المركز الوطني لمكافحة الأمراض يؤكد التزامه بالشفافية ويدعو إلى مواجهة الوصمة بالحقائق
أصدر المركز الوطني لمكافحة الأمراض في ليبيا بيانًا رسميًا يوم الاثنين 1 يوليو 2025، لتوضيح الوقائع حول فيروس نقص المناعة البشري (HIV) في البلاد، وذلك في ظل تصاعد القلق العام وتناقل معلومات خاطئة ومضللة على وسائل التواصل الاجتماعي.
الإيدز في ليبيا… أرقام واقعية بعيدًا عن الهلع
وفقًا للبيان، بلغ إجمالي عدد الحالات المؤكدة حتى نهاية عام 2024 نحو 8,271 حالة، منها 369 حالة جديدة خلال العام نفسه. وعلى الرغم من تداول الشائعات التي تصور الوضع وكأنه خارج عن السيطرة، فإن نسبة انتشار الفيروس في المجتمع الليبي تتراوح بين 0.1% و0.3% فقط، وهو معدل منخفض مقارنة بالمعدلات الإقليمية والعالمية.
التحول في طرق الانتقال: نحو فهم أدق للواقع
أشار المركز إلى أن الطريقة الأكثر شيوعًا لانتقال فيروس HIV في ليبيا خلال السنوات الأخيرة أصبحت العلاقات الجنسية غير المحمية، بدلاً من تعاطي المخدرات أو نقل الدم كما كان يُعتقد سابقًا.
هذا التحول يعكس أهمية التثقيف الجنسي الشامل وتوفير وسائل الوقاية المناسبة، مثل الواقي الذكري، والفحص المنتظم، والمنشورات التوعوية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والإعلام، وفي الجامعات.
دراسة سابقة تؤكد الحاجة للفهم لا التخويف
استشهد البيان بدراسة أُجريت عام 2010 بالتعاون مع جامعة ليفربول البريطانية، كشفت أن نسبة الإصابة بفيروس HIV بين متعاطي المخدرات بالحقن وصلت إلى 87% ضمن العينة المشاركة.
ورغم أهمية هذه الأرقام في فهم سلوكيات الخطر، إلا أن استخدامها دون سياق علمي يُسهم في إعادة إنتاج الوصمة ضد الأشخاص المتعايشين مع الفيروس، بدلاً من مكافحة انتشار الفيروس ودعم المتعايشين معه صحيًا ونفسيًا.
ضد الشائعات: المتعايشون مع HIV ليسوا خطرًا
ردًا على الخطاب السلبي المنتشر على الإنترنت، أكد المركز الوطني أن الأشخاص المتعايشين مع فيروس HIV، عند تلقيهم العلاج المناسب بانتظام، لا يُشكلون أي خطر على المجتمع، بل يمكنهم أن يعيشوا حياة طويلة وصحية، وأن يبنوا عائلات، ويواصلوا العمل والدراسة، دون أن ينقلوا الفيروس إلى الآخرين.
الحقائق مقابل الهلع الإعلامي والرقمي في ليبيا
في السنوات الأخيرة، ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي في انتشار خطاب كراهية وتحريض ضد المتعايشين مع فيروس HIV، مدفوعًا بأساطير لا أساس لها من الصحة. من هذه الأساطير:
- أن المتعايشين ينقلون الفيروس بمجرد اللمس أو التفاعل الاجتماعي.
- أن كل شخص متعايش مصاب بالإيدز.
- أن لا علاج للفيروس أو أن نهايته حتمية.
كلها معلومات خاطئة، تتجاهل التقدم الطبي الهائل، الذي جعل فيروس HIV حالة صحية مزمنة قابلة للعلاج، وليست حكمًا بالإعدام كما يُروج البعض.
المركز الوطني: الشفافية أساس العمل
أكد المركز الوطني لمكافحة الأمراض أنه يتابع الوضع الوبائي بدقة، ويتعاون مع الشركاء المحليين والدوليين من أجل اتخاذ الإجراءات الوقائية والعلاجية المناسبة.
كما دعا المواطنين إلى عدم الانجرار وراء حملات التخويف أو التنمر الإلكتروني، وطلب الاعتماد فقط على المعلومات الصادرة عن المصادر الرسمية.
دعوة للتضامن والتوعية حول المتعايشين في ليبيا
في ختام بيانه، شدد المركز على أهمية دعم الأشخاص المتعايشين مع فيروس HIV بدلًا من عزلهم أو وصمهم. فالتضامن، والوعي، والتعليم هي الأدوات الأقوى في مواجهة الفيروس، وليس نشر الذعر أو الخطاب الأخلاقي القائم على الإقصاء.
نحو مجتمع خالٍ من الوصمة، تسوده العدالة الصحية والاحترام للجميع.