في مطلع عام 2019، أصدر الفنان الأسترالي تروي سيفان (Troye Sivan) فيديو كليب أغنيته الجديدة “Lucky Strike”، وهي واحدة من أبرز المحطات الفنية التي مزجت بين البوب العصري والتمثيل الصريح والجميل للهوية الكويريّة في الثقافة الشعبية. الأغنية جزء من ألبومه الناجح “Bloom”، الذي يُعد علامة فارقة في مسيرة سيفان الفنية ومسيرة تمثيل مجتمع الميم-عين في صناعة الموسيقى.
تروي سيفان: صوت جيل كويري جديد
بدأ تروي سيفان مسيرته كمغنٍ وممثل على يوتيوب قبل أن يتحول إلى نجم عالمي. وُلد في جنوب إفريقيا ونشأ في أستراليا، وبرز صوته في عالم البوب منذ بداياته. في عام 2013، أعلن سيفان عن مثليته الجنسية بفيديو مباشر، ليصبح من أوائل نجوم البوب الشباب الذين جاهروا بهويتهم، ما جعله قدوة للملايين من الشباب الكويريين حول العالم.
بفضل صدقه وجرأته، لم يقتصر تأثير سيفان على الموسيقى فحسب، بل امتد ليشمل قضايا الهوية والتعبير والتمثيل داخل صناعة ما زالت تُتهم أحيانًا بتهميش الأصوات غير المعيارية.
“Lucky Strike”: عندما تصبح الرغبة فنًا
أغنية “Lucky Strike”، التي صدرت ضمن ألبوم “Bloom”، هي ode أو أغنية حب جريئة ومباشرة، يتغنى فيها سيفان برغبة رومانسية وشهوانية تجاه رجل، دون مواربة أو ترميز.
- الكليب، بإخراجه الفني المُتقن وألوانه الدافئة، يصور قصة إعجاب تنشأ بين سيفان ونادل على الشاطئ، بطريقة شاعرية تعكس الألفة والانجذاب الكويري من دون أي تصنع.
- ما يميز الفيديو هو احتفاؤه بالجسد الذكوري والحب بين الرجال بطريقة جمالية لم تكن شائعة في مشهد البوب السائد.
- في حوار مع Rolling Stone، عبّر سيفان عن رغبته في تقديم “رؤية كويرية للحب والجمال والرغبة، كما هي، بلا اعتذار أو ترميز”.
ألبوم “Bloom”: بيان فني عن النضج والهويّة
صدر ألبوم “Bloom” في أغسطس 2018، وحظي بإشادة نقدية واسعة. تناول فيه سيفان موضوعات الحب، الاكتشاف الجنسي، العلاقات، والفقدان—all من منظور كويري صريح.
أبرز سمات الألبوم:
- تمثيل غير مسبوق للهويّة الكويريّة في موسيقى البوب، مع استخدام مباشر للضمائر واللغة التي تعبر عن علاقات بين رجال.
- تنوع موسيقي يمزج بين البوب الإلكتروني والبالم-بوب والعناصر الراقصة.
- إشادة من مجلات مثل Pitchfork وNME وThe Guardian التي وصفته بأنه “أحد أكثر ألبومات البوب صدقًا وجرأة من فنان مثلي في العصر الحديث”.
من أشهر أغاني الألبوم:
- “My My My!” – ترنيمة حب احتفالية.
- “Bloom” – أغنية مليئة بالرمزية عن الانفتاح الجنسي والرغبة.
- “Seventeen” – نظرة حساسة إلى أولى تجاربه العاطفية.
تأثير تروي سيفان على الموسيقى وثقافة البوب
لقد غيّر تروي سيفان قواعد اللعبة بالنسبة للفنانين الكويريين. في عالم كانت فيه الهوية الجنسية تُخفى أو تُرمّز، جاء سيفان ليقول الحقيقة كاملة، بلغة فنية ومرئية جذابة.
تأثيره يشمل:
- فتح الأبواب أمام جيل جديد من المغنيين المثليين والمتحولين الذين لا يشعرون بالحاجة إلى إخفاء هويتهم.
- تقديم نموذج لرومانسية كويرية في سياق موسيقي رئيسي (Mainstream)، وليس كاستثناء.
- إثبات أن الموسيقى الصادقة تجد جمهورها مهما كانت غير تقليدية أو خارجة عن السائد.
الموسيقى الكويريّة تزدهر… أخيرًا
ينتمي “Lucky Strike” و”Bloom” إلى موجة جديدة من الفن الكويري الجريء، الذي لا يتوسل القبول، بل يفرض نفسه بجماله وصدقه. ومن خلال فنانين مثل تروي سيفان، أصبح لمجتمع الميم-عين تمثيل فني حقيقي، يُشاهد ويُسمع ويُحتفى به.
الموسيقى عندما تكون مرآة للهوية
تروي سيفان ليس مجرد نجم بوب؛ إنه رمز لمرحلة جديدة، حيث يمكن للفن أن يكون مساحة للتعبير الصادق والتمثيل النابض بالحياة. فيديو “Lucky Strike” ليس مجرد كليب، بل بيان كويري عن الجمال والحب والرغبة، يستحق أن يُخلد في تاريخ الثقافة الموسيقية المعاصرة.
