أطياف
Femmephobia

ما هي كراهية الأنوثة (Femmephobia)؟

في مجتمعات تفرض تصنيفات صارمة للنوع الاجتماعي، تبقى الأنوثة موضع ازدراء، سواء أتت من امرأة، رجل، أو شخص لا ثنائي الجندر.

كراهية الأنوثة (Femmephobia) ليست مجرد تحيّز شخصي، بل ثقافة عميقة ومتجذرة تُمارس على كل من يتحدى النمط الجندري السائد. وهي عنف بنيوي يُقصي ويجرّم ويؤذي أصحاب التعبيرات الأنثوية.

ما هي كراهية الأنوثة (Femmephobia)؟

تعني كراهية الأنوثة (Femmephobia) منظومة من المعتقدات والممارسات التي تُقلّل من شأن التعبير الأنثوي، وتربطه بالضعف والدونية والسطحية.

تختلف عن كراهية النساء (Misogyny) في كونها لا تستهدف النساء فقط، بل كل من يُستقبل أو يُرى من الآخرين على أنه أنثوي، سواء رجال مثليين وبايسكشوال، أو ذوي تعبير أنثوي، والنساء العابرات جندريًا (ترانس)، والنساء اللاتي لا يتماشون مع الصورة النمطية للأنوثة.

مظاهر كراهية الأنوثة (Femmephobia):

  • التنمّر والسخرية من التعبير الأنثوي.
  • وصم المظهر الأنثوي بعدم الجديّة أو بالتفاهة أو عدم الانضباط.
  • تجريم التصرفات الأنثوية لدى الذكور قانونيًا واجتماعيًا.
  • لوم الأشخاص الأنثويين على تدهور صورة المثليين ومجتمع الميم.
  • لوم الأنثويين على العنف الذي يواجهونه من عنف جسدي وسجن وغيره، مثل “أنتم تعرفون رأي المجتمع، فماذا تتوقعون؟”.
  • العنف اللفظي والجسدي.
  • فرض العلاج القسري.
  • الإقصاء الأسري والاجتماعي.

كراهية الأنوثة (Femmephobia) داخل مجتمع الميم: عنف داخلي مكرر

رغم أن مجتمع الميم يناضل ضد القمع، إلا أن العديد من أفراده يعيدون إنتاج كراهية الأنوثة بأنفسهم. فيُقصى الرجال أصحاب التعبير الأنثوي والتعبيرات غير الرجولية التقليدية من دوائر المثليين والبايسكشوال والرجال مع الرجال، وتسخر بعض المثليات من النساء اللواتي يستخدمن المكياج أو يتبعن سلوكًا “أنثويًا”، ومن الرجال أصحاب التعبيرات الأنثوية.

تتكرر عبارات مثل: “نحن لا نريد أن نظهر بهذا الشكل”، أو “هؤلاء يسيئون لصورتنا”، وكأن قبول المجتمع للمثليين والكويريين مرهون بمدى اقترابهم من صورة الذكر القوي أو الأنثى النمطية.

حين تصبح الأنوثة جريمة

في كثير من البلدان في شمال أفريقيا والشرق الأوسط والعالم، يكفي أن تضع مكياجًا أو ترتدي ثوبًا ملونًا لتُعتبر مجرمًا.

تُستخدم الأنوثة كمؤشر على “الانحراف”، و”انعدام الرجولة”، و”المياعة”، ما يجعل الأفراد عرضة للاعتقال، والتحقير، والنبذ، والتعذيب، وحتى القتل.

وهذه القسوة لا تأتي فقط من المجتمع أو الدولة، بل أحيانًا من أقرب الدوائر من العائلة والأصدقاء والأحباب.

عن الذكورة التي تُبنى على رفض الأنوثة

تقول الكاتبة الكويرية بلير هوسكين: “تُبنى الذكورة على نفي الأنوثة. فالرجل لا يكون رجلاً إلا بمقدار ابتعاده عن كل ما هو أنثوي.” 

بهذا المعنى، تُختزل قوة الفرد في مدى انفصاله عن الأنوثة، ويُربط التعبير الأنثوي بالهشاشة أو الضعف، مما يُنتج عنفًا نفسيًا واجتماعيًا ضد كل من يُعبّر عن نفسه بحرية.

ويظهر هذا السلوك بشكل كبير بين الرجال الترانس والرجال المثليين خصيصًا، حيث يُبعدون أنفسهم عن الأنوثة تمامًا ويظهرون كراهية ورفضًا للأنوثة وكل ما يخص بدون أي داعي ومقدمات وذلك للتأكيد على أنهم ليس إناث أو ذوي تعبيرات أنثوية كما يفترض بعض أفراد المجتمع.

كراهية الأنوثة (Femmephobia) تقتل

هذا النوع من القمع لا يتوقف عند الإهانة أو التهكم. بل يقتل فعليًا.

  • يقتل الأنوثة في داخلنا، ويجعلنا نخجل منها.
  • يقتل إمكانيات التعبير والتعدد.
  • يدفع كثيرين نحو الانعزال، والاكتئاب، بل والانتحار.
  • يعزز كراهية الجسد والصوت والتصرفات والسلوكيات الطبيعية عند اللانمطيين وأصحاب التعبيرات الأنثوية.

ولا يقتصر القمع على حياة الشخص، بل يمتد إلى موته. فكثير من الأفراد الأنثويين الذين فارقوا الحياة لم يُرثوا كما يستحقون، بل جُرّدت هوياتهم وتم دفنهم بأسماء أو ملامح لا تمثلهم.

الأنوثة ليست نقيضًا للقوة

حان الوقت لنُعيد تعريف القوة. القوة ليست في الصخب أو القسوة، بل في الصدق، والشفافية، والقدرة على أن تعيش حقيقتك دون خوف. ليست الأنوثة ضعفًا، بل تعبير من تعبيرات التعدد الإنساني.

كيف نواجه كراهية الأنوثة (Femmephobia)؟

  1. الاعتراف بها: لا يمكن مقاومة ما لا نراه أو لا نسميه.
  2. تفكيك الذكورة السامة: خاصة تلك التي نُعيد إنتاجها نحن في مجتمع الميم وخاصةً بين الرجال المثليين والترانس.
  3. خلق مساحات آمنة للتعبيرات الجندرية الأنثوية والمتنوعة.
  4. الاحتفاء بالأنوثة كقيمة، لا كمصدر للعار، أو الخجل.
  5. العمل على الذات: لنسأل أنفسنا عن الصور النمطية والثقافات التي نحملها ونشربها من المجتمع الأكبر، ونعمل على تفكيكها وتغييرها.
  6. لن يتقبلنا المجتمع الأكبر لأننا نكره الأنوثة وأفراد مجتمعاتنا الأنثويين، بل سنخسر أنفسنا وأفراد مجتمعاتنا للكراهية.

كلمة أخيرة

الأنوثة ليست عيبًا، ولا عارًا، ولا سببًا للعنف. بل هي حق. والتعبير عنها — بأي صورة — يجب أن يكون مصونًا ومحترمًا. إن كنا نؤمن بحرية المثليين والترانس والكويريين، فلا بد أن تشمل هذه الحرية كل الألوان، وكل الهويات، وكل التعبيرات، ويجب أن ندافع عن كل الأشخاص وحقوقهم وحريتهم.

كراهية الأنوثة ليست فقط عنفًا ضد الآخر، بل خيانة للذات. ولن يكون هناك تحرر حقيقي دون تحرير الأنوثة من الخوف والعار والعقاب.

شروط الاستخدام

محتوى أطياف مرخص برخصة المشاع الإبداعي. يسمح بإعادة نشر المواد بشرط الإشارة إلى المصدر بواسطة رابط تشعبي، وعدم إجراء تغييرات على النص، وعدم استخدامه لأغراض تجارية.