أطياف
مثلية

مسلسل The Exorcist يثير الجدل بعد كشف الميول المثلية لشخصية الأب “ماركوس”

تمثيل جريء يواجه الكراهية

أثار الموسم الثاني من المسلسل الأميركي الشهير The Exorcist (طارد الأرواح الشريرة)، والذي يُعرض على شبكة Fox، جدلاً واسعاً بعد الكشف عن الميول المثلية لشخصية الأب “ماركوس كين”، أحد الشخصيات الرئيسية في العمل. هذا التطور الدرامي في القصة أثار استياء بعض المشاهدين المعادين للمثليين، ودفعهم إلى شن حملة انتقادات واسعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

لكن الرد لم يتأخر، حيث خرج مدير الإنتاج التنفيذي للمسلسل بتصريح صريح وواضح قال فيه: “إذا أفسد لكم وجود شخصية مثلية الجنس متعة المسلسل فهذا شيء يسعدني، أنتم لا تستحقون شيئًا جيدًا لكراهيتكم الآخرين”، مضيفاً: “إذا لم يتمكن كارهو المثليين من مشاهدة المسلسل مرة أخرى لوجود شخصية مثلية فهذا شيء جيد يُحسب لنا”.

الأب ماركوس: شخصية محورية بنضج نفسي وروحي

شخصية الأب ماركوس، التي يجسدها الممثل البريطاني بن دانييلز (Ben Daniels)، لطالما كانت من أبرز ركائز السلسلة منذ إطلاق نسختها الجديدة عام 2016. وقد طُرحت الشخصية بوصفها راهبًا شجاعًا يواجه الشرور الخارقة، ويعاني في الوقت ذاته من صراعات داخلية روحية ونفسية، ما أكسبه تعاطف الكثير من المشاهدين.

وفي الموسم الثاني، جاء التطور الكبير بكشف جانب من ماضي الشخصية، حين يتم التلميح بشكل واضح إلى انجذابه العاطفي والجنسي تجاه الرجال. جاء ذلك في مشهد إنساني عميق، يوضح كيف تعلّم ماركوس أن يقمع ميوله في سبيل التفرغ لحياته الدينية.

ردود فعل متباينة: بين الدعم والرفض

عقب بث الحلقات التي كشفت عن الميول المثلية لماركوس، انقسم الجمهور بين من اعتبر الخطوة جريئة وواقعية، وبين من رأى فيها “إقحاماً لأجندة”. وقد تركزت الانتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً من فئة المشاهدين المحافظين الذين لم يخفوا غضبهم من إدراج تمثيل كويري في مسلسل يصنف ضمن الدراما الدينية والرعب.

لكن في المقابل، تلقى المسلسل إشادات من نقاد التلفزيون ومنظمات الدفاع عن حقوق مجتمع الميم، مثل GLAAD، التي أثنت على الطريقة الإنسانية التي عولج بها موضوع المثلية في المسلسل.

التمثيل الكويري في أعمال الرعب: اتجاه جديد

تشير تقارير إلى أن تمثيل الشخصيات الكويرية في أعمال الرعب والتشويق بدأ يأخذ مساحة أكبر في السنوات الأخيرة. ويعود ذلك إلى إدراك صنّاع المحتوى أن هذه الأعمال تمتلك قدرة كبيرة على تناول قضايا الهوية والاضطهاد والخوف بطريقة رمزية.

في هذا السياق، يمكن اعتبار The Exorcist جزءاً من هذا التوجه الجديد، حيث يعكس القمع الداخلي الذي يعانيه الأب ماركوس واقعاً يعيشه الكثير من الأشخاص الكوير في المجتمعات المحافظة، وخاصة في الأوساط الدينية.

أهمية التمثيل الشامل في التلفزيون

بحسب تقرير GLAAD لعام 2017، فإن عدد الشخصيات الكويرية على الشاشات الأميركية في ارتفاع، إلا أن الكثير منها لا تزال في أدوار ثانوية أو نمطية. لذا فإن إدراج شخصية مثل الأب ماركوس، ذات أبعاد نفسية وروحية معقدة، يُعد خطوة إيجابية نحو تقديم شخصيات متكاملة وأكثر واقعية.

التمثيل الشامل لا يعني فقط وجود شخصيات كويرية، بل تقديمها بطريقة تحترم تعقيداتها وتجاربها دون تحويرها أو تحويلها إلى مادة للترفيه السطحي.

مدير الإنتاج يوضح الرسالة

في ردوده المتكررة على الانتقادات، أوضح مدير الإنتاج أن أحد أهداف المسلسل هو إثارة الأسئلة الأخلاقية والروحية، وليس فقط تقديم قصص رعب تقليدية. وأضاف: “لا يمكننا تجاهل حقيقة أن الكراهية لا تزال موجودة، ودورنا كفنانين أن نواجهها لا أن نرضيها”.

وأكد أن قصة الأب ماركوس ليست عن “المثلية الجنسية بحد ذاتها”، بل عن القمع والهوية الشخصية والسعي للسلام الداخلي.

الفن كوسيلة للتغيير

أظهر مسلسل The Exorcist في موسمه الثاني أن الفن يمكن أن يكون ساحة لمواجهة الكراهية والتعصب، وأن التمثيل الكويري في الدراما لا يقل أهمية عن أي تمثيل آخر. قصة الأب ماركوس قد تكون خيالية، لكنها تعكس واقعاً يعيشه الكثيرون يومياً.

وفي عالم تتزايد فيه الانقسامات، يصبح من المهم أكثر من أي وقت مضى أن يقدم التلفزيون نماذج متنوعة وشجاعة، مثل تلك التي شاهدناها في The Exorcist.

شروط الاستخدام

محتوى أطياف مرخص برخصة المشاع الإبداعي. يسمح بإعادة نشر المواد بشرط الإشارة إلى المصدر بواسطة رابط تشعبي، وعدم إجراء تغييرات على النص، وعدم استخدامه لأغراض تجارية.