أطياف

النساء الكويريات في مصر يتحدثن عن الصحة النفسية

في لقاء لنا مع مجموعة من النساء الكويريات في مصر، سألنا عن يعني أيه صحة نفسية بالنسبالهن\م، وما هو وقع المصطلح عليهنّ\م.

وجاءت بعض الإجابات كالآتي: 

  • تصنيفي الجندري.
  •  لما بسمع كلمة صحة نفسية ببقا عارفه ان كله هيكون مرتبط بهويتي، وان صحتي النفسية مش كويسة عشان انا ست هويتي مختلفة، وعايشه في مصر، بسمع أخبار قبض، بسمع أخبار انتحار، بيتقالي يا واد يا بت.
  • عبئ هويتي المركبة أهم حاجة بتيجي في دماغي لما بسمع كلمة صحة نفسية، انه ازاي هويتي دي عبء تقيل بغض النظر عن العنف الواقع عليا بسببها.
  • لما بسمع كلمة صحة نفسية بفكر انها حاجة مش عندي و عمرها ما هتكون عندي، انا عندي اضطرابات نفسية كتير.
  • بالنبسالي الصحة النفسية\ العقلية هي كلها عن الدعم اللي بيكون من الناس اللي حوالينا من غير أي أحكام مطلقة.
  •  اننا نكون صريحين سواء مع نفسنا او مع الناس اللي حوالينا.
  • الشعور بالأمان سواء عقلياً، جسدياً للوصول للسلام الداخلي.

صحتنا النفسية كنساء كويريات نعيش في المجتمع المصري هي جزء مهم وأساسي من صحتنا العامة، واستمرارنا في العمل والحياة، حيث أننا كنساء مختلفات الهوية نتعرض بشكل يومي لمجموعة من الضغوط الداخلية والخارجية؛

الضغوط الداخلية المتمثلة في التفكير في شكل هويتنا، والتعامل معها بشكل عقلي وعاطقي، حيث نجد أن إجابات إحدى النساء عن الصحة النفسية كانت مرتبطة بشكل أساسي بهويتها، والتأثيرات الاجتماعية اليومية التي تجعلها تفكر يومياً في من هي وماذا تُريد.

الضغوط الخارجية والمتمثلة في الأعباء الاجتماعية التي نمر بها يومياً سواء داخل الأسرة أو خارجها من العائلة الكبيرة – الجيران – الشارع – المجتمع، ولا تتمثل تلك الضغوط فقط فيما نتعرض له من مضايقات داخل الأسرة أو خارجها، ولكن تتمثل تلك الضغوط كذلك في عدم تلقينا للدعم اللازم من مجتماعتنا الصغيرة والكبيرة، مما ينتج عنه عبء كبير في التفكير عن مدى صحة ما نحن عليه من افكار ومشاعر. 

الصحة النفسية بالنسبة لنا كنساء كويريات هي شئ بعيد المنال ومن أهم الاحتياجات الحياتية.

رحلتنا في محاولة النجاة بصحتنا النفسية

  • الاختلاف: سواء وُلدنا كنساء، أو اخترنا أن نكون نساء، في مجتمع يرى النساء جنس آخر، مجتمع ثقافته الأساسية هي أن النساء درجة ثانية، كل ذلك هو جزء أساسي ومهم من اختلافنا، هذا الاختلاف الذي يُمثل عبئ مدى الحياة علينا، نتأثر به ونحاول التأثير به، حيث تتواجد بداخلنا تساؤلات صغيرة كانت أو كبيرة عن لماذا نحن مختلفات، لماذا نتعرض لكل هذه الأشكال من التنميط والتمييز والعنف المبني على النوع الاجتماعي، العنف المبني بشكل أساسي على كوننا نحمل أجساد نساء، تخلق تلك التساؤلات الغير مجابة بداخلنا مشاكل عميقة من الثقة بالنفس، وتستهلك تلك التساؤلات الكثير من الوقت والتفكير والمشاعر (الطاقة النفسية) التي من المفترض أن يتم بذلها تجاه أنفسناـ تجاه مستقبلنا وحيواتنا. 
  • السياق المصري: عندما نعي بشكل غير ايجابي أننا مختلفات نتيجة للسياق المجتمعي، نحاول التعامل\ التماهي التكيف مع هذا السياق، محاولات التكيف تكون إما من خلال كتم تلك التساؤلات أو من خلال طرحها للعلن والمقاومة. وفي كل الأحوال سواء التماهي أو المقاومة بشكل غير واعي لصحتنا النفسية لا يُساعد على حل تلك المشكلة التي لم نتسبب نحن في خلقها من الأساس، يتمثل هذا السياق المجتمعي في العديد من العوامل والتي منها، العادات والتقاليد، الدين، القوانين … الخ …… تبدأ رحلتنا كنساء كويريات في محاولة فهم من نحن ولماذا نشعر أننا مختلفات بداخل مجتمع يُرسخ للسائد ولايرى غيره ويُعاقب كل من يحاول أن يشعر شعور مختلف، أو يفعل سلوك مختلف، تمر الأعوام في محاولات لفهم شعورنا المختلف تجاه انفسنا، وتجاه النساء والرجال من حولنا، ويكبر بداخلنا الخوف من البوح بتلك الأفكار والمشاعر خوفاً من النبذ والرفض والعقاب، وبمرور الأعوام وتقدم السن وفي حالة العثور على فرصة ومصادر للمعرفة، يتبين لنا أننا لسنا وحيدات في هذا العالم، أننا لا نستحق كل هذه المشاعر السيئة والأوقات العصيبة التي مررنا بها، أننا نستحق أن نٌعبر عن أنفسنا ونستمتع باختيارتنا في الحياة، ولكن مرحلة الوعي إن حدثت! تجلب معها إدراك أكثر للواقع المٌحرض على العنف والتمييز، وهنا تأتي محاولات الاستقلال عن الأسر الغير متقبلة أو الهجرة والسفر لبلدان اكثر تقبلاً، وفي كل الأحوال سواء رحلات الاستقلال عن أهالي غير متقبلين\ معنفين أو عن بلد الحياة بها غير آمنة ليس فقط على صحتنا النفسية ولكن على حياتنا في العموم هي رحلات تتطلب قدر كبير من الجهد النفسي والجسدي والمادي، وفي أثناء رحلات الخروج من دوائر العنف والقهر وعدم التقبل نحتاج إلى معالجة ما تم إتلافه في مراحل الطفولة والنمو من مشاعر خوف وعدم تقبل وعدم ثقة وعدم أمان، من المفترض أن تكون هي مصدر الدعم الاساسي في تلك المرحلة.
  • الوضع الاقتصادي: يؤثر الوضع الاقتصادي علينا كنساء كويريات كما يؤثر على المجتمع ككل، ولكن التاثير هنا مُضاعف حيث أنه إذا كانت فرص العمل للنساء قليلة ومرهونة بالعديد من المعايير الاجتماعية المقبولة بالنسبة للثقافة الأبوية السائدة، فا نحن كنساء مختلفات في الهوية أو الشكل يُعرضنا ذلك لصعوبات اكثر في الوصول إلى فرص عمل، وأن تكون تلك الفرص في بيئة عمل آمنة … فنضطر لبذل مجهودات أكبر في الوصول لفرص عمل آمنة حتى وإن كانت برواتب قليلة، أو محاولة عمل مشاريعنا الخاصة وتلك التي تحتاج إلى راس مال لا نملكه، او محاولات التماهي وغمث هوياتنا والتخلي عنها.

ازاي نحافظ على صحتنا النفسية كنساء كويريات في المجتمع المصري؟

لا يوجد روشته واضحة أو ثابته تصلح لجميع النساء في جميع المناطق والظروف الحياتيه المختلفة، فالبعض يتعرض لأشكال من الضغوط أكثر من الأخرين طبقاً للطبقة الاجتماعية والاقتصادية والمنطقة الجغرافية. كما تختلف كذلك قدراتنا النفسية على التعامل مع تلك الضغوط، فالحدث الذي قد يمر بسلام مع إحدانا ربما لا يمر بالنسبة للأخرى، طبقاً لدرجة المرونة النفسية التي لدى كل واحدة منا، ولكن هناك بعض المعايير لتحقيق العافية\الصحة النفسية ومنها؛

  • عدم وجود صراعات داخلية، التوافق الذاتي بين الأفكار والمشاعر والسلوكيات من أهم الممعايير التي تُساعدنا على الحصول على صحة نفسية وعافية.
  • التناغم والتوافق مع البيئة المحيطة، ولتحقيق هذا التوافق تحديداً في حالتنا كنساء كويريات نحتاج لبذل مجهودات مضاعفة.
  • النظر للعالم والذات بموضوعية، تحقيق النظرة الموضوعية للعالم ولأنفسنا تجعلنا نشعر بالراحة النفسية وتحقق لنا الصحة والعافية على المستوى النفسي، وعامل مهم في تحقيق تلك الموضوعية وهو عدم التعميم في جميع المواقف التي نمر بها في حيواتنا.

 ولمحاولة تحقيق تلك المعايير رُبما تساعدنا الخطوات التالية:

  • الصحة النفسية تتأثر بالعوامل البيولوجية، لذلك من المهم الحفاظ على صحتنا الجسدية كجزء من الحفاظ على الصحة النفسية.
  • الصحة النفسية تتأثر بالصحة العقلية، لذلك من المهم الحفاظ على تمارين للعقل تجعلنا قادرات على تفريغ ضغوط العمل والحياة اليومية، من خلال تمارين لليقظة، والتخيل، والحفاظ على عدد ساعات مناسب من النوم والراحة.
  • الصحة النفسية تتأثر بشدة بالاحتراق الوظيفي، لذلك من المهم الحفاظ على الفصل بين العمل والحياة الشخصية، وتحديد عدد معين من الساعات للعمل، والاستمتاع بالإجازات الدورية.
  • الحفاظ على دائرة الدعم جزء مهم وأساسي من أدوات المساعدة اليومية للتعامل مع الضغوط والتعامل معها باتزان.
  • من المهم قضاء وقت فردي، نستمتع به بفعل أشياء تُساعدنا على الاسترخاء والاستمتاع.
  • في حالة الشعور بوجود مشكلات لا نستطيع التعامل معها نفسياً اللجوء لمتخصص.

كتابة: شمس