عودة السلسلة الأشهر برؤية أكثر شمولًا
شهدت سلسلة الخيال العلمي الشهيرة “ستار تريك” (Star Trek) تطورًا كبيرًا في نسختها الجديدة “ستار تريك: ديسكفري” (Star Trek: Discovery)، حيث تم الإعلان رسميًا عن إدراج أول ثنائي مثلي الجنس بشكل صريح في تاريخ السلسلة الممتد لعقود.
في الموسم الأول من السلسلة الذي بدأ عرضه في سبتمبر 2017 عبر شبكة CBS All Access، نشهد لأول مرة شخصية الدكتور هيو كولبر (Hugh Culber) والطبيب على متن السفينة الفضائية، وهو في علاقة عاطفية مع بول ستاميتس (Paul Stamets)، عالم الفطريات وعضو طاقم “ديسكفري”.
خطوة تاريخية في عالم الخيال العلمي
لطالما عُرفت سلسلة Star Trek بمحاولاتها الريادية في تمثيل التنوع، بدءًا من تقديم أول قبلة بين شخصين من أعراق مختلفة على التلفزيون الأميركي في الستينيات، إلى إدراج شخصيات نسائية وقادة من خلفيات عرقية متنوعة. ومع ذلك، كان التمثيل الكويري غائبًا إلى حد كبير طوال عقود.
مع إصدار Star Trek: Discovery، يبدو أن صُنّاع المسلسل قرروا مواجهة هذا النقص من خلال تقديم شخصيتين مثليتين في علاقة واضحة ومتطورة، بعيدة عن النمطية أو الاستخدام الرمزي العابر.
تمثيل إيجابي وشخصيات متكاملة من المثليين
الشخصيتان بول ستاميتس وهيو كولبر ليستا مجرد إضافات سطحية، بل لهما أدوار جوهرية في الحبكة العامة، وتتناول السلسلة علاقتهما بشفافية واحترام دون تقليل من أهميتهما أو تقديمها في قالب مثير أو ترفيهي فحسب.
وقد عبّر العديد من النقاد عن تقديرهم لهذا التمثيل الكويري المتوازن، معتبرين أنه يقدم نموذجًا نادرًا لعلاقة مثلية ناضجة وعادية في آنٍ واحد، ما يُضفي على السلسلة بُعدًا إنسانيًا ومعاصرًا.
استجابة الجمهور والنقاد
لاقى هذا التغيير ترحيبًا واسعًا من جماهير السلسلة القديمة والجديدة على حد سواء، بالإضافة إلى إشادات من منظمات مجتمع الميم التي رأت في هذه الخطوة تقديرًا للتنوع وشجاعة في الطرح.
العديد من المتابعين عبروا عن فرحتهم بوجود شخصيات يمكنهم أن يروا أنفسهم من خلالها، خاصةً في نوعية أعمال غالبًا ما تتجاهل تمثيل الهويات الكويرية. كما أن ظهور علاقة بين رجلين على متن سفينة فضائية في المستقبل يعطي رسالة ضمنية بأن التنوع والقبول سيكونان جزءًا من مستقبل البشرية.
السياق الأوسع: التمثيل الكويري في التلفزيون
يأتي إدراج هذه الشخصيات ضمن موجة أوسع من التغيرات التي تشهدها صناعة الترفيه، حيث أصبحت الشركات والمنتجون أكثر وعيًا بأهمية التمثيل الشامل والمتنوع.
وبحسب تقرير صادر عن منظمة GLAAD لعام 2017، فإن عدد الشخصيات الكويرية في التلفزيون الأميركي قد ارتفع بشكل ملحوظ مقارنة بالسنوات السابقة، إلا أن الكثير منها لا يزال محصورًا في أدوار ثانوية أو نمطية.
دور الفن في ترسيخ قيم الشمول
مسلسل “ستار تريك: ديسكفري” لا يقتصر فقط على سرد مغامرات في الفضاء أو استكشاف كواكب جديدة، بل يطرح رسائل اجتماعية عميقة عن القبول، والانفتاح، والتنوع. وفي زمن تزداد فيه الخطابات الإقصائية والانقسامات، يبرز هذا النوع من التمثيل كمقاومة ناعمة ومؤثرة.
كما أن اختيار ممثلين من خلفيات مختلفة لأداء هذه الأدوار يضفي مزيدًا من المصداقية والقوة على الرسالة. إذ يلعب دور هيو كولبر الممثل ويلسون كروز، وهو نفسه مثلي الجنس، كما يُعرف بشغفه بالدفاع عن حقوق مجتمع الميم.
تطور مستحق لسلسلة أيقونية
إدراج أول ثنائي مثلي الجنس بشكل صريح في سلسلة “ستار تريك” يُعد خطوة تاريخية واستحقاقًا طال انتظاره في عالم الخيال العلمي. إنها لحظة تُؤكد أن الفن قادر على التغيير، وعلى خلق فضاءات آمنة ومتنوعة تعكس الواقع بكل تعقيداته وجمالياته.
في Star Trek: Discovery، لا يُنظر إلى الحب المثلي كشيء شاذ أو مختلف، بل كجزء من النسيج الطبيعي للحياة المستقبلية، كما ينبغي أن يكون في الواقع.