في تطور يعكس التحوّل التدريجي لصناعة ألعاب الفيديو نحو التمثيل الشامل والتنوع، رُصد ظهور علم قوس قزح، رمز الفخر لمجتمع الميم (LGBTQ+)، ضمن تفاصيل المشهد في لعبة Spider-Man PS4 الجديدة، والتي طُرحت رسميًا في بداية سبتمبر 2018. هذا التفصيل البصري البسيط، كان كافيًا لإشعال فرحة واسعة بين جمهور اللاعبين الكويريين وحلفائهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
Spider-Man PS4: نجاح فني وتقني ورسالة شاملة
اللعبة، من تطوير شركة Insomniac Games ونشر شركة Sony Interactive Entertainment، حققت نجاحًا مبهرًا على مستوى الرسومات والأداء والقصة، حيث يتقمص اللاعب شخصية بيتر باركر/سبايدرمان وهو يتنقل بين ناطحات السحاب في مدينة نيويورك.
لكن المفاجأة التي جذبت انتباه مجتمع الميم لم تكن في أداء القتال أو المهمات، بل في وجود علم الفخر على جدران بعض المباني داخل اللعبة، مما يعكس مدينة حقيقية بتنوعها وسكانها وشوارعها.
ردود الفعل: سعادة كويرية وانتقادات هامشية على ظهور علم قوس قزح
عبر مستخدمو تويتر من مجتمع الميم عن امتنانهم لهذا التمثيل البسيط لكنه مهم:
“رأيت علم الفخر في لعبة Spider-Man وشعرت أنني موجود، أنني مرئي.”
هذا النوع من التمثيل يُعد انتصارًا صغيرًا لكنه ذو أثر كبير، خاصة في صناعة كانت لعقود طويلة تهمّش أو تهمش الوجود الكويري، أو تقدم شخصيات من مجتمع الميم بصورة نمطية أو ساخرة.
بالمقابل، ظهرت بعض الأصوات المحافظة التي انتقدت الحركة ووصفتها بـ “إدخال الرموز السياسية والاجتماعية في ألعاب الفيديو”، معتبرين أن الألعاب يجب أن تبقى “محايدة”. لكن هذا الطرح تجاهله الكثيرون من صُنّاع المحتوى والنقاد، معتبرين أن الحياد في القضايا الحقوقية هو موقف بحد ذاته.
تمثيل مجتمع الميم في ألعاب الفيديو: من الغياب إلى الظهور
لفترة طويلة، كانت ألعاب الفيديو تتجاهل الشخصيات الكويرية، أو تضعها في أدوار ثانوية نادرة. لكن خلال السنوات العشر الأخيرة، بدأت تغييرات تدريجية تحدث:
- لعبة The Last of Us Part II قدمت شخصية مثلية رئيسية (إيلي)
- Life is Strange ناقشت العلاقات العابرة جندريًا والميول المزدوجة
- ألعاب مثل Dragon Age وMass Effect سمحت بخيارات رومانسية متنوعة
ورغم أن كثيرًا من هذه المبادرات كانت محل جدل، فإنها مثلت تحركًا إيجابيًا نحو صناعة ألعاب أكثر شمولًا وتنوعًا.
الألعاب كمساحات آمنة للتعبير
تمثل الألعاب اليوم أكثر من مجرد تسلية، بل أصبحت مساحات اجتماعية وتفاعلية تسمح للاعبين بالتعبير عن أنفسهم، وبناء هوياتهم، والتفاعل مع العالم بشكل غير مباشر. لذلك، فإن وجود رموز مثل علم الفخر داخل الألعاب يُعد بمثابة اعتراف بهذه الهويات، وتأكيد على أن الجميع مرحب به.
إحدى التغريدات قالت:
“لم أكن أتوقع أن أرى شيئًا يمثلني في لعبة بطل خارق، لكنها فعلتها. شكرًا لـ Insomniac.”
هل هو تمثيل كافٍ؟
رغم الإشادة الواسعة، لا تزال هناك تساؤلات مشروعة:
- هل ظهور العلم يكفي وحده؟
- أين الشخصيات الكويرية الرئيسية في هذه الألعاب الكبرى؟
- هل يحصل المطورون الكويريون على فرص متساوية؟
لكن بلا شك، فإن خطوة Spider-Man PS4 تُعد تمهيدًا لمستقبل أكثر احتواء، وتفتح الباب أمام تحولات أكبر.
الألعاب لا تعكس الواقع فقط، بل تساهم في تشكيله
ما حدث في Spider-Man PS4 ليس مجرد صورة رمزية، بل هو رسالة: أن الألعاب تنتمي للجميع، وأن التنوع ليس تهديدًا بل قوة. وبقدر ما أسعد هذا الظهور مجتمع الميم، فإنه يفتح المجال أمام نقاشات أعمق حول حقوق الإنسان في كل أشكال الإعلام الترفيهي.
