في مشهد نادر وقوي في آن، شهدت مدينة حيفا في الأراضي الفلسطينية المحتلة وقفة احتجاجية حاشدة، شارك فيها العشرات من النشطاء والنشيطات الفلسطينيين/ات، احتجاجًا على تصاعد العنف الموجّه ضد المجتمع الكويري (مجتمع الميم) في فلسطين. الوقفة، التي حملت طابعًا سياسيًا وإنسانيًا، تزامنت مع سلسلة من الاعتداءات الجسدية والنفسية التي طالت أشخاصًا كويريين في الأسابيع السابقة، وهدفت إلى تسليط الضوء على المعاناة المتقاطعة التي يعيشها أفراد هذا المجتمع في ظل الاحتلال والسياسات الاجتماعية القمعية.
احتجاج فلسطيني ضد العنف الكويروفوبي
رفعت خلال الوقفة لافتات ملونة بالأعلام الفلسطينية وأعلام قوس قزح، عكست وحدة النضال من أجل الحرية والمساواة. ومن بين الشعارات التي لاقت تفاعلًا واسعًا:
- “العنف بلحقنا حتى بعد الموت”
- “ترانسات نسويات فلسطينيات رغماً عنك موجودات”
- “موجودين في كل أنحاء فلسطين”
- “علاقتي المثلية مش عيب”
- “صرخة كويرية للحرية”
المحتجون عبّروا أيضًا عن رفضهم لاستغلال قضايا مجتمع الميم في حملات “الغسيل الوردي” التي تمارسها بعض الجهات الصهيونية لتبييض سجل الاحتلال بحقوق الإنسان. إحدى اللافتات كتبت بوضوح: “نرفض التطبيع والاستغلال”.

تقاطع النضالات: حرية الهوية في وجه الاحتلال والقمع الاجتماعي
أكد منظمو الوقفة أن التحرر الجندري والجسدي لا يمكن فصله عن التحرر الوطني الفلسطيني، وأن العنف ضد الكويريين ليس فقط اجتماعيًا بل سياسيًا أيضًا، لأنه يتغذى من الاحتلال وسياسات القمع الممنهجة التي لا تفرّق بين الأجساد إلا على أساس الخضوع والخوف. وأوضحوا أن الاحتلال الإسرائيلي لطالما استغل قضايا مجتمع الميم لتقديم نفسه كداعم لحقوق الإنسان، بينما يمارس القتل والقمع والتشريد بحق الفلسطينيين، بمن فيهم الكويريون.
وأضافت إحدى المشاركات:
“وجودنا مقاومة. عندما نقف علنًا ونطالب بحقوقنا، فنحن نواجه أكثر من جبهة: الاحتلال، والعائلة، والمجتمع، والسلطة.”

العنف ضد الكويريين في فلسطين: أرقام مقلقة وصمت رسمي
على الرغم من غياب إحصائيات رسمية دقيقة، تشير تقارير حقوقية محلية ودولية إلى أن الكويريين والكويريات في فلسطين يواجهون مستويات مرتفعة من:
- العنف الأسري والاجتماعي
- التهديدات بالقتل أو النبذ
- المضايقات على الإنترنت
- العنف من أجهزة الأمن في بعض الحالات
هذا إلى جانب معاناة مزدوجة بسبب التهميش السياسي من السلطة الفلسطينية والتمييز الممنهج من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي، خاصة عند طلب اللجوء أو الحماية.
نضال مستمر من أجل الوجود والاعتراف
الوقفة في حيفا لم تكن مجرد احتجاج، بل كانت بمثابة إعلان صريح عن وجود كويري فلسطيني حي وفاعل، يرفض الصمت والاختفاء. إنها امتداد لحركات كويرية نشأت في العقدين الأخيرين في الداخل الفلسطيني والشتات، تطالب بالحق في الحياة الكريمة، والحب، والحرية، دون خوف من القمع أو العنف.
كويريون/ات فلسطينيون/ات… باقون وباقيات
الرسالة التي وجهتها الوقفة كانت واضحة:
“نحن هنا، باقون، نحب، نحلم، ونناضل من أجل فلسطين حرة وكويرية.”
في ظل السياق السياسي المعقّد، تبقى الأصوات الكويرية الفلسطينية صوتًا لا بد من الإنصات إليه. فهي لا تطالب فقط بالحقوق الجسدية والجندرية، بل تطالب بفلسطين عادلة للجميع — فلسطين لا تهمّش أحدًا، ولا تستثني أحدًا من نضالها نحو الحرية.