أطياف

نظرة عامة وتاريخية حول السينما الكويرية

«السينما الكويرية» مُصطلح يُطلق على الأفلام الخاصة بمختلفي التوجهات الجنسية والهويات الجندرية.

بعدما تم إطلاق الفن السابع بسنوات قليلة سعى صانعي الأفلام في كسر المحرمات والخروج عن التابوهات المجتمعية وبدأ الحديث عن الأقليات الجنسية الموجودة منذ بداية البشرية.

ولكن الحديث كان يتم داخل الإطار الذي يُرضي الغالبية العظمى من المجتمع والذي يُسيطر عليه رُهاب المثلية.

وكذلك الحديث كان من وجهة نظر المغايرين جنسياً والتي كانت في غالبها نظرة يشوبها رهاب المثلية أيضاً أو قلة الوعي والإدراك بالتنوع الجنسي والتصوير تحت تأثير الصور النمطية والأفكار المغلوطة.

كانت السينما تصور المثليين/ات على إنهم/ن المُصححين/ات جنسياً، ويتم حصر المرأة المثلية داخل الطابع الرجولي والرجل المثلي داخل الطابع الأنثوي.

وهذا تسبب في أن غالبية المجتمع ينفُر حين يتم طرح موضوع المثلية وتم ترسيخ ثقافة مغلوطة عن مجتمع الميم تسببت في رفضهم لدرجة أن الموضوع قد يصل للعنف.

لم تكتفي السينما بأنها حرضت المجتمع ضد المثليين/ات بل جعلت المثليين/ات في حالة كُره لأنفسهم/ن و أعطتهم/ن الإحساس بالعار طول الوقت من ميولهم/ن الجنسية وهويتهم/ن الجندرية وإخفائها عن كل الناس.

كانت السينما تُظهر المثليين/ات إنهم/ن أشرار يجب كُرههم/ن مثلما جاء في الفيلم المصري «رشة جريئة» أو ضحايا يجب الإشفاق عليهم مثل فيلم «أسرار عائلية».

في غالبية الأفلام تكون نهايتهم الموت مثل فيلم «عمارة يعقوبيان» والذي أظهر الشخص المثلي ضحية اغتصاب في طفولته ونهايته كانت الموت لإعطاء الجمهور الذي يُعاني من رُهاب المثلية النهاية المُرضية والسعيدة.

ذكر أحد المثليين في تقرير قامت به BBC كان التقرير بعنوان «أنا مثلي»، قال:«الجمهور كان بيسقف لما المثلي اتقتل.»

أما فيلم «جنون الشباب» انتحرت بطلته المثلية في نهايته وفيلم «قطة على نار» أيضاً.

وكذلك الحال كان في «هوليوود» قبل حادثة «ستونوول» والذي حدث غضب عارم من مختلفي التوجهات الجنسية والهويات الجندرية ضد مداهمات الشرطة لحانة خاصة بمجتمع الميم.

حادثة «ستونوول» في ستينات القرن الماضي هزت العالم وبعدها عّلي صوت مجتمع الميم في أماكن كثيرة حول العالم وبدأت حملات التوعية والمطالبة بالحقوق والنضال ضد القوانين التي تُجرم التنوع الجنسي.

وعلى إثرها بدأت السينما تغير نظرتها تجاه مجتمع الميم وتخلع عنها ثوب النمطية، وقدمت «هوليوود» أول فيلم مثلي صريح كامل وهو The Boys in The Band عام 1970.

شهدت السبعينات أكثر من فيلم إيجابي بعضهم ترشح وحصد جوائز أوسكار، بعدها حصل انحدار في الثمانينات بعدما نظمت الكنيسة مقاطعات للأفلام اللي تتناول المثلية الجنسية بشكل أو بأخر.

بعد ظهور فيروس نقص المناعة المكتسب، رجعت السينما تُصدر الصور النمطية في فيلم Cruising عام 1980 والذي كان من بطولة «الباتشينو».

ولأن من قلب المحنة تولد المنحة فبدأت أفلام مستقلة ومنخفضة الميزانية في تناول المثلية الجنسية بشكل كامل وتقديمها بشكل مختلف تماماً و ذا ما تم تعريفه بـ«السينما الكويرية الجديدة».

بدأت هذه الموجة في التسعينات بفيلم My Own Private Idaho ووثائقي Paris is Burning والذي كان عن الـDrag Queens وغيرها من الأفلام والتي كانت في طابعها رداً على حالة الوصم والدونية التي كانت موجهة للمثليين من المجتمع وللومهم على فيروس نقص المناعة.

وفي آخر التسعينات أنتجت «هوليوود» خمس أفلام تُعبر عن مجتمع الميم بعد ما حققت الأفلام المستقلة نجاح باهر على رأسهم The Birdcage عام 1996.

وضمت التسعينات الفيلم الاستثنائي Philadelphia عام 1993 والذي يحكي معاناة شخص متعايش مع فيروس نقص المناعة لكن الفيلم كان محافظ في النقاط الرومانسية المثلية.

استمرت حالة الترهيب ونشر الأفكار المغلوطة والصور النمطية وانعدام الرومانسية المثلية حتى خرج Brokeback Mountain عام 2005 للنور وذلك كان بمثابة انتفاضة في السينما الكويرية على المستوى الفني والمجتمعي والذي كسر صور نمطية كثيرة وساهم في تغيير وفهم المغايرين للمثليين وأيضاً في نظرة المثليين لأنفسهم.

أما مؤخراً فانطلقت موجة جديدة لـ«السينما الكويرية الجديدة» والتي يسميها النقاد بـ«العصر الذهبي للسينما الكويرية» بأفلام مثل Blue is The Warmest Color عام 2013 والذي حقق انتشار في العالم كله وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وكذلك فيلم Carol عام 2015 وأحد أهم أفلام هذه الموجة هو فيلم Moonlight عام 2016 واللي أحدث ضجة كبيرة جداً، خاصة بعد فوزه بأوسكار أفضل فيلم أمام منافسة Lala Land.

أما سنة 2017 فكانت سنة حافلة بالأفلام الكويرية وضمت أفلام مهمة جداً في تاريخ السينما الكويرية مثل Call Me by Your Name وفيلم A Fantastic Woman وفيلم  120 Beats per Minute .

أما 2018 فيبدو أنها ستكون سنة أفلام Coming of age أو أفلام المراهقين والبلوغ والتي بدأت بأفلام مثل Freak Show وفيلم Saturday Church.

كما من المنتظر عرض فيلم Love, Simon وThe Miseducation of Cameron Post وBoy Erased.

بالمختصر المفيد عاوزين نقول إن السينما بتتأثر بالشارع والصوت العالي والتاريخ بيتغير وهيفضل يتغير طول ما في ناس بتكافح عشان تغيره للأفضل.

فعلوا صوتكوا وارفعوه عشان اللي بيصوركوا غلط وبيرسموا عنكوا صور نمطية يبطلوا، اعرفوهم انكوا موجودين، انكوا بتشوفوا وبتسمعوا كل مشهد وكل كلمة بتتقال.

تم نشر هذا المقال في العدد الأول من مجلة شباك.

شروط الاستخدام

محتوى أطياف مرخص برخصة المشاع الإبداعي. يسمح بإعادة نشر المواد بشرط الإشارة إلى المصدر بواسطة رابط تشعبي، وعدم إجراء تغييرات على النص، وعدم استخدامه لأغراض تجارية.