلطات المصرية المسؤولية الكاملة عن حياتها.
خلفية القضية: حبس انفرادي في سجن الرجال وحرمان من العلاج
اعتُقلت ملك الكاشف، وهي ناشطة وامرأة عابرة جنسيًا، على خلفية القضية رقم 1739 لسنة 2018 أمن دولة عليا، بتهم تتعلق بـ”الانتماء إلى جماعة إرهابية” و”استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لارتكاب جريمة يُعاقب عليها القانون”، بحسب نص الاتهام. وفي 19 مارس، تم تمديد حبسها لمدة 15 يومًا إضافية على ذمة التحقيق.
إلا أن الخطورة، بحسب المفوضية، لا تكمن فقط في التهم الموجهة، بل في ظروف الاحتجاز ذاتها، حيث قررت السلطات إيداع الكاشف في الحبس الانفرادي بعنبر الرجال بسجن طرة، رغم هويتها الجندرية المعترف بها طبيًا، وهو ما وصفته المنظمات الحقوقية بـ”التهديد الصريح لسلامتها وكرامتها الجسدية”.
انتهاك للكرامة الإنسانية وحرمان من الرعاية الصحية
أشارت المفوضية إلى أن سلطات السجن تمنع وصول الأدوية الضرورية، بما في ذلك الأنسولين، إلى ملك، كما تمنع ذويها من إدخال الطعام والاحتياجات الأساسية، مما يعرض حياتها للخطر. ونددت المنظمة بما وصفته بـ”انتهاك الحق في الحياة والرعاية الصحية”، مؤكدة أن هذا يشكل مخالفة صارخة للقوانين المصرية والدولية.
واعتبر البيان أن هذه الإجراءات تتعارض مع:
- المادة 10 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تنص على معاملة الأشخاص المحرومين من حريتهم بشكل يحترم كرامتهم الإنسانية.
- قواعد نيلسون مانديلا لمعاملة السجناء (2015)، التي تؤكد على تقديم الرعاية الصحية مجانًا ودون تمييز بناءً على الهوية أو الوضع القانوني.
الكاشف والعنف ضد العابرين جندريًا في مصر
تُعد قضية ملك الكاشف واحدة من أبرز الحالات التي تُبرز التحديات القانونية والإنسانية التي يواجهها العابرون والعابرات جندريًا في مصر. فقد سبق أن أدانت المفوضية تعرّضها لـفحوص شرجية قسرية داخل أحد المستشفيات الحكومية، وهي ممارسة تُصنّف دوليًا ضمن أنماط التعذيب وسوء المعاملة.
رغم امتلاك الكاشف لتقارير طبية صادرة عن مستشفى الحسين الجامعي تفيد بخضوعها لمرحلة متقدمة من عمليات التصحيح الجندري، إلا أن الأوراق الثبوتية لا تزال تُقيّدها كذكر، ما يُسلّط الضوء على ثغرات قانونية تعرقل الاعتراف بهوية العابرين جنسيًا في مصر.
مطالب المفوضية المصرية للحقوق والحريات
في ختام بيانها، طالبت المفوضية بـ:
- النقل الفوري لملك الكاشف إلى مقر احتجاز مخصص للنساء، واعتبارها امرأة وفقًا لهويتها المحددة ذاتيًا وتقاريرها الطبية.
- توفير العلاج والرعاية الصحية اللازمة، وضمان حقها في تلقي الأدوية والغذاء.
- وقف التعنت مع فريق الدفاع عنها، والسماح لهم باستخراج التصاريح والمستندات المطلوبة.
- الإفراج الفوري وغير المشروط عنها، كونها سجينة رأي، لم ترتكب أي جريمة سوى التعبير عن آرائها.
قضية ملك الكاشف: اختبار لحقوق الإنسان في مصر
تمثل قضية ملك الكاشف اختبارًا حقيقيًا لمدى التزام السلطات المصرية بمعايير حقوق الإنسان، لاسيما فيما يتعلق بحقوق مجتمع الميم-عين والعابرين جندريًا. ويؤكد نشطاء أن التمييز القائم على الهوية الجندرية لا يجب أن يُستخدم كأداة للعقاب أو الانتقام السياسي، بل يجب معالجته ضمن إطار قانوني وإنساني شامل، يضمن كرامة الإنسان وحمايته بغض النظر عن هويته.