أطياف
مثليين

مصر: برلماني يطالب برقابة على نتفليكس وحجج “حماية القيم” تستهدف التعبير الفني والمثليين

أثار النائب المصري جون طلعت، عضو مجلس النواب، جدلاً جديدًا بعد توجيهه سؤالًا رسميًا إلى وزيرة الثقافة إيناس عبد الدايم بشأن آلية تطبيق الرقابة على المحتوى الرقمي، وبالأخص المحتوى المعروض عبر منصات البث مثل “نتفليكس”. تأتي هذه التصريحات في سياق هجمة أوسع على الفنون والحريات الرقمية في مصر، لا سيما المحتوى الذي يتناول قضايا الجندر والمثلية الجنسية.


دعوات لتشديد الرقابة على المحتوى الرقمي

قال النائب جون طلعت في سؤاله الموجه للحكومة:

“الأعمال التي تُعرض عبر نتفليكس تحتوي على تجاوزات وإساءات لا يقبلها المجتمع المصري”.

كما أشار إلى أن المعايير التي تستند إليها الرقابة على الأعمال الفنية يجب أن تطبق بصرامة على كل محتوى يُسمح بتداوله داخل مصر، مشددًا على أن كون تلك الأعمال تُبث عبر الإنترنت لا يعفيها من الخضوع لرقابة الدولة. واعتبر النائب أن عرض أعمال “تتعرّض للأديان” يمثل “كارثة” تتطلب تدخلًا حكوميًا.


خلفية سياسية واجتماعية: رقابة باسم “الثوابت”

ينتمي جون طلعت إلى تيار محافظ داخل البرلمان المصري يدعو إلى فرض قيود مشددة على الحريات الفنية والثقافية، وسبق له أن اتخذ مواقف معادية للمجتمع الكويري (LGBTQ+) تحت قبة البرلمان، سواء بشكل مباشر عبر تصريحات إعلامية أو من خلال دعم تشريعات تجرّم المثلية أو تضيّق على من يتناولها فنيًا أو إعلاميًا.

في السنوات الأخيرة، أصبح الخطاب البرلماني في مصر أكثر انسجامًا مع خطاب الدولة الأمنية والدينية حول “حماية القيم والثوابت”، وغالبًا ما يُستخدم هذا الخطاب ذريعة لفرض الرقابة أو مصادرة أعمال فنية تحتوي على شخصيات كويرية أو مشاهد تتناول مسائل الجندر والجنس.


السياق الأوسع: الفن وحرية التعبير في مصر

تأتي هذه الدعوة للرقابة على المنصات الرقمية في وقت تشهد فيه مصر تضييقًا غير مسبوق على الحريات الإعلامية والثقافية، إذ:

  • تم حجب المئات من المواقع الإخبارية المستقلة.
  • تكررت وقائع القبض على فنانين ومخرجين على خلفية أعمال فنية لا تتوافق مع المعايير الرسمية.
  • وُضعت الأعمال التي تحتوي على شخصيات مثلية أو تعالج قضايا الجندر تحت مجهر الرقابة، سواء في السينما أو الدراما التلفزيونية أو حتى الكتب والمقالات.

أما نتفليكس، فقد عرضت في السنوات الأخيرة عددًا من الأعمال التي تتضمن تمثيلات كويرية، مثل مسلسل “إليت” الإسباني و”سنس 8″، ولاقى ذلك انتقادات شديدة من دوائر محافظة في مصر وعدد من الدول العربية.


تحريض أم رقابة مبررة؟

منظمات حقوقية مصرية ودولية انتقدت محاولات الرقابة على الإنترنت، مشيرة إلى أن فرض رقابة على المنصات الرقمية هو خطوة خطيرة تقوّض حق الجمهور في الوصول إلى محتوى متنوع، وتفتح الباب لمزيد من التمييز ضد فئات مهمّشة مثل المثليين والمتحولين جنسيًا.

تقول سلمى حسين، الباحثة في الحريات الرقمية في “مؤسسة حرية الفكر والتعبير” بمصر:

“الرقابة التي تتم تحت مسمى حماية القيم هي في حقيقتها رقابة على الاختلاف، وتهميش للأصوات التي لا تتماشى مع السائد أو الرسمي، خاصة حين يتعلق الأمر بقضايا الجندر والمثلية”.


هل تصبح نتفليكس الهدف القادم؟

في ظل تزايد الضغوط البرلمانية والمجتمعية على المحتوى الفني، يبقى مستقبل المنصات الرقمية في مصر غير واضح. هل تتحول نتفليكس إلى ضحية لحملة جديدة من الرقابة باسم الأخلاق؟ أم أن تنامي الاعتماد على الإنترنت كوسيلة رئيسية للترفيه سيدفع السلطات لإعادة النظر في أدوات الرقابة التقليدية؟

ما يبدو مؤكدًا هو أن معركة حرية التعبير في مصر باتت تشمل فضاء الإنترنت بشكل متزايد، ولا تقتصر على المسرح والسينما والشاشة الصغيرة.

شروط الاستخدام

محتوى أطياف مرخص برخصة المشاع الإبداعي. يسمح بإعادة نشر المواد بشرط الإشارة إلى المصدر بواسطة رابط تشعبي، وعدم إجراء تغييرات على النص، وعدم استخدامه لأغراض تجارية.