بداية العرض في المملكة المتحدة وتوقعات نقدية إيجابية
في 31 يوليو 2017، انطلق عرض الفيلم البريطاني God’s Own Country في صالات السينما بالمملكة المتحدة، وسط اهتمام متزايد من وسائل الإعلام والنقاد السينمائيين.
الفيلم الذي يُعد من أبرز الأفلام التي تناولت قصة حب مثلية بين رجلين في الريف البريطاني، يُتوقع أن يحقق نجاحًا كبيرًا على المستوى النقدي والجماهيري، خاصة بعد أن نال استحسانًا واسعًا في المهرجانات السينمائية الدولية خلال العام.
قصة الفيلم: رومانسية وسط الطبيعة القاسية
God’s Own Country هو الفيلم الروائي الطويل الأول للمخرج البريطاني فرانسيس لي، الذي كتب السيناريو أيضًا.
تدور أحداث الفيلم في منطقة يوركشاير الريفية شمال إنجلترا، حيث يعيش جوني ساكسبي، شاب يعمل في مزرعة عائلته المنعزلة، ويقضي أيامه بين العمل الشاق والوحدة والإفراط في الشرب.
تنقلب حياة جوني رأسًا على عقب حين يصل مهاجر روماني يُدعى جورغي للعمل مؤقتًا في المزرعة خلال موسم الحمل.
تنشأ بينهما علاقة عاطفية معقدة تتطور تدريجيًا من النفور إلى الانجذاب، ومن الصراع إلى الحميمية والتفاهم. يصور الفيلم هذه العلاقة بواقعية مؤثرة، ويستكشف من خلالها قضايا الانعزال، والهوية الجنسية، والمقاومة العاطفية في بيئة محافظة وقاسية.
تمثيل جريء وأداء لافت
نال الفيلم إشادة واسعة لأداء بطليه: جوش أوكونور في دور جوني، وأليكسي سيكيرانو في دور جورغي. قدّم أوكونور أداءً داخليًا معقدًا يعكس الصراع النفسي العميق لشخصيته، بينما أضفى سيكيرانو دفئًا وإنسانية على شخصية العامل الروماني. أظهر الثنائي تناغمًا مذهلاً على الشاشة، ما جعل من علاقتهما محورًا عاطفيًا مؤثرًا للفيلم.
كما لُقّب الفيلم بـ”Brokeback Mountain البريطاني”، إلا أن النقاد يرون أنه يحمل خصوصيته التي تميّزه عن غيره من أفلام الحب المثلية، حيث يتميز بنبرة أكثر واقعية وحميمية، مع تركيز أكبر على التفاصيل اليومية والانفعالات الداخلية.
تصوير شاعري للطبيعة والعزلة
برزت جمالية الفيلم أيضًا في تصويره البصري، حيث استعان المخرج بمشاهد طبيعية خلابة تعكس صلابة الحياة الريفية البريطانية.
استخدم الفيلم الإضاءة الطبيعية واللقطات الطويلة ليُظهر الانعزال الجغرافي كمرآة للانعزال العاطفي للشخصيات.
أوضح فرانسيس لي، في مقابلات صحفية، أنه استلهم الفيلم من تجربته الشخصية كابن لمزارع نشأ في الريف الإنجليزي، مما أضفى على الفيلم طابعًا صادقًا وخاصًا.
إشادة نقدية وجوائز دولية
قبل بدء عرضه التجاري، حصد “God’s Own Country” عدة جوائز مرموقة، من بينها جائزة أفضل إخراج في مهرجان صندانس السينمائي، وجائزة لجنة التحكيم في مهرجان برلين. كما أدرجه العديد من النقاد ضمن قائمة أفضل الأفلام لعام 2017.
أشادت صحيفة “الغارديان” البريطانية بالفيلم واصفة إياه بـ”إنجاز فني رفيع ودراما عاطفية صادقة”. كما ذكرت مجلة “فاريتي” أن الفيلم “يُجسد قفزة نوعية في تمثيل العلاقات المثلية في السينما الأوروبية”.
أهمية الفيلم للمثليين حول العالم
يُعد فيلم “God’s Own Country” إضافة مهمة إلى تمثيل مجتمع الميم في السينما البريطانية، حيث يطرح قصة حب بين رجلين دون الوقوع في الميلودراما أو السطحية.
ويُظهر الفيلم أن العلاقات المثلية ليست موضوعًا للجدل بقدر ما هي تجربة إنسانية تستحق الاحترام والتمثيل.
رغم أن الفيلم لم يُعرض في غالبية الدول العربية لأسباب رقابية، إلا أن متابعي السينما في المنطقة تابعوا أخباره ولقطاته عبر الإنترنت، ورأى كثيرون فيه خطوة فنية جريئة ومؤثرة تفتح الباب أمام مزيد من القصص الصادقة عن الحب والهوية.
فيلم يلامس الإنسانية بصدق
يمثل “God’s Own Country” أكثر من مجرد فيلم عن المثلية الجنسية، إنه عمل فني يتناول الحب، والعزلة، والتواصل الإنساني في أقسى الظروف.
من خلال أداء صادق، وإخراج حساس، وصور طبيعية تأسر العين، نجح الفيلم في إيصال رسالة قوية حول أهمية تقبل الذات والآخر.
في زمن تتعدد فيه الأصوات المعادية للتنوع، يُقدّم هذا الفيلم تذكيرًا حيويًا بقوة السينما في خلق مساحات للتمثيل، والتفاهم، والأمل.