يعيش مجتمع الميم في معظم صعيد مصر، حياة منغلقة تماماً، على أبلكيشن جريندر تجدهم مختبئين كاللصوص، يعيشون كشخصين، أحدهما ما قد يكون على الأبلكيشن والثاني جاد في حياته ربما يسب المثلية ليلاً ونهار أمام العالم أجمع، أعيش في هذا المجتمع منذ أن عرفت جريندر، عرفت عن طريقه أشخاص، تنتهي علاقتنا بعد علاقة عابرة من الجنس، الأشخاص هنا معظمهم غير متقبلين لميولهم الجنسية يعتقدون أن ما يفعلونه حرام، أو ضد الإنسانية، يفعلونه لاحتياجهم الجنسي فقط، لذلك قليل جداً أن تقوم صداقات أو علاقات إنسانية، وفي وسط كل هذا لا توجد توعية بأي شكل في انتقال العدوى الجنسية، لكون تلك العدوى ستكون وصمة عار في حياة الشخص المنقولة إليه.
حكى لي أحد الأصدقاء قصته في انتقال فيروس HPV الفيروس يظهر علامات في المنطقة المصابة، وكان لابد أن يذهب لطبيب في مدينته لكونه لا يستطيع السفر بحرية لمكان آخر، في عيادة الطبيب وأثناء الكشف سأله الطبيب عدة أسئلة عن كيفية انتقال العدوى وغيرها من الأسئلة المرتبطة بانتقال الفيروس، وبعدها بدأ الطبيب في الحديث عن علاقاته الجنسية مع زوجاته وكيف أنه متزوج من امرأتين يحتاج إلى المزيد، لم يفهم صديقي لماذا يحكي له هذا الطبيب مواضيع خاصة بهذا الشكل، وماذا يريد؟ استمر الوضع هكذا حتى وصل إلى أن يقوم بعملية لاستئصال آثار الفيروس، في العملية سمع صديقي هذا الطبيب يحكي لطبيب التخدير كل شيء عن حالته، وقصة صديقي مع المثلية الجنسية، وكيف انتشر هذا الفساد في مدينة صغيرة بصعيد مصر، سمع صديقي كل هذا بسبب التخدير الجزئي له، كان يود بعد أن تنتهي العملية أن يصرخ في وجه الطبيب أو أن يهينه، ولكنه لم يستطع وقرر قطع علاقته تماماً مع هذا الطبيب، ولكن قصته لم تنتهي بعد.
بعد عدة أشهر من عملية صديقي، فوجئ بصفحة من صفحات السوشيال ميديا الخاصة بمدينته بأنها تشهر به وبعمله، وعرف بأن هذا التشهير خارج من عيادة نفس الطبيب، تعامل صديقي مع الموضوع بشكل جاد، اتصل بالطبيب وهدده ببلاغ إلى النقابة، وقام بتهديد تلك الصفحة بأنه ليس عليه شيئاً وعليهم أن يقوموا بالاعتذار، كان جريئاً في موقفه لم يخاف ولم يسمح لهم بانتهاك خصوصيته، ولكن كم مثلي في صعيد مصر يستطيع أن يفعل ما فعله صديقي..؟!
الإجابة لا يوجد، وإن وجد ستكون حالة شاذة في مجتمع معظمه غير متقبل لميوله، يضرب الجهل والرهبة من المثلية، والذكورة التي تم ضخها في نفوس كل ما هو صعيدي في رأسه فتجعله يرفض نفسه أو يكرهها، وإن مرض لا يستطيع الكشف عن مرضه، وإن سرق لا يستطيع البلاغ عن ما سرقه، لكونه يعيش حالة من الانفصام الكاملة وسط تشدد مجتمع ضد أي اختلاف، مجتمع تأخذ المرأة فيه حقوقها من أنياب الأسود، فكيف لبشر يعتبرهم هذا المجتمع مخنثين وحكمهم الديني رميهم من أعلى مبنى سكني ليموتوا حتى تنتهي شرورهم.
لا تخلو حياة أحد من مجتمع الميم خاصة في صعيد مصر من حادث سرقة أو تعنيف، يتعايشون على تلك الأوضاع، يختبئون دائماً، ودائماً يكذبون في التعريف بهويتهم الحقيقية، يتعايشون بشخصيتين أو أكثر، كل هذه الأشياء يستطيع مجتمع الميم تقبلها، ولكن انتقال الأمراض والخوف من الفضيحة عند العلاج كصديقنا الذي حكيت قصته، كيف يمكنهم التعايش به..؟ وما دور الجمعيات والمؤسسات المهتمة بمجتمع الميم في هذا..؟ ولماذا تمركز تلك المؤسسات خارج الأقاليم..؟
أعلم أن العمل في مصر على قضايا شائكة دائماً ما يمثل خطورة على العاملين به، ولكن هل هناك حلول سأقوم بطرحها هنا لعلها تفيد..
أولاً: نحن مجتمع متنوع في اهتماماته ووظائفه ويمكننا عن طريق المعرفة الشخصية أو البحث عبر المنصّات الخاصة بعالم الميم، واختيار طبيب/ة من عالمنا في كل محافظة ويتم ترشيحه لكل مصاب بمرض جنسي.
ثانياً: عن طريق منصّات المجتمع المدني يمكن أن تكون هناك ورش للتعريف بخطورة الأمراض الجنسية، وكيفية التعامل مع الإصابة بتلك الأمراض.
لا أعلم كيفية تحقيق تلك الأفكار، ولكنها مجرد أفكار من واقع تجربة قد تكون شخصية، أتمنى أن تكون بداية للحديث عن وصمة الأمراض الجنسية عند مجتمع الميم وكيفية التخلص منها.
كتابة: Zezo Zoz