في مقابلة جديدة مع هيئة الإذاعة البريطانية (BBC Sport)، أعاد اللاعب الأسترالي جوش كافالو (Josh Cavallo) فتح ملف رهاب المثلية وكراهية المثليين في كرة القدم الرجالية، مؤكدًا أن الطريق ما يزال طويلًا أمام اللعبة لتصبح مساحة آمنة وشاملة للجميع، إذ قال بوضوح: «أن تكون لاعبًا مثليًا علنًا في كرة القدم الرجالية ما زال أمرًا سامًّا للغاية».
لاعب مثلي علنًا وسط “جبال من الكراهية”
جوش كافالو، الذي يبلغ من العمر 25 عامًا، كان أول لاعب كرة قدم محترف في العالم يعلن مثليته علنًا أثناء مسيرته في أكتوبر/تشرين الأول 2021، حين كان يلعب لصالح نادي أديلايد يونايتد (Adelaide United) الأسترالي.

ومنذ ذلك الإعلان، واجه كافالو كما قال “تهديدات يومية بالقتل”، لكنه واصل مسيرته الرياضية متحدّيًا الضغط الجماهيري والإعلامي، معتبرًا أن «ما زال أمام كرة القدم جبال من الكراهية يجب العمل على إزالتها» لمواجهة رهاب المثلية والعنف اللفظي في الملاعب.
من أستراليا إلى إنجلترا: تجربة جديدة في بيئة مختلفة
في يوليو/تموز الماضي، انتقل كافالو إلى إنجلترا للعب في صفوف نادي بيترسبرو سبورتس (Peterborough Sports) الذي ينافس في الدرجة الإنجليزية الأدنى.
وأوضح في حديثه أنه اختار النادي الجديد ليس بسبب مستواه الكروي فقط، بل لأنه شعر فيه بالراحة والقبول، مضيفًا:
«الكل كان لطيفًا معي، والاحترام موجود. لم أبحث عن النادي الذي يلعب في أعلى مستوى، بل عن مكان أكون فيه مرتاحًا وأستطيع أن أكون على حقيقتي فيه».
وأشار إلى أن التجربة في إنجلترا كانت حتى الآن إيجابية، إذ حظي بدعم زملائه في الفريق وإدارة النادي، في وقتٍ لا يزال فيه العديد من اللاعبين في الدوريات الكبرى مترددين في الكشف عن هوياتهم خوفًا من الكراهية أو العزلة.
تاريخ طويل من الخوف والعزلة
تاريخ كرة القدم الرجالية مع اللاعبين المثليين لا يخلو من المآسي. فقد كان اللاعب الإنجليزي جاستن فاشانو (Justin Fashanu) أول لاعب محترف يعلن مثليته في عام 1990، لكنه تعرّض لهجوم واسع من الصحافة البريطانية المحافظة آنذاك، وانتهت حياته المأساوية بانتحاره عام 1998.

ويُعد فاشانو حتى اليوم رمزًا للتحديات التي يواجهها اللاعبون المثليون في رياضة تُقدَّس فيها “الرجولة التقليدية” وتُخشى فيها أي مخالفة للتصورات السائدة عن الهوية والذكورة.

بين “الذكورية السامة” والاحترام الصامت
يعترف كافالو أن كرة القدم لا تزال متشبثة بنمط الذكورية السامة التي تربط بين القوة الجسدية ونفي أي تعبير عن التنوع الجنسي أو العاطفي، قائلاً:
«سيكون أمرًا كبيرًا أن نرى لاعبًا مثليًا أو بايسكشوال في الدوري الإنجليزي الممتاز، لكن لا يمكنني تجميل الواقع — هناك أشياء كثيرة مخيفة ستواجه هذا الشخص».
ومع ذلك، يرى كافالو أن قصته الشخصية تمثل بداية تغيير ثقافي، خصوصًا أن ردود الفعل في بعض الأندية الأوروبية باتت أكثر وعيًا واحترامًا.
بين الشجاعة والتمثيل
تصريحات كافالو تعيد النقاش حول أهمية التمثيل في الرياضة كوسيلة لمواجهة الوصم، إذ يذكّر بخطورة الصمت والاختباء في بيئة تفتقر للأمان.

في الوقت نفسه، يشير إلى ضرورة أن تتبنّى الاتحادات الرياضية سياسات صارمة ضد الكراهية، ليس فقط في الملاعب، بل أيضًا على الإنترنت، حيث يتعرض الرياضيون المثليون وعموم أفراد مجتمع الميم لهجمات كراهية عنيفة منظمة.
خطوة صغيرة في طريق طويل
ورغم كل العقبات، يؤكد كافالو أنه يرى أملًا في الجيل الجديد من المشجعين واللاعبين، الذين بدأوا يكسرون الصمت ويدعمون زملاءهم علنًا. يقول:
«أنا فخور بنفسي، وبكل شخص يقرر أن يكون صادقًا مع نفسه. الطريق ليس سهلًا، لكن التغيير الحقيقي يبدأ من الشجاعة».
حديث كافالو يذكّر بأن كرة القدم — رغم كونها اللعبة الأكثر شعبية عالميًا — ما تزال تعاني من فجوة كبيرة بين شعارات الشمولية والتعددية والواقع اليومي داخل الأندية والملاعب.
في ظل قلة اللاعبين الذين يعلنون أنهم مثليين أو من مجتمع الميم، تبقى قصص مثل قصة كافالو رسالة شجاعة لكل من يعيش الخوف أو الإخفاء داخل الوسط الرياضي، وللمؤسسات التي تدّعي دعم التنوع بينما لم تتبنَّ بعد سياسات حقيقية للحماية والمساواة.