أطياف

الغسيل الوردي والقومية المثلية وعلاقتهم بالقضية الفلسطينية

يعني ايه الغسيل الوردي؟

الغسيل الوردي هو مصطلح يصف استغلال حكومات أو شركات أو فئات مختلفة للقضايا والأجساد الكويرية لأهداف سياسية واقتصادية مثل تشتيت الانتباه عن جرائم دولة أو عن جشع وممارسات غير أخلاقية لشركة أو لتبرير غزو أو قمع مجموعة عرقيّة أو طبقة مضطهدة أو دولة أخرى. يعتمد الغسيل الوردي على القومية المثلية. 

يعني ايه القومية المثلية؟

القومية المثلية هي الاعتراف بحق الدول في السيادة الذاتية وتصنيف تقدم الدول على أساس تعاملها مع مجتمعات الميم-عين. وترتبط القومية المثلية بفكرة إشكالية وهي وجود هوية مثلية واحدة دوليًا، كل المثليين/ات متشابهين/ات ولهم نفس المطالب ويواجهون نفس النظم القمعية، فيجب أن يعملوا سويًا لإنهاء المعيارية الجنسية الموجودة بشكل ثابت في كل العالم. الفكر ده بيوضح سذاجة رؤية الغرب للتضامن الكويري، وبيخلق عقدة المنقذ عند نشطاء ومنظمات الميم-عين الغربية.

الغسيل الوردي كأداة للاحتلال الصهيوني وداعميه

إسرائيل بتستخدم الغسيل الوردي تاريخيًا كجزء أساسي من سياساتها لتبرير استعمارها وقمعها ومجازرها في فلسطين ولتطبيع وجودها والتحسين من صورتها حول العالم.  قبل ٢٠٠٥، إسرائيل كانت سمعتها سيئة عالميًا وكان ترتيبها رقم ١٩٥ من ٢٠٠ من حيث الاستقبال الإيجابي، بحسب مؤشر تصنيف عالمي. أغلب المجتمعات الدولية كانت بتربط اسرائيل بصور الحرب والجيش الصهيوني أكتر ما بتشوفها كواجهة سياحية، والحكومة الإسرائيلية كانت عايزة تغير الصورة دي.

سنة ٢٠٠٥، أطلقت الحكومة الاسرائيلية حملة ضخمة بملايين الدولارات بعنوان Brand Israel. الحملة كانت بتستخدم “حقوق مجتمعات الميم-عين” للترويج لصورة تقدمية حديثة ليبرالية لإسرائيل. كان بيتم استخدام وسائل مختلفة في الحملة مثل إعلانات في مجلات مثلية وترفيهية، ومؤتمرات وفاعليات ثقافية وفنية ورياضية، وحملات رقمية.

زي ما أمريكا وأوروبا هما الداعمين الأساسين للإبادة الجماعية في غزة حاليًا، الدول دي برضو لعبت دور كبير في حملات الغسيل الوردي الدعائية لإسرائيل. عدد كبير من الشركات والمنظمات الأمريكية والأوروبية الدعائية والاستشارية، مثل “ماركت ووتش” و”ساتشي وساتشي” ساعدت في التخطيط للحملات دي، أحيانًا بدون مقابل مادي.

الكيان الصهيوني بسيتخدم سياسات الغسيل الوردي لتحقيق منافع مختلفة، من ضمنها: 

١. ترسيخ ثنائية “مُستعمِر غربي متحضر” مقابل “مٌستعمَر متخلف محافظ” وبالتحديد الأشخاص الكوير مستحيل يعيشوا فيه بأمان، وتحويل علاقة المُستعمِر والمٌستعمَر لعلاقة المنقذ والضحية

٢. التغطية على جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني وانتهاكها للقوانين الدولية

٣. الترويج لإسرائيل كـ”جنة الأمان” للمثليين في الشرق الأوسط.

٤. جني الأرباح المادية خاصة من خلال “السياحة المثلية”

٥. عزل الفلسطينيات/ين الكويرز عن مجتمعهمن الفلسطيني

٦. الحد من وجود حراك كويري فلسطيني وإمكانية وقوع تغييرات فعالة في قضايا الجندر والجنسانية في المجتمع الفلسطيني

٧. تلقي التعاطف والدعم الدولي

حراك كويري فلسطيني مناهض للغسيل الوردي

مؤسسة القوس للتعدّديّة الجنسيّة والجندريّة في المجتمع الفلسطينيّ هي من أكبر المؤسسات اللي بتشتغل على تفكيك سياسات وخطابات الميم-عين الغربية والغسيل الوردي الإسرائيلي من وجهة نظر فلسطينية. القوس بيؤمنوا بأهمية تحليل الحقوق الجنسية والجندرية للأفراد في فلسطين داخل إطار القمع والاضطهاد والاحتلال الصهيوني الذي لا يمكن فصله عن الحقوق الجنسية والجندرية لأي حركة تحررية. 

“يُستخدم الإدماج العلني للضباط المثليين في جيش الاحتلال الإسرائيلي كدليل على العقلية الليبرالية التقدمية، ولكن بالنسبة للفلسطينيين فإن جنسانية الجندي عند نقطة التفتيش لا تحدث فرقًا كبيرًا. جميعهم يحملون نفس البنادق، ويرتدون نفس الأحذية، ويحافظون على نفس النظام الاستعماري.”

الاقتباس السابق هو من ورقة بحثية صادرة عن مؤسسة القوس بالتعاون مع مشروع عدالة بعنوان: “ما وراء البروباغندا: الغسيل الوردي كعنف استعماري” بيتم تسليط الضوء في الاقتباس على فشل سياسات الغسيل الوردي في تبرير الاحتلال والعنف الصهيوني، خصوصًا من قبل قوات الاحتلال، زي صورة الجندي الاسرائيلي يوآف أتزموني، اللي قام برفع علم الريبنو فوق حي مُدمر بالكامل في غزة. كتب الجندي المُحتَل على العلم “من أجل الحب”، وتم تداول صورته بشكل واسع كمحاولة من الصهاينة وأنصار الغسيل الوردي لتبرير التهجير القسري والإبادة الجماعية لأهل غزة وتدمير أحياء كاملة في غزة. شارك الحساب الرسمي لإسرائيل الصورة تحت عنوان: “أول علم فخر يُرفع في غزة”، وهي عبارة تمحو وجود ومجهودات أفراد ونشطاء كويريات وكويريين في غزة وفلسطين على مدار سنوات في الدفاع عن قضايا الجسد والجنسانية بنهج تقاطعي مناهض للأبوية ورهاب المثلية وللإحتلال الإسرائيلي في الوقت ذاته.

استخدام منظمات الميم-عين الصهيونية سياسات الغسيل الوردي وتؤاطؤهم مع الاحتلال الصهيوني

منظمات مجتمعات الميم-عين الصهيونية، زي منظمة “الأجودا”، بتستخدم غطاءها الكويري لتبرير ممارستها العنيفة وتواطئها مع الاحتلال الصهيوني. أغلب المنظمات دي بتتلقى دعم من الحكومة الإسرائيلية ومن منظمات مجتمعات ميم-عين دولية وحكومات عالمية، وبتدعي “إنقاذ” كوير فلسطينيات وفلسطينين عن طريق لجوءهم في اسرائيل. عمليات اللجوء أغلبها بتكون فاشلة بسبب رفض وتعنت من الحكومة الإسرائيلية. حنين معيكي، مؤسسة والمديرة التنفيذية السابقة لمؤسسة القوس، قالت تعليقًا على برامج اللجوء: “ازاي دولة بتخلق أكبر عدد من اللاجئات/ين في العالم بيدعوا انهم يدعموا اللاجئات/ين؟!” المنظمات دي مش بتعترف بتواطؤها مع الاحتلال الصهيوني ومحوها للهوية التاريخية لفلسطين، وكمان مش بتعترف بوجود مجموعات فلسطينية كويرية وكويرز فلسطينيات/ين.

مهما غسلتوا، غسيلكوا الوردي هيفضل وسخ بدم جرائمكوا. 

*الصورة الأولى من تصميم ميكا بازانت