أطياف
ملكية

الملكية الكويرية: قصص خفية من حياة ملوك وملكات لم يُكشف عنها

غالبًا ما تُصوّر الحياة الملكية على أنها مثالية، مملوءة بالترف والانضباط والرمزية. لكن ما لا تقوله السجلات الرسمية هو تلك الجوانب الحميمة والإنسانية من حياة الملوك والملكات، التي ظلّت حبيسة الجدران الخلفية للقصور. من هذه الزاوية، نسلّط الضوء على شخصيات ملكية تاريخية في أوروبا وأفريقيا، كانت لهم أو لهن تجارب أو ميول جنسية وجندرية تخرج عن التصورات النمطية، فيما يمكن وصفه اليوم بـ”الملكية الكويرية”.


ريتشارد الثاني: ملك إنجلترا الذي لم يُنجب وخالف التوقعات

تولى ريتشارد الثاني حكم إنجلترا بين عامي 1377 و1400، وكان محاطًا بالكثير من الشكوك حول ميوله الجنسية. ورغم زواجه من امرأتين، لم ينجب أي أطفال، ما أثار حيرة الحاشية والجمهور على حد سواء في زمن كانت فيه الوراثة عاملاً أساسيًا للاستقرار السياسي.

أشارت مصادر تاريخية إلى علاقته الخاصة مع روبرت دي فير، إيرل أكسفورد التاسع، حيث وصف المؤرخ توماس والسينغهام صداقتهما بأنها “فاحشة”، وشهدت درجة من الحميمية غير المألوفة. وعند وفاة دي فير، أمر ريتشارد بفتح نعشه، وقبّل يده ودقّق طويلًا في وجهه، في وداع مؤثر لصديق مقرب.


جيمس السادس والأول: الملك الذي لم يخفِ تفضيلاته

عرف جيمس السادس من اسكتلندا والأول من إنجلترا (1566–1625) بعلاقاته المثلية العلنية نسبيًا، رغم زواجه من الأميرة آنا الدنماركية، في زواج سياسي تقليدي. خلال حياته، أحاط جيمس نفسه بعدد من المفضلين من الرجال:

  • إسمي ستيوارت، دوق لينوكس: وُصفت علاقتهما من قبل الكالفينيين بأنها مفرطة في الحميمية.
  • روبرت كار، إيرل سومرست: عاش معه علاقة استمرت سنوات.
  • جورج فيليرز، دوق باكنغهام: أقرب المقربين إليه في أواخر حياته.

هذه العلاقات أثارت جدلًا كبيرًا، لكن لم تُخفَ، بل تركت أثرًا في سياسات البلاط وتوازنات السلطة.


موانغا الثاني: ملك بوغندا والصراع مع الاستعمار والمسيحية

في قلب أفريقيا، وتحديدًا في مملكة بوغندا (جزء من أوغندا الحديثة)، حكم الملك موانغا الثاني بين عامي 1868 و1903، وكان معروفًا بميوله الجنسية المزدوجة. كان له 16 زوجة من النساء، إلى جانب شركاء من خدم القصر الذكور.

مع دخول المبشرين المسيحيين وفرض رؤيتهم المعادية للمثلية، دخل موانغا في صراع سياسي وثقافي. وبلغت الأزمة ذروتها بعد رفض مفضّله السابق، موافي، مواصلة علاقته معه بعد اعتناقه المسيحية، مما تسبب في موجة من الغضب والإعدامات. وقد استُخدم هذا الفصل تاريخيًا لتبرير سياسات معادية للمثليين في أوغندا المعاصرة.


الأميرة إيزابيلا من بارما: حب ممنوع داخل البلاط الإمبراطوري

إيزابيلا من بارما (1741–1763) كانت أرستقراطية إسبانية وزوجة جوزيف الثاني، إمبراطور النمسا. عانت من صعوبات صحية ونفسية بعد عدة إجهاضات، لكن ما ميّز حياتها حقًا كان علاقتها العاطفية العميقة مع ماريا كريستينا، شقيقة زوجها.

عاشتا معًا حياة مزدوجة في القصر، وتبادلت العشيقتان أكثر من 200 رسالة مليئة بالعاطفة والشوق، ووصفت علاقتهما بـ”أورفيوس ويوريديس” في إشارة إلى الحب التراجيدي. بعد وفاة إيزابيلا، عاشت ماريا كريستينا في حزن عميق، يوازي حزن أخيها جوزيف.


التاريخ الكويري في البلاط الملكي

تكشف هذه القصص عن أن الهوية الجنسية والجندرية لم تكن حكرًا على الشعوب دون ملوكها، بل كانت جزءًا من حياة القادة أيضًا، رغم محاولات الإخفاء أو التشويه. فبدلًا من قراءة التاريخ فقط من منظور رسمي مغاير، يجب النظر في هذه الجوانب الخفية لفهم أكثر شمولية للإنسانية داخل القصور.

إن استحضار هذه القصص اليوم يعزز الفهم بأن الاختلاف ليس جديدًا، بل كان موجودًا عبر العصور، حتى في أكثر الأماكن سلطوية.

شروط الاستخدام

محتوى أطياف مرخص برخصة المشاع الإبداعي. يسمح بإعادة نشر المواد بشرط الإشارة إلى المصدر بواسطة رابط تشعبي، وعدم إجراء تغييرات على النص، وعدم استخدامه لأغراض تجارية.