في مشهد رمزي مثير للاهتمام، أطلق الفنان الكويري والمعارض السياسي الروسي “ألكسندر دونسكوي” علم فخر ضخم فوق قصر الكرملين الرئاسي في موسكو، متحديًا القوانين الروسية التي تجرّم أي تعبير علني عن المثلية الجنسية أو دعم مجتمع الميم/عين.
ويأتي هذا العمل الجريء في وقت تتزايد فيه القيود على الحريات الفردية في روسيا، خصوصًا ما يتعلق بالحقوق الجندرية والجنسية، حيث تُصنف قوانين بوتين بشكل واسع باعتبارها من أكثر القوانين عدائية تجاه المثليين في أوروبا.
القوانين الروسية ضد التعبير الكويري
منذ العام 2013، سنت روسيا قانونًا يُعرف باسم قانون “الدعاية للمثلية”، والذي يحظر نشر أو عرض أي محتوى يُصنّف على أنه ترويج للعلاقات الجنسية غير التقليدية أمام القاصرين. هذا القانون استخدم كمبرر لحظر الفعاليات، ومنع المسيرات، وملاحقة الأفراد وحتى المنظمات الحقوقية التي تدعم قضايا مجتمع الميم.
وقد وصف نشطاء حقوق الإنسان هذا القانون بأنه وسيلة لتكميم الأفواه وتشجيع العنف المجتمعي ضد الأقليات الجنسية، بدلًا من حماية الأطفال كما تدعي الحكومة.
الفعل الرمزي للفنان ألكسندر دونسكوي
ألكسندر دونسكوي، وهو فنان استعراضي ومعارض سياسي معروف بمواقفه الجريئة، قام بتطيير علم قوس قزح فوق الكرملين باستخدام منطاد طائر، في خطوة وصفها بأنها “صرخة حرية في وجه القمع”.
ونشر دونسكوي على حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي صورًا ومقاطع فيديو للحظة إطلاق العلم، مرفقًا بتعليق قال فيه: “لا يمكن لأحد حبس الضوء، ولا منع الألوان من التحليق في السماء”.
هذه الخطوة تأتي استكمالًا لسلسلة من أعمال المقاومة الرمزية التي يقوم بها فنانون ونشطاء روس لتسليط الضوء على التمييز والعنف الممنهج ضد الكويريين في البلاد.
ردود الفعل المحلية والدولية
لم يصدر تعليق رسمي من الكرملين حتى الآن، لكن مراقبين يتوقعون رد فعل قانوني أو أمني ضد دونسكوي. في المقابل، لاقت المبادرة دعمًا واسعًا من منظمات حقوقية دولية، من بينها منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، التي أشادت بشجاعة الفنان ووصفت عمله بأنه “تحدٍ بطولي لنظام قمعي”.
كما اعتبر الكثير من الناشطين أن هذا الحدث يعيد فتح النقاش حول مسؤولية المجتمع الدولي في مواجهة القوانين القمعية التي تنتهك مبادئ حقوق الإنسان الأساسية، لاسيما حرية التعبير والهوية.
الكفاح الكويري في روسيا: مقاومة لا تهدأ
رغم التضييق الأمني والقانوني، يواصل العديد من النشطاء والفنانين في روسيا النضال من أجل الظهور والاعتراف، مستخدمين الفن والرموز كأدوات للمقاومة السلمية.
- في 2019، رُفعت أعلام قوس قزح على مبانٍ حكومية روسية ضمن حملة فنية رمزية.
- تُنظم حملات توعوية إلكترونية من داخل وخارج روسيا لكسر الصمت حول واقع مجتمع الميم.
هذه المحاولات تُظهر أن الكفاح الكويري لا يعتمد فقط على التظاهر، بل يمتد إلى الفعل الثقافي والإبداعي، ليقول بصوت عالٍ: “نحن هنا، ولن نصمت”.
بينما تستمر السلطات الروسية في قمع كل ما يتعلق بالمجتمع الكويري، يثبت الفن والمقاومة الرمزية أنه لا يمكن إسكات الهويات أو تقييد التعبير إلى الأبد. يظل علم قوس قزح، حتى في أكثر الأجواء قمعًا، رمزًا للصمود، والحب، والحرية.